بعد تقدم الأسد ومقتل جنود أتراك.. هل يغامر أردوغان بالتصادم مع روسيا في سوريا؟
كتبت – إيمان محمود:
ما إن بدأ الجيش السوري عمليته العسكرية -التي طال تأجيلها- للسيطرة على إدلب وريفي حلب الغربي والجنوبي، حتى أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصريحات متتالية تنوعت بين التهديد والوعيد لمنع الرئيس بشار الأسد (المدعوم من روسيا) من السيطرة على المحافظة الحدودية التي تعجّ بالمُقاتلين المدعومين من تركيا، وأيضًا بقوات ونقاط مراقبة تابعة لأنقرة.
وخلال الأيام التالية، نجح الجيش السوري في بسط سيطرته على عشرات القُرى ومُعظم أراضي مدينة معرة النُعمان الاستراتيجية ثاني أكبر مُدن إدلب، والتي يؤمن دخولها كامل طريق حماة -حلب الدولي، وبالتالي فتح طريقا سريعا ومباشرا بين العاصمة السياسية دمشق والعاصمة الاقتصادية حلب.
إدلب هي آخر المعاقل الرئيسية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المُسلحة في سوريا، فلم يعد هناك محافظات أخرى يفرّون إليها، أبرز هذه الفصائل ما يُسمى بـ"الجيش الوطني السوري"؛ وهو تحالف لقوات معارضة مُسلحة تدعمه تركيا، التي قامت بإعادة تنظيمه فيما كان يُعرف سابقًا بـ"الجيش السوري الحر".
ويشنّ الجيش السوري منذ 19 ديسمبر الماضي، عملية عسكرية، للسيطرة على المناطق المُتبقية تحت سيطرة المعارضة، بغطاء جوي من روسيا التي تدعمه منذ 2015، وهو ما تسبب في قلب الموازين لصالحه بعد أن خسر مُعظم الأراضي لصالح فصائل المُعارضة المُسلحة.
أما تركيا فبدأت حربًا بالوكالة في سوريا منذ عام 2011، عندما كانت تدعم الجيش السوري الحر المُعارض، كما اتهمتها جهات عدة بدعم جبهة النُصرة (التابعة لتنظيم القاعدة) وأيضًا إيواء مقاتلي داعش الفارّين من سوريا، ثم بدأت تدخلها العسكري المُباشر في 2016.
اليوم، وبعد محادثات طويلة باءت بالفشل، وضع التقدم الأخير للأسد في إدلب كلا من الرئيس الروسي فلاديمير وبوتين، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في مواجهة حقيقية، فالأول يدعم حليفه السوري الذي أوشك على استعادة السيطرة على بلاده، أما الأخير فلن يتخلى عن المُقاتلين الذين باتوا مؤخرًا بمثابة جنوده.
روسيا تغلق معبرًا لتركيا
يوم السبت الماضي، أغلقت وحدة من الشرطة العسكرية الروسية أحد المنافذ غير الشرعية في الجدار الحدودي الإسمنتي الفاصل بين سوريا وتركيا، شمالي محافظة الحسكة.
وبحسب ما أفادت به وكالة "سبوتنيك" الروسية، فإن تركيا كانت فتحت منفذا في الجدار قرب قرية "خرزة" التي تتواجد فيها قوات من الجيش السوري، لتمرير دورياتها إلى الأراضي السورية، ووضعت بوابة حديدة عند المعبر قبل نحو أسبوع.
بدورها، عملت الشرطة الروسية على إغلاق الفتحة عبر شرائح إسمنتية ضخمة وإغلاقها بشكل كامل.
ومن المفترض أن تكون الخطوة الروسية بإغلاق المعبر غير الشرعي، قد أتت بهدف منع أي تحرك أحادي الجانب أو شنّ عمليات عسكرية جديدة على الحدود السورية- التركية.
تركيا تعزز وجودها
بالإضافة إلى حوالي 12 نقطة مراقبة تركية في الشمال السوري، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، السبت، بأن القوات التركية عمدت إلى استقدام معدات لوجستية وعسكرية مؤلفة من دبابات ومصفحات ونحو 20 جنديًا، إلى مدخل فرية كفرعميم الواقعة شرق بلدة سراقب، حيث تقوم بإنشاء نقطة عسكرية جديدة لها.
وقال المرصد إن النقطة ستكون عند مفرق كفرعميم ضمن ما يعرف بطريق أبو الضهور – سراقب، لتكون بذلك القوات التركية قد تمركزت بـ3 نقاط في محيط سراقب من الجهات الشمالية والجنوبية والشرقية.
وفي اليوم التالي، أعلن المرصد السوري، أن مئتي شاحنة وآلية عسكرية دخلت إلى محافظتي حلب وإدلب.
ووصف المرصد هذه التعزيزات بأنها "أضخم تعزيزات تستقدمها القوات التركية إلى المنطقة"، مؤكدًا استمرار تركيا في إدخال الأرتال العسكرية الأراضي السورية.
وأشار المرصد إلى أن معلومات تتردد عن احتمال إعلان أوتوستراد حلب – اللاذقية منطقة عسكرية من قبل القوات التركية، واصفًا الأمر بأنه "تصعيد تركي كبير مع الروس".
استهداف الأتراك.. وروسيا تبرر
بعد أن نشرت تركيا ثلاث نقاط مراقبة في محيط مدينة سراقب الاستراتيجية، ودفعها بتعزيزات عسكرية كبيرة نحوها، اندلعت اشتباكات بين الجيش السوري والقوات التركية.
صباح اليوم الاثنين، قالت وزارة الدفاع الروسية، إن الجيش التركي تعرّض لنيران القوات السورية لأنه "لم يُخطر موسكو بعملياته في إدلب".
وقال المركز الروسي للمصالحة في سوريا في بيان صباح اليوم، إن وحدات من القوات التركية تحركت داخل منطقة إدلب في ليلة 2 إلى 3 فبراير الجاري، دون إخطار الجانب الروسي، وتعرضت لإطلاق نار من القوات الحكومية السورية، استهدف الإرهابيين في غرب بلدة سراقب، وفق ما نقلته "روسيا اليوم".
وأسفر القصف السوري عن مقتل 5 جنود أتراك ومدنيًا وإصابة 7 آخرين، بحسب ما أعلنته وزارة الدفاع التركية.
أردوغان يردّ ويتوعد
وفي مؤتمر صحفي بمطار أتاتورك، قال أردوغان إن الجيش التركي ردّ على القصف الروسي، مضيفًا: "جيشنا قتل نحو 30 أو 35 جنديا سوريا حسب المعلومات الأولية، وسلاح المدفعية وطائرات إف- 16 التركية لا تزال ترد على قصف جنودنا في إدلب حتى اللحظة".
وأشار أردوغان إلى أن سلاح المدفعية التركية رد بـ 122 رشقة إلى جانب 100 قذيفة هاون على 46 هدفا للجيش السوري، وقال: "لا يمكن أن نصمت عن استشهاد جنودنا وسنواصل الرد".
وعبّر أردوغان عن تصميم أنقرة على مواصلة عملياتها في سوريا "من أجل ضمان أمن بلادنا وشعبنا وأمن أشقائنا في إدلب"، محذرا أن "من يختبرون عزيمة تركيا عبر هذه الهجمات الدنيئة سيعلمون أنهم يرتكبون خطأ كبيرا".
وتابع أردوغان مخاطبا روسيا: "لستم الطرف الذي نتعامل معه بل هو النظام السوري ونأمل ألا يتم وضع العراقيل أمامنا".
وأضاف أن الأجواء فوق منطقة إدلب لخفض التصعيد تراقبها القوات الجوية الفضائية الروسية باستمرار، وأن الطائرات الحربية التركية لم تخرق الحدود السورية، ولم تُسجل ضربات ضد مواقع القوات السورية.
تكذيب أردوغان
وبعدما أعلن أردوغان مقتل حوالي 35 جنديًا سوريًا على يد جيشه، أكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن "رد القوات التركية في ريف إدلب لم يسفر عن أي إصابة أو ضرر".
من جانبه، قال المرصد السوري المُعارض، إن ما قاله أردوغان، حول استهداف قواته لأكثر من 40 هدفا تابعا للجيش السورى، "غير صحيح"، بحسب "العربية الحدث".
وأضاف أن الاشتباكات بدأت عندما سيطرت قوات الجيش السوري علي قرية جوباس غرب سراقب، وحاولت التقدم باتجاه طريق حلب - اللاذقية، لتتحرك القوات التركية بنفس الاتجاه لمنع القوات السورية من دخول تلك المنطقة.
واستطرد: "جري استهداف القوات التركية من قبل الجيش السوري، وردّت القوات التركية بقصف عدة نقاط في منطقة مورك، كما استهدفت الجيش السوري من داخل لواء اسكندرون، بعدة صواريخ ولكن لم تستهدف طائرات تركية من طراز (إف 16) مواقع سورية ولم يحيدوا 45 هدفا".
أما روسيا، فأكدت ما قاله المرصد، مُشددة على أن "تركيا لم تنفذ ضربات جوية على مواقع الجيش السوري".
فيديو قد يعجبك: