قصة ناشطة إيرانية "عُذبت 1200 ساعة" لتعترف بأنها "جاسوسة"
كتب - محمد صفوت:
أفادت قناة "بي بي سي" الفارسية، اليوم الأربعاء، بتعذيب نيلوفر بياني، الناشطة الإيرانية في مجال البيئة، لمدة تجاوزت الـ1200 ساعة من قبل استخبارات الحرس الثوري الإيراني لتعترف قسرًا بـ"التجسس" لصالح الولايات المتحدة، والمتهمة ضمن مجموعة أخرى في قضية عرفت إعلاميًا بـ"موظفي منظمة البيئة الإيرانية" حسبما نقلت "العربية".
ويعود ملف موظفي منظمة البيئة الإيرانية إلى يناير عام 2018، حين ألقت استخبارات الحرس الثوري القبض على أعضاء مجموعة تابعة لمنظمة بيئية، وتم توجيه اتهامات إليهم باستخدام المشاريع والأبحاث البيئية قرب مراكز حساسة، كغطاء لجمع معلومات سرية.
وبعد نحو أسبوعين من اعتقال المجموعة، قالت السلطات إن أحد أعضائها وهو كاووس سيد إمامي، وهو ناشط بيئي وأستاذ معروف، انتحر في السجن.
وبحسب "بي بي سي" الفارسية، فإن الناشطة في مجال البيئة، أرسلت عدة رسائل إلى مسؤولين إيرانيين، تشكو فيها من إرغامها بالإدلاء باعترافات قسرية، إثر التعذيب التي تعرضت له على أيدي قوات تابعة لاستخبارات الحرس الثوري الإيراني.
عذبت لمدة 1200 ساعة
وفي إحدى الرسائل من بياني، التي تُعد المتهمة الثانية في ملف موظفي منظمة البيئة الإيرانية، قالت إنها عذبت لأكثر من 1200 ساعة وهي مدة التحقيق الذي أجري معها.
وتقول في تلك الرسالة، إنها شهدت أشد أنواع التعذيب النفسي والضرب والاعتداء الجنسي، وأجبرت على تقليد أصوات الحيوانات، وهددت من قبل عناصر الاستخبارات بإعطائها "حقنة" تؤدي إلى الشلل، حال رفضت الرضوخ والاعتراف بالجرائم التي أمليت عليها في التحقيقات.
وأضافت في رسائلها، التي نقلتها "بي بي سي" الفارسية، أنه خلال التحقيقات عرضوا عليها صورًا لجثة "أمامي" الذي زعمت السلطات الإيرانية، بأنه انتحر في السجن، وهددوها قائلين: "هذه هي نهايتك مع أفراد عائلتك إذا لم تنفذي کل ما نطلبه منك".
وكان قد توفي إمامي، في سجن "إيفين" سيئ السمعة في إيران، بعد يومين فقط من اعتقاله في فبراير 2018، فما اتمهمت عائلته مقتله إثر التعذيب الذي تعرض له.
وزعم القضاء الإيراني أن إمامي أستاذ علم الاجتماع، البالغ من العمر 65 عامًا، انتحر بسبب أدلة التجسس ضده، لكن عائلته ومعارفه والمدافعين عن حقوق الإنسان رفضوا هذا الادعاء دائمًا.
تهديدات بالاغتصاب
وكشفت بياني، في رسالة أخرى، عن الاسم المستعار الذي يستخدمه محقق الاستخبارات الإيرانية معها وهو حميد رضايي، وخوفها الدائم من تنفيذ التهديدات الجنسية والاغتصاب، التي کانت توجه لها.
وقالت في رسالتها: "لو عُرضت تسجيلات التحقيق، ستكشف عما كان يقوم به حميد رضايي، من معاملة قاسية معي حيث لا يزال جسمي يرتعد خوفا كلما ذُكر اسمه"، مضيفةً: "بسبب سلوكه غير الأخلاقي كانت تتملكني الرهبة کلما تأخر التحقيق إلى ساعات متأخرة من الليل، وكنت أکتب وأعترف بکل مايطلبه مني، خوفًا من الاغتصاب".
وكتبت في رسالة أخرى، أرسلت في 16 يناير 2019، إلى أحد رؤساء أقسام سجن إيفين، التي حقق معها به: "كنت أتعرض لأقذر الإهانات الجنسية لساعات طويلة من قبل فريق کبير من المحققين، حيث کانوا يرغموني على أن أشارك في أحاديث جنسية".
وبعد أيام قليلة، أرسلة رسالة أخرى إلى صادق آملی لاریجاني، رئيس القضاء الإيراني السابق، قالت فيها إن عناصر المخابرات أخبروها أنهم سيحاسبون القاضي إذا لم يصدر الحكم الذي يريدونه ضدها.
وتطرقت "بي بي سي" الفارسية، إلى رسالة أخرى، أرسلت إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في فبراير 2019، مفداها قيام 7 مسلحين باقتيادها من السجن إلى "فيلا" خاصة، في لواسان بالعاصمة الإيرانية طهران، لمواصلة التحقيق معها، وتعمدهم القيام بأعمال غير أخلاقية أمامها في المسبح بـ"الفيلا" وإجبارها على مشاهدة هذه السلوكيات بهدف استفزازها.
50 جلدة يوميًا
وفي إشارة إلى عدم جدوى شکاواها إلى المسؤولين، قالت بياني إن "کل من کنت أطلب منه المساعدة من المسؤولين تجاهلني، رغم أن الضغوط والتهديدات والتعذيب كان يتضاعف ضدي".
وكشفت الناشطة عن سائر الأساليب التي مُورست عليها أثناء الاعتقال، مثل التهديد اليومي بالإعدام والسجن الانفرادي لمدة بلغت 8 أشهر في زنزانة ضيقة للغاية، وجلسات تحقيق مرهقة تمتد من 9 إلى 12 ساعة يوميًا وهي واقفة، وإرغامها على الدوران حول نفسها بعينين معصوبتين.
كما قالت إنها كانت تتعرض باستمرار للشتائم الجنسية والألفاظ النابية، بالإضافة إلى قيام محقق آخر معمم كان يدعي بأنه مخول بالتعزير بأمر من حسين طائب، رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري، بتخييرها بين 50 إلى 70 جلدة يوميًا أو الاعتراف بما يطلبوه منها.
وأشارت "بي بي سي" الفارسية، إلى تصريح في أغسطس الماضي، نقلاً عن مصدر مطلع، بأن الناشطة في مجال البيئة، التقت بعباس جعفري، المدعي العام في طهران، وأبلغته أن اعترافاتها کانت تحت التهديد والتعذيب وغير حقيقية، إلا أنه قام بالتصديق على الاعترافات.
ولم تتم الاستجابة لمطالبة بياني، بعدم إصدار حكم ضدها بناء على اعترافات أخذت منها قسرًا أثناء التعذيب، وكذلك اعتمادًا على التقارير السرية الصادرة ضدها من الحرس الثوري.
أحكام بالسجن بتهمة التجسس
وأعلنت السلطات الإيرانية، أمس الثلاثاء، عن إصدار أحكام نهائية بالسجن تتراوح بين 4 و10 سنوات، بحق 8 ناشطين يعملون لدى منظمة البيئة الإيرانية بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة، وفق ما نقلته روسيا اليوم الإخبارية.
وقال المتحدث باسم السلطة القضائية في إيران غلام حسين إسماعيلي، إن محكمة الثورة الإيرانية اعتبرتهم متعاونين مع دولة معادية ضد الأمن القومي الإيراني.
وحكم على كل من مراد طاقباز ونيلوفر بياني بالسجن لمدة عشر سنوات واسترداد أموال كانا قد تلقياها من أجهزة الاستخبارات الأمريكية، كما حكم على موظفين آخرين هما هومن جوكار وطاهر قديريان بالسجن لثمانية أعوام، بينما حكم على الموظفين سام رجبي وحميدة كاشاني وأمير حسين خالقي بالسجن لستة أعوام، فيما صدر حكم آخر بالسجن 4 سنوات بحق عبد الرضا كوهباية بتهمة تنظيم تجمعات غير قانونية في البلاد.
فيديو قد يعجبك: