سلالة كورونا الجديدة.. هل اللقاحات لا تزال فعالة؟
كتبت- هدى الشيمي:
بعد أيام من الإعلان عن توفر لقاحات ضد فيروس كورونا المُستجد والذي أعطى انطباعًا للعالم بأنه أوشك على تنفس الصعداء بعد تفشي الجائحة التي أنهكته على مدار نحو عام، أفادت تقارير من بريطانيا وجنوب أفريقيا بانتشار سلالة جديدة من الفيروس تثير قدرتها على الانتشار القلق، غير أن خبراء الفيروسات يقولون إنه من غير الواضح ما إذا كان هذا التطور يشكل قلقًا بشأن اللقاحات أو يجعل المرض أكثر خطورة وفتكًا.
ماذا حدث؟
دقت حكومات أوروبية ناقوس الخطر عقب إقرار وزير الصحة البريطاني مات هانكوك بأن تفشي السلالة الجديدة خرج عن السيطرة، وأعلنت السلطات البريطانية رفع درجة التأهب الوبائي في العاصمة لندن وجنوب شرقي إنجلترا حتى أعلى مستوى.
انتشرت السلالة الجديدة من الفيروس المستجد بوتيرة سريعة في لندن وجنوب شرقي إنجلترا، وقالت منظمة الصحة العالمية إن السلالة نفسها رُصدت في عدة دول أخرى من بينها هولندا والدنمارك وأستراليا.
وقالت ماريا فان كيرخوف، خبيرة أمريكية متخصصة في الأمراض الطارئة المعدية ضمن برنامج الطوارئ الصحية والمدينة التقنية لمواجهة جائحة كورونا في المنظمة التابعة للأمم المتحدة، لـ"بي بي سي"، إن تلك الدول هي الدنمارك وهولندا وكذلك أستراليا حيث سجلت حالة إصابة واحدة بالسلالة الجديدة.
قال خبراء الفيروسات إن الفيروسات تتطور بشكل طبيعي أثناء انتقالها بين السكان، وهو ما يفسر حاجة العالم إلى لقاح جديد للإنفلونزا كل عام.
وتعد السلالة الجديدة أول تحور يشهده الفيروس المُسبب لمرض كوفيد-19 منذ اكتشافه لأول مرة في مدينة ووهان الصينية منذ ما يقرب من عام.
وفي أبريل الماضي، اكتشف الباحثون في السويد، تغيرين جينيين يبدو أنهما يجعلان الفيروس أكثر عدوى بمقدار الضعف. وقال الدكتور رافي جوبتا، الذي يدرس الفيروسات في جامعة كامبريدج بانجلترا، إنها أصابت حوالي 6000 حالة في جميع أنحاء العالم، معظمها في الدنمارك وانجلترا.
هل هي أشد فتكًا؟
أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، السبت، حزمة جديدة من القيود للتعامل مع السلالة الجديدة، مع التراجع عن نية لتخفيف القيود خلال فترة عيد الميلاد.
وقال مسؤولون رفيعو المستوى في قطاع الصحة ببريطانيا: "لا يوجد دليل على أن السلالة الجديدة من الفيروس أشد فتكًا أو أنها ستستجيب بشكل مغاير للقاحات، لكنها أثبتت أنها أشد عدوى بنسبة 70 في المئة".
ونتيجة لتفشي السلالة الجديدة، حظرت عدة دول في الاتحاد الأوروبي بعض الرحلات الجوية إلى المملكة المتحدة في محاولة للسيطرة على الأوضاع ومنع تفاقمها بالتزامن مع بدء إجازة عيد الميلاد.
هل لقاحات فعالة ضد السلالة الجديدة؟
قال وزير الصحة الألماني، أمس الأحد، إن خبراء الاتحاد الأوروبي يعتقدون أن اللقاحات ضد فيروس كورونا المستجد فعالة ضد السلالة الجديدة التي اُكتشفت في بريطانيا.
أوضح ينس سبان، الوزير الاتحادي للصحة في حكومة ميركل الرابعة، في تصريحات لقناة ZDF،:"وفقًا لما نعرفه حتى الآن فإن السلالة الجديدة ليس لها تأثير على اللقاحات، ما يعني أنها تظل بنفس القدر من الفعالية".
تأتي تصريحات سبان بعد محادثات أجراها مع خبراء في الوكالة الأوروبية للأدوية.
أشار سبان بشكل خاص إلى لقاح فايزر- بيونتيك، الذي جرى توزيعه بالفعله في العديد من الدول من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وعلى وشك الحصول على موافقة الوكالة الأوروبية للأدوية.
ومن المُقرر عقد اجتماع للاتحاد الأوروبي صباح اليوم الاثنين لبحث كيفية التعامل مع الأمر على نحو أكثر تنسيقا.
تسعى الصحة العالمية إلى معرفة المزيد عن السلالة الجديدة من خلال اتصال مع مسؤولين بريطانيين.
وقال كريس ويتي كبير مسؤولي القطاع الطبي: "أعتقد أن هذا الوضع سيزيد الأمور تعقيدا ، لكن هناك أمورا تبعث على التفاؤل ببدء حملة التطعيم، على فرض أن اللقاح فعال مع فصيلة الفيروس هذه أيضا".
ما المثير للقلق بشأن السلالة الجديدة؟
قال باتريك فالانس، كبير المستشارين العلميين في الحكومة البريطانية إن السلالة الجديدة تتحرك أسرع، وقد تصبح البديل السائد، وتسببت في حدوث أكثر من 60% من الإصابات بحلول ديسمبر.
وحسب خبراء بريطانيين وأمريكيين، فإن السلالة الجديدة تثير للقلق لأنها تحتوي على العديد من الطفرات، ما يقرب من عشرين، وبعضها على بروتين سبايك الذي يستخدمه الفيروس من أجل الالتصاق بالخلايا وإصابتها، وتستهدف اللقاحات الحالية هذا البروتين.
هل تقوّض السلالة الجديدة مناعة الأشخاص الذين تلقوا اللقاح بالفعل؟
استبعد منصف السلاوي، رئيس عملية "راب سبيد"، أن تؤثر السلالة الجديدة على اللقاحات المتاحة حاليًا. وقال، لشبكة سي إن إن: "حتى الآن، لا أعتقد أنه كان هناك سلالة واحدة (من الوباء) يقاوم اللقاح... لا يمكننا استبعادها (أي استبعاد هذه الفرضية)، لكنه ليست موجودة حالياً".
وأضاف السلاوي أن فيروس كورونا قد يميل إلى التباين، لأن عملية RNA التي يستخدمها الفيروس أكثر عرضة للأخطاء.
قال سكوت جوتليب، المسؤول في إدارة الغذاء والدواء الأمريكي (إف دي ايه)، إنه أمر مُستبعد.
ولا يعتقد الدكتور فيفيك مورثي مسؤول الصحة العامة المقبل في إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن أن تؤثر السلالة الجديدة على فعالية اللقاحات الحالية.
وأشار العديد من الخبراء إلى أن اللقاحات تساعد الجهاز المناعي على إنتاج استجابات واسعة النطاق تتجاوز بروتين سبايك.
قال نيلسون مايكل، رئيس قسم الأوبئة المعدية في مركز وولتر ريد العسكري التابع للجيش الأمريكي إن هناك دائما قلق من أن اللقاحات قد لا تعمل إن تحوّر (ظهرت سلالات جديدة) من الفيروس بصورة كبيرة.
ولفت مايكل إلى أن العلماء في وولتر ريد لا يزالون يتوقعون أن اللقاح الحالي سيكون فعالا ضد كوفيد-19، وقال: "هذا التحوّر لا يشكل تهديدا، ولكن لا يمكننا الجزم، ويلزمنا البحث أكثر".
فيديو قد يعجبك: