ما زال الأمل حاضرا في السودان بعد عامين من اندلاع ثورته
الخرطوم- (أ ف ب):
أشعلت زيادة أسعار الخبز في السودان قبل عامين فتيل انتفاضة قادت إلى إسقاط الرئيس عمر البشير، ورغم تعدد خيبات الأمل ما يزال السودانيون يتطلعون إلى غد أفضل.
ومن بواعث الأمل شطب السودان رسميا من القائمة السوداء الأمريكية للدول الراعية للإرهاب قبل أيام من ذكرى اندلاع الانتفاضة التي خلصتهم من نظام حكمهم 27 عاما عطّل خلالها البلاد وتسبب في أزمة اقتصادية خانقة.
جاء الإعلان عن ذلك في ظل صعوبات تواجه مسار الانتقال السياسي الذي يشهد تدهور العلاقات بين العسكريين والمدنيين الذين يتشاركون السلطة منذ صيف 2019. وتثير تلك التوترات مخاوف الخبراء لأنها تهدد بوأد الديموقراطية الهشّة في مهدها.
وتؤكد الناشطة رندا أحمد أنه "بعد عامين من بداية الثورة، نشعر بالتأكيد بخيبة أمل".
وتضيف الشابة البالغة 28 عاما، "نزلنا إلى الشارع لأننا أردنا إصلاح الاقتصاد ومحاكمة مجرمي النظام. لم يحصل ذلك بعد".
مهد الحركة النقابية
بدأ كل شيء في 19 ديسمبر 2018 في مدينة عطبرة الواقعة على مسافة 250 كلم شمال الخرطوم والتي تمثل مهد الحركة النقابية. خرجت فيها حينها تظاهرات احتجاجاً على زيادة السلطات أسعار الخبز ثلاثة أضعاف.
وانطلقت من عطبرة سابقا ثورات في عامي 1965 و1985.
وفي 25 ديسمبر 2018، بدأ "تجمع المهنيين السودانيين" تظاهرات يومية في الخرطوم رفع فيها شعار "تسقط بس".
كان المسار طويلا ودمويا أحيانا، على غرار ما حصل خلال تفريق اعتصام للمتظاهرين أمام مقر قيادة الجيش في 3 يونيو 2019.
لكن بعد عامين، ترى رندا أحمد أنه "رغم كل شي أثق في انتصار ثورتنا. سنتجاوز كل الصعاب ونشكل حكومة مدينة منتخبة ديموقراطيا".
تعاقبت على السودان منذ استقلاله عام 1956 ديكتاتوريات عسكرية طيلة 54 عاما، وتقوده اليوم سلطة مختلطة بين عسكريين ومدنيين تواصل أداء مهامها حتى الانتخابات المقرر إجراؤها نهاية 2022.
يقر القيادي في "قوى الحرية والتغيير" أحمد حضرة بأوجه القصور، لكنه لم يفقد الأمل.
يقول حضرة إن "الهياكل الحكومية لم يكتمل بناؤها، والمجلس التشريعي لم يشكل بعد، كما أن مسار تحقيق السلام مع الحركات المتمردة (دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق) بطيء".
لكنه يضيف مستدركا "رغم ذلك تتقدم الأمور، سيتحسن الاقتصاد مع إنهاء العقوبات على السودان".
خطر القطيعة
حتى اليوم، ما تزال الأزمة الاجتماعية والاقتصادية حادة، وفاقمها وباء كوفيد-19، إذ يشهد البلد معدل تضخم هائلاً ودينا يساوي 201 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
لكن أكثر ما يشغل حضرة هو السلطة التنفيذية الانتقالية، خاصة وأنه "لا توجد ثقة فعلية (بين العسكريين والمدنيين) ما يعيق تطبيق الاتفاق" بينهم حول تقاسم السلطة.
وجدد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك انتقاداته اللاذعة للجيش الاثنين، معتبرا أن مشاركته في الاقتصاد والقطاعات المنتجة أمر "غير مقبول".
قبل ذلك بخمسة أيام، هاجم قائد الجيش ورئيس "مجلس السيادة" الجنرال عبد الفتاح البرهان الحكومة المشكلة في أغلبها من مدنيين، وأثنى على دور الجيش.
واعتبر أن "الحكومة الانتقالية فشلت في تحقيق تطلعات الشعب" بعد عام من تشكيلها.
وتعتبر الأستاذة المشاركة بكلية الحقوق في واشنطن ربيكا هاملتون أن "القطيعة بين المدنيين والعسكريين خطر دائم وللتخفيف من حدته يجب أن يقدم الشركاء الدوليون دعما قويا للمدنيين".
ومع تواصل تدهور العلاقات بين البرهان وحمدوك، يرى الباحث في "معهد رفت فالي" إريك ريفز أن "القطيعة تزداد ترجيحا" خاصة مع اقتراب موعد تسليم العسكريين رئاسة "مجلس السيادة" للمدنيين في الربيع القادم.
من جهتها تعتبر الأمم المتحدة أن السودان يجتاز "لحظة حرجة".
وقالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة ريزيماري ديكارلو أمام مجلس الأمن في 8 ديسمبر إن السودان "يمكنه أن يحقق تقدما حاسما في انتقاله، لكن ما زال من الممكن أن يصطدم هذا التقدم بعدة تحديات".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: