أكراد العراق يستذكرون الروابط التاريخية مع إسرائيل بعد اتفاقات التطبيع مع دول عربية
أربيل- (أ ف ب):
كان للأكراد العراقيين والإسرائيليين قبل عقود عدو مشترك وما يعتبره البعض تجارب اضطهادات متشابهة... اليوم، يتابع الأكراد باهتمام خطى التطبيع المتسارع بين الدولة العبرية وأعدائها التاريخيين في الدول العربية.
ووقع كل من الإمارات والبحرين أخيرا اتفاقين لتطبيع العلاقات برعاية أميركية، وأعلنت السودان اتفاقا مماثلا. ويمثل ذلك انعطافا كبيرا في العلاقات بين إسرائيل ودول عربية كانت تعهدت من قبل بعدم إقامة روابط دبلوماسية مع إسرائيل قبل إحلالها السلام مع الفلسطينيين.
واتهم الأكراد مرارا بإقامة روابط مع إسرائيل، ووصفوا أحيانا بأنهم "عملاء" للإسرائيليين خلال كفاحهم من أجل الاستقلال. خلال الاستفتاء الذي أجري في كردستان العراق في 2017 من أجل استقلال الإقليم، ظهرت في التجمعات والتظاهرات والاحتفالات أعلام إسرائيلية.
ويقول حمداد نجات (38 عاما)، أستاذ اللغة الإنكليزية في عاصمة الإقليم أربيل، "تطبيع دول عربية مع إسرائيل أمر جيد". لكنه يضيف "يوجد رابط عاطفي بين الأكراد واليهود بسبب المظالم التي سلطت على كلينا".
ويتوزع الأكراد البالغ عددهم حوالى ثلاثين مليونا بين العراق وإيران وسوريا وتركيا، ويطالبون منذ أكثر من قرن بإقامة دولة خاصة بهم.
وعانى اليهود قرونا من الاضطهاد الى أن نجحوا بإقامة دولة إسرائيل عام 1948.
ومع تصاعد العداء بين العرب وإسرائيل، حاولت الدولة الفتيّة إقامة علاقات مع مجموعات غير عربية في الشرق الأوسط. ولاقت تجاوبا من الأكراد العراقيين الذين كانوا مثلها معادين للحكومة العراقية المركزية في بغداد.
وعملت إسرائيل على توفير دعم إنساني وعسكري للأكراد المتضررين من حملات الرئيس صدام حسين القاسية ضدهم في شمال البلاد خلال الثمانينات والتسعينات.
ومنذ أكثر من نصف قرن، غادر معظم اليهود العراقيين الخائفين من النزاعات والمشاكل في العراق، البلد عبر المنطقة الكردية الشمالية، الى إسرائيل.
كلما كان أسرع كان أفضل
ودعمت إسرائيل الاستفتاء حول استقلال الإقليم العراقي عام 2017، رغم أنه لقي معارضة من الولايات المتحدة الداعمة للأكراد ولإسرائيل.
وشارك الناشط الكردي نباز رشاد بحماس في الحملة من أجل الاستقلال آنذاك، ما تسبّب له بانتقادات من أصدقائه العرب العراقيين الذين اتهموه بالسعي الى تأسيس "إسرائيل ثانية في الشرق الأوسط".
وينظر رشاد البالغ 35 عاما اليوم إلى صفقات "التطبيع" بمرارة. ويقول لوكالة فرانس برس إنها تعكس "نفاقا خالصا".
مع ذلك، يعبّر عن أمله في أن تحقق تلك الصفقات استقرارا في منطقة مزقتها النزاعات لعقود.
ويضيف "علاوة على ذلك، أشعر ككردي بالأمل عندما تولد دولة أو يتم الاعتراف بها، يعطينا ذلك أملا في أن تكون للأكراد دولتهم".
ويعيش الأكراد العراقيون حاليا في ظل نظام حكم ذاتي له قواته الأمنية الخاصة ويدير حدود الإقليم مع إيران وتركيا وسوريا.
ويقول رئيس لجنة العلاقات الدولية في برلمان كردستان العراق ريبوار بابكي من جهته أن على العراق تطبيع العلاقات مع إسرائيل لتعزيز السلام في المنطقة. ويضيف "كلما كان ذلك أسرع، كان أفضل".
ويرى أن ذلك يمكن أن يساعد "الدول العربية في تطوير البحث العلمي والأكاديمي عبر برامج تبادل، باعتبار أن إسرائيل دولة رائدة في مجال البحث العلمي والتكنولوجي".
لكن لا يمكن لإقليم كردستان فعل ذلك بمفرده، إذ يعود القرار في سياسة البلد الخارجية إلى الحكومة العراقية المركزية.
ويضيف بابكي "في حال فتحت سفارة إسرائيلية في بغداد، ستفتح في أربيل قنصلية في اليوم التالي".
أفضل الأيام في الماضي
رغم ذلك، يرى المحلل السياسي هيوا عثمان أن تقارب إسرائيل مع أكراد العراق يبقى مستبعدا رغم الروابط التاريخية، لأن إسرائيل لم تعد بالأهمية نفسها بالنسبة الى الأكراد اليوم. فقد كان هؤلاء يسعون للتقارب منها من أجل التواصل مع القوة الدولية الأكبر، الولايات المتحدة.
ويوضح أن "الولايات المتحدة حاضرة اليوم في أربيل ولا يحتاج الأكراد إلى وسيط (للتواصل معها)، لذلك لا حاجة لهم لإقامة علاقة سياسية مع إسرائيل".
ويعتبر أنه على عكس البحرين والإمارات، على أكراد العراق الحفاظ على توازن حساس في روابطهم مع أنقرة وطهران اللتين لهما نفوذ هام في الساحة السياسية الكردية في العراق وتعارضان فكرتي الاستقلال والتطبيع مع إسرائيل.
ويقول الباحث في معهد واشنطن للشرق الأدنى بلال وهاب إن إسرائيل قد تعتبر الارتباطات مع الأكراد أقل أهمية مقارنة بالمكاسب الدبلوماسية التي حققتها.
ويضيف "بعد تطبيعها مع الإمارات والبحرين وفي طريقها للتطبيع مع السودان، تنظر إسرائيل الآن إلى السعودية وليس الأكراد".
ويخلص إلى أن "أفضل أيام تلك العلاقة توجد في الماضي، وليس في المستقبل".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: