"وزير خارجية الظل".. من رودي جولياني الذي يزعم تزوير انتخابات أمريكا؟
واشنطن- (بي بي سي):
زعم رودي جولياني محامي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حدوث عمليات تزوير في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وكرر جولياني في مؤتمر صحفي عقد في العاصمة الأمريكية واشنطن مؤخرا بعد رفض عدة قضايا رفعها فريقه في عدد من الولايات، الإدعاء أن الآلاف من بطاقات الاقتراع الإضافية قد وصلت في وقت مبكر جدا من الصباح إلى مركز لفرز الأصوات في ديترويت.
وقد وجدت وحدة تدقيق الحقائق في بي بي سي أن ملاحظات جولياني تستند إلى ادعاء إحدى العاملات في الانتخابات والتي زعمت أنها شاهدت شاحنتين كان من المفترض أن تجلبا الطعام ، لكنها تقول إنها "لم تر قط أي طعام يخرج منهما، ومن قبيل الصدفة تم الإعلان في الأخبار عن أن ميشيجان وجدت أكثر من 100 ألف بطاقة اقتراع بعد ساعتين من مغادرة آخر شاحنة ".
وقد تم رفض هذا الادعاء، ومزاعم أخرى، في حكم صدر في 13 نوفمبر الجاري حيث قرر القاضي أنها غير ذات مصداقية.
كما كرر الفريق القانوني للرئيس ترامب الذي يرأسه جولياني ادعاء الرئيس بأنه كانت هناك مشكلة في نظام التصويت المستخدم في بعض الولايات التي شهدت منافسة حامية مما أدى إلى تحويل ملايين الأصوات منه إلى منافسه بايدن.
وتقول وحدة تدقيق الحقائق في بي بي سي إنه لا يوجد دليل على ذلك، ولم يتم تقديم أي شيء من قبل الفريق القانوني للرئيس يثبت ذلك.
كما قال الرئيس ترامب وفريقه القانوني إن "أنظمة التصويت التي تنتجها شركة دومينيون مملوكة لليسار الراديكالي" ولها علاقات مع بيل وهيلاري كلينتون وسياسيين ديمقراطيين آخرين.
وقد نفت شركة دومينيون فوتينج سيستمز ذلك قائلة إنها شركة أمريكية غير حزبية وليس لها علاقات مع كلينتون أو مع رئيسة مجلس النواب الديمقراطية البارزة نانسي بيلوسي.
وقال الرئيس ترامب وفريقه القانوني إنه تم احتساب آلاف الأصوات لاشخاص هم في عداد الموتى في ولايات رئيسية.
وقد نظرت وحدة تدقيق الحقائق في بي بي سي في قائمة تضم 10 آلاف شخص في ولاية ميشيجان قيل إنهم ماتوا لكنهم صوتوا، وتم التوصل إلى أن هذه القائمة معيبة بشكل أساسي ولا يوجد دليل على تلك المزاعم.
جولياني وإيران والعالم العربي
وكان جولياني هو أول من صرح علنا بأن الرئيس الأمريكي سوف يُمزّق الاتفاق النووي مع إيران. وهو ما تم في شهر مايو عام 2018 ورافق ذلك إعلان عودة العقوبات المالية والاقتصادية على إيران.
وفي ما يتعلق بالعام العربي وتحديدا منطقة الخليج، أشار جولياني إلى أن شركته جولياني للأمن والسلامة وقعت عقدا مع وزارة الداخلية في البحرين للمساعدة في تدريب قوات الشرطة.
وقال في تصريحات صحفية: "إنهم تعاقدوا مع شركتي لتقديم استشارات أمنية لهم، مع التركيز بشكل خاص على الأشياء التي يبدو أنها ارتكبت من قبل الإرهابيين، وعلى وجه التحديد الأعمال الإرهابية التي ارتكبت في معظمها من قبل إيران أو وكلاء إيران".
"وزير خارجية الظل"
يرتبط بروز اسم جولياني بهجمات سبتمبر عام 2001 عندما تعرض برجا مركز التجارة العالمي في نيويورك لهجوم بطائرتين مدنيتين مختطفتين.
فقد كان جولياني عمدة نيويورك في ذلك الوقت، وقد حظي على الفور بالإشادة للعزم الذي أبداه كرد فعل على المأساة.
وقد وصفه المعجبون حينئذ بأنه "عمدة أمريكا" مما دفعه لمحاولة الفوز بدعم الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2008 ولكن فاز السيناتور الراحل جون ماكين بدعم الحزب الجمهوري حينئذ.
ولد جولياني في بروكلين في نيويورك عام 1944 وهو حفيد لجد إيطالي مهاجر.
وبدأ حياته المهنية محاميا، وعمل بشكل رئيسي لحساب الحكومة.
وكان من أبرز مسؤولي وزارة العدل في ظل إدارة الرئيس الراحل رونالد ريجان في الثمانينيات قبل عودته لنيويورك مدعيا عاما.
واستهدف جولياني كبار زعماء المافيا بمن فيهم رؤوس عائلات نيويورك الخمس حيث أعلن أنه سيسعى لمحوها، كما استهدف أيضا المضاربين الفاسدين في بورصة وول ستريت مثل إيفان بوسكي ومايكل ميلكين.
وكانت أول مرة ينافس فيها على منصب عمدة نيويورك عام 1989 عن الحزب الجمهوري وخسر السباق بفارق ضئيل في هذه المدينة الديموقراطية أساسا.
وفي محاولته الثانية عام 1993 فاز بالمنصب وهزم المرشح الديموقراطي المخضرم ديفيد دينكينز، وقد نجح في السيطرة على معدلات الجريمة في نيويورك التي عمل على فرض القانون فيها من خلال سياسة "صفر تسامح تجاه تطبيق القانون".
وقد شهدت تلك الفترة عشرات الآلاف من الدعاوى القضائية ضد ضباط الشرطة في نيويورك تتهمهم بممارسة انتهاكات.
غير أن معدلات الجريمة انخفضت، وهو الأمر الذي أرجعه منتقدوه إلى عوامل اجتماعية عديدة منها تحسن الوضع الاقتصادي.
وفي عام 1997 انتخب لفترة ثانية، غير أن القانون منعه من خوض الانتخابات لمنصب للمرة ثالثة.
وفي عام 2000 فكر في خوض انتخابات عضوية مجلس الشيوخ ضد هيلاري كلينتون لكنه انسحب لاحقا حيث واجهته ظروف الطلاق والإصابة بسرطان البروستاتا.
قيادة نيويورك
وكانت إدارته لاعمال الإنقاذ خلال هجمات سبتمبر وما بعدها قد جعلته بطلا في أعين الكثيرين فقد اختارته مجلة تايم رجل العام سنة 2001 كما منحته الملكة إليزابيث وسام فارس.
وبعد مغادرته منصبه في أواخر عام 2001 خاض غمار عمل استشاري ناجح بينما كانت له تطلعات سياسية.
وفي عام 2007 عرض نفسه كمرشح رئاسي باعتباره زعيما محافظا صارما حريصا على تطبيق القانون ولكنه ليبرالي في بعض القضايا الاجتماعية.
غير أن تركيزه على الفوز بدعم الحزب الجمهوري في الولايات الكبيرة على حساب ولايات أصغر مثل أيوا ونيوهامبشاير انتهى بنتيجة كارثية بالنسبة له فخرج من السباق بعد حلوله ثالثاً في فلوريدا فتحول إلى دعم السيناتور جون ماكين.
وكانت هناك شكوك في دعم المحافظين اجتماعيا لجولياني المؤيد لحق الإجهاض والسيطرة على السلاح فضلا عن أن علاقته بزوجته الثالثة كانت قد بدأت في وقت كان مايزال فيه متزوجا بزوجته الثانية، وهي كلها أمور تثير حفيظة المحافظين في الحزب الجمهوري.
التحقيق مع ترامب
وعاد اسمه إلى واجهة الأخبار باعتباره شخصية محورية في تحقيق المساءلة الذي أجراه مجلس النواب بقيادة الديمقراطيين ضد ترامب.
واتهم الديمقراطيون ترامب باستغلال سلطته لتحقيق مكاسب سياسية شخصية من خلال الضغط على أوكرانيا للتحقيق في عمل هانتر بايدن اثناء وجوده في مجلس إدارة شركة أوكرانية للطاقة.
وقال جولياني إنه التقى بمسؤولين أوكرانيين في مدريد وباريس ووارسو العام الماضي في إطار مساعيه لفتح تحقيق في عمل هانتر بايدن.
ومن أهم الأسئلة المطروحة هو من قام بتمويل رحلات جولياني بينما كان يسعى لنشر مزاعم لم يتم التحقق منها بأن بايدن حاول إقالة كبير المدعين الأوكرانيين آنذاك، فيكتور شوكين، لمنعه من التحقيق في أمر شركة طاقة كان ابنه هانتر يعمل فيها.
وقال جولياني في مقابلة مع رويترز: "لم يدفع أحد مصاريفي، ولا يهم إن كنت تقاضيت أموالا مقابل ذلك. المهم فعلا هو هل باع (بايدن) منصب نائب رئيس الولايات المتحدة".
واتهم بايدن جولياني بالترويج "لنظريات مؤامرة لا أساس لها".
كما قال روبرت كوستيلو محامي جولياني لاحقا إن جولياني اتصل بترامب ليؤكد له أنه كان يمزح عندما أبلغ وسائل إعلام بأن لديه "وثيقة لتأمين نفسه" في حالة انقلاب الرئيس الأمريكي عليه في فضيحة أوكرانيا.
وكان جولياني قال بالفعل إنه كان يسخر عندما أدلى بهذه التصريحات. كما تجاهلها ترامب أيضا وقال للصحفيين في المكتب البيضاوي "رودي شخص عظيم".
وبرز اسم جولياني أيضا في ما يتعلق بالسفيرة الأمريكية السابقة في أوكرانيا ماري يوفانوفيتش حيث ُيتهم جولياني بمحاولة تشويه سمعتها، أثناء إدارته سياسة خارجية أمريكية موازية تجاه أوكرانيا.
فيديو قد يعجبك: