"عقبات قانونية هائلة".. هل يشكل قضاة ترامب أزمة لتنفيذ أجندة بايدن؟
كتب- محمد صفوت:
يبدو أن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، سيواجه سلسلة من التحديات القانونية لجدول أعماله، ومجلس فيدرالي مجهز حديثًا بقضاة محافظين، عينهم دونالد ترامب الذي يصر على عدم الاعتراف بهزيمته.
وتحت عنوان: "أجندة بايدن تواجه تحديات قانونية من الجمهوريين وقضاة ترامب المتشككين" نشرت وكالة بلومبرج للأنباء، تقريرًا رصد التعيينات التي قام بها ترامب خلال ولايته في المحاكم العليا والفيدرالية، الذين يمكنهم وضع العراقيل أمام أجندة بايدن.
وتقول بلومبرج، إن المدعون العامون الجمهوريون سيقاضون مبادرات بايدن إن لم تعجبهم كما فعلوا في عهد أوباما، وكما فعل الديمقراطيون في عهد ترامب، وإذا حصد الجمهوريون الأغلبية في الشيوخ، وهم على بعد مقعد واحد بعد فوزهم بألاسكا ستكون المهمة شاقة على بايدن.
ويرجح أستاذ القانون الدستوري في جامعة وايدنر بولاية ديلاوير، جون كوهين، أن يواجه بايدن قيودًا قانونيةً ما يصعب تمرير أي إجراء تقدمي بسهولة.
تعيينات بالجملة
خلال فترة رئاسية واحدة، نجح ترامب ومجلس الشيوخ في تعيين ٢٢٠ قاضيًا فيدراليًا ما يمكن أن يظلوا في مناصبهم مدى الحياة، لعل أبرز تلك التعيينات شغل ٣ قضاة في المحكمة العليا الأمريكية؛ لتصبح الأغلبية من المحافظين بواقع ٦ قضاة إلى ٣ ليبراليين، كما نجح ترامب في ملء نحو ٣٠% من مقاعد محاكم الاستئناف الفيدرالية، فضلاً عن نحو ٢٥% من المقاعد في المحاكم الابتدائية بالمقاطعات.
تضمنت التغييرات التي أدخلها ترامب على المناصب بالقضاء، تغيير ٥ من أصل ١٣ قاضيًا فاعلاً في محكمة استئناف الدائرة الثانية في نيويورك، وهو أمر مهم لـ"وول ستريت"؛ لأنه يحكم في العديد من القضايا المتعلقة بالبنوك واللوائح المالية، و١٠ من ٢٩ قاضيا في محكمة ناينث ومقرها سان فرانسيسكو. الدائرة التي انتقدها ترامب منذ فترة طويلة على أنها لصالح اليسار.
ما تأثير هذا؟
يوضح الزميل البارز في مجموعة "PFAW" إليوت مينكبرج، وهي مجموعة مناصرة تقدمية في أمريكا، أنه من المحتمل أن يصبح للعدد الهائل من القضاة الموالين لترامب تأثيرًا على التشريعات والإجراءات التي تسعى إدارة بايدن لاتخاذها، مضيفًا أن ترامب حول نحو ثلاثة محاكم استئنافية في نيويورك وفيلادلفيا وأتلانتا من أصل ١٢، من أغلبية ديمقراطية إلى جمهورية.
وتابع أن هذه المحاكم ستستمر في جذب الجماعات التي تريد أفضل فرصة للحصول على أفضل فرصة لتلقى آذانًا صاغية من القضاة عندما تقاضي بايدن.
وأكد أن المحاكم التي كانت ذات غالبية ديمقراطية أصبحت بعد تعيينات ترامب ذات غالبية جمهورية، بما في ذلك دائرة العاصمة واشنطن، التي لها اختصاص في العديد من القضايا التي تتحدى الإجراءات الرئاسية وأنظمة الوكالة.
"قضاة ترامب"
هو مصطلح رفضه سابقًا رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، فيما يرى رئيس مجموعة المراقبة القضائية المحافظة، توم فيتون، أن هذا لا يعني أن قضاة ترامب، سيحكمون برفض مبادرات بايدن لمجرد أنهم لا يحبونها، موضحًا أنه إذا اتبع القواعد فسيكون قادرًا على تغيير السياسة، وهو ما يشكل قلقًا للمحافظين.
سيواجه بايدن معارضة شرسة من النواب العامين الجمهوريين في الولايات، الذين تقدموا بعشرات الطعون ضد إدارة باراك أوباما عندما كان بايدن نائبًا له، وعديد من هذه القضايا لا يزال القضاء ينظر فيها حاليًا.
على سبيل المثال لا الحصر، الإجراءات المؤجلة للقادمين في مرحلة الطفولة المعروفة بـ"داكا" التي منحت وضعًا قانونيًا مؤقتًا لمئات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين الذين قدموا إلى الولايات المتحدة قبل سن 16 عامًا.
وقال مايرون إيبيل من معهد المشاريع التنافسية، وهي مجموعة مناصرة تحررية عارضت السياسات التنظيمية والبيئية التي تهدف إلى إبطاء تغير المناخ: "سيكون هناك تقاضٍ جاد حول دستورية الأشياء التي سيحاول بايدن القيام بها والتي هي على جدول أعماله".
ووصف إيبيل، أجندة بايدن المناخية بالكبيرة، مرجحًا أن ترفع إدارة بايدن دعوى قضائية لتمرير أجندته المناخية.
وتقول بلومبرج، إنه في الوقت الذي سيتابع فيه الأمريكيون المحكمة العليا في قضايا مثل الإجهاض، فهناك قضايا جديدة لم تأخذ حقها إعلاميًا بعد منها ما يسميه المحامون: "احترام شيفرون" والذي يتطلب من المحاكم الإذعان لتفسير وكالة فيدرالية معقول لقانون غير واضح فوضه الكونجرس لها لإدارته، ما يوسع سلطات الرئيس، وأحد أبرز منتقدي الدعوى هو القاضي نيل جورسوش، الذي عينه ترامب لمنصب أعلى في 2017.
ماذا بعد وليام بار؟
من المعروف أنه لا يمكن لبايدن إقالة القضاة الذين عينهم ترامب لكنه يمكنه التأثير على نظام العدالة عبر الفرع الحكومي الذي سيسيطر عليه، إذ يمكن لبايدن تغيير المعينين السياسيين في وزارة العدل، خاصة لما تعرضت له تحت إشراف المدعي العام وليام بار من انتقادات بأنها مدينة بالفضل لترامب، وهو انتقاد يقول بار إنه ليس له أي أساس من الصحة.
ويقول جريج براور، الذي شغل منصب المدعي العام في نيفادا وكان مسؤولاً في مكتب التحقيقات الفيدرالية، إن آلاف المحامين المهنيين في الوزارة حريصون على العودة إلى تطبيق القانون بأقل قدر من التدخل السياسي.
ويقول بين ويدلانسكي المدعي الفيدرالي السابق في ميامي، إنه رغم تأثير ترامب الدائم على القضاء، فإن القضاة الذين عينهم لا يزالون أقلية، ويعتقد أن يختار العديد من القضاة الأكبر سنًا تولي مناصب أعلى، مما يسمح لهم بمواصلة النظر في القضايا في الوقت نفسه يفتح الطريق أمام بايدن لملء الأماكن الشاغرة بتلك المحاكم.
واختتمت بلومبرج تقريرها قائلة، إنه بالنسبة للتعيينات مدى الحياة فهي خطورة تقطع الطريق من الاتجاهين، مما يعزز الإرث القضائي للإدارة ولكنه يجعل القضاة مستقلين عن الرؤساء الذين عينوهم، ومن المؤكد أن هناك بعض الأحكام المفاجئة.
فيديو قد يعجبك: