"نطاق سري وإشعاع غامض".. شكوك حول الانفجار النووي بروسيا
كتبت- رنا أسامة:
قالت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية إن الحادث النووي الغامض الذي وقع الأسبوع الماضي على البحر الأبيض، أثار شكوكًا حول ما حدث ونوع السلاح المُستخدم فيه، كما دفع إلى مُقارنته بالكارثة التي وقعت عام 1986 في محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية، في ظل المعلومات المُتناقضة والمُتغيرة التي تُصدرها السلطات الروسية.
ووقع انفجار قاتل في 8 أغسطس الجاري بمِنصة بحرية لاختبار الأسلحة في شمال غرب روسيا، تسبّب في مقتل 5 خبراء نووين، وأدى إلى ارتفاع طفيف في مستويات الإشعاع، وإصدار السلطات أمرًا بإخلاء قرية قريبة ثم ألغته لاحقًا.
وفيما يلي تستعرض أسوشيتد برس ما نعرفه وما لا نعرفه عن الحادث الغامض في منطقة أرخانجيلسك الروسية:
نطاق اختبار سري
تحدّد نطاق اختبار الصاروخ في قاعدة بالقرب من قرية نيونوكسا، على بُعد حوالي ألف كيلومتر (615 ميلاً) شمال موسكو على البحر الأبيض وافتُتحت عام 1954، حينما كان البرنامج الصاروخي التابع للاتحاد السوفيتي لا يزال في مرحلته الأولى. وكانت بمثابة المحطة الرئيسية لاختبار مجموعة متنوعة من الصواريخ التي استخدمتها البحرية السوفيتية ثم الروسية منذ ذلك الحين.
ومن بين الصواريخ التي جرى اختبارها صواريخ مُضادة للسفن ومُضادة للطائرات من أنواع مختلفة، إضافة إلى صواريخ باليستية عابرة للقارات مُخصصة للغواصات النووية الروسية.
وأغلقت السلطات الروسية بشكل روتيني أجزاء من خليج "دفينا" في البحر الأبيض أمام الملاحة خلال اختبارات الصاروخ، وطلبت من سكان نيونوكسا البالغ عددهم نحو 500 شخص مغادرة منازلهم مؤقتًا، وهو إجراء عادة ما يستمر لبِضع ساعات في المرة الواحدة، كروتين وقائي خلال نشاط عسكري على ما يبدو.
وبالرغم من هذه المنطقة كانت محظورة على الغرباء، سُمح للسائحين الذين طلبوا الإذن المُسبق بزيارة نيونوكسا، حيث تقع كنيسة خشبية جميلة تعود إلى القرن الثامن عشر.
وترتبط القرية عبر خط سكة حديد بمدينة سيفيرودفينسك، التي يبلغ عدد سكانها 138 ألف نسمة وتقع على بُعد حوالي 30 كيلومترًا (19 ميلًا) إلى الشرق.
انفجار الصاروخ
ذكرت الوكالة أن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو أول من تحدّث عن وقوع انفجار، وقال في البداية: "انفجر صاروخ يعمل بالوقود السائل في 8 أغسطس وأسفر عن مقتل شخصين وإصابة 6 آخرين".
وقال في بيان إنه لم يتم إصدار أي إشعاعات، رغم أن إدارة مدينة سيفيرودفينسك سجلت ارتفاعًا في مستويات الإشعاع لمدة قصيرة- وهو تناقض أعاد التذكّر بمحاولات التعتيم والتغطية خلال حوادث الحقبة السوفيتية مثل تشيرنوبيل.
وبعد يومين من بيان وزير الدفاع الروسي، أقرّت الوكالة الاتحادية للطاقة الذرية الروسية "روساتوم" بأن الانفجار وقع على مِنصة بحرية خلال اختبارات لـ "نظام الدفع النفاث السائل لمحرك صاروخ يعمل بالوقود السائل"، وقتل 5 مهندسين نوويين وأصاب 3 آخرين. وما زال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الحصيلة مُجمعة أم تُضاف إلى القتلى والجرحى السابقين.
بعد ذلك، أغلقت السلطات الروسية خليج دفينا أمام عمليات الشحن جزئيًا لمدة شهر، فيما اعتبرت الوكالة "محاولة صريحة لمنع الغرباء من رؤية عملية لاستعادة حطام الصاروخ".
والاثنين، تم دفن المُهندسين الخمسة الذين لقوا حتفهم في الحادث بمدينة ساروف، وهي المدينة التي تستضيف مركز أبحاث الأسلحة النووية في روسيا.
مستوى الإشعاع
قالت إدارة المدينة في سيفيرودفينسك، التي تملك مرفأ ضخما للسفن يقوم ببناء غواصات نووية، إن مستويات الإشعاع ارتفعت هناك إلى 2 ميكروسيفيرت في الساعة- حوالي ضعف متوسط قراءة المنطقة- لمدة 30 دقيقة في 8 أغسطس. ثم عادت إلى متوسط المستوى الطبيعي البالغ 0.1 ميكروسيفيرت في الساعة.
وأصدر مسؤولو الطوارئ في المدينة تحذيرًا إلى كافة العاملين بالبقاء في منازلهم وإغلاق النوافذ. هرع السكان الخائفون لشراء اليود، والذي يمكن أن يساعد في تقليل المخاطر الناجمة عن التعرض للإشعاع.
وذكر تقرير لاحق صادر عن هيئة رصد الأحوال الجوية والبيئية في روسيا، إن ذروة قراءة الإشعاع في سيفيرودفينسك في 8 أغسطس بلغت 1.78 ميكروسيفيرت في الساعة في حي واحد فقط -حوالي 16 ضعف المتوسط. وبحسب التقرير، تراوحت قراءات الذروة في أجزاء أخرى من المدينة بين 0.45 و1.33 ميكروسيفيرت في الساعة. وعادت مستويات الإشعاع إلى طبيعتها بعد ساعتين ونصف الساعة.
وقالت السلطات إن الارتفاع الطفيف في مستوى الإشعاع لا يحمل أي مخاطر صحية. وكانت مستويات الذروة المسجلة أقل بالفعل من الإشعاع الكوني الذي يُمكن أن يتعرّض له ركاب الطائرة خلال الرحلات الطويلة أو الجرعات الإشعاعية التي يتعرض لها المرضى خلال بعض الفحوصات الطبية.
ولم تُسجل السلطات الروسية أي زيادة في مستوى الإشعاع منذ ذلك الحين. وقال مسؤولو الطوارئ المحليون أيضًا إن لم تسجل السلطات أي زيادة في الإشعاع منذ ذلك الحين. وقال مسؤولو الطوارئ المحليون إن العينات الأرضية التي تم أخذها من جميع أنحاء المنطقة لم تكشف عن أي أثر للتلوث الإشعاعي.
والاثنين، طُلِب من سكان نيونكسا مغادرة القرية لعدة ساعات، ما أثار مخاوف جديدة. لكن الأمر أُلغي سريعًا من قِبل الجيش الذي قال إنهم "ألغوا الأنشطة المُقامة في النطاق الذي كان يتطلب أمر الإخلاء الأولّي".
وقال حاكم منطقة أرخانجيلسك، إيجور أورلوف: "لا يوجد إخلاء"، وزعم أن بعض التقارير حول الحادث سعت إلى بث الذعر، بحسب الوكالة.
فيديو قد يعجبك: