"ظلام دامس ووجبة واحدة".. أوضاع الطبقة المتوسطة في فنزويلا تتدهور
كتبت- هدى الشيمي:
قالت شبكة "سي إن إن" الأمريكية إنه على مدار شهر مارس الماضي لم يذهب الأطفال في فنزويلا إلى المدارس أكثر من 10 مرات، مُشيرة إلى أن الأطفال يعانون كثيرًا بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
تشهد فنزويلا أزمة كبيرة وصراع على السلطة بدأت في يناير الماضي بعد أن نَصبَ خوان جوايدو نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد بدعم من واشنطن، وذلك على خلفية الاحتجاجات ضد الرئيس الشرعي، نيكولاس مادورو، ترتب عليها أزمة طاقة لم يسبق لها مثيل عقب انقطاع التيار الكهربائي عدة أيام ما ترك 70 في المئة من البلد بدون كهرباء، وأجبر الحكومة على إغلاق المدارس وتعليق العمل. وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن 15 من بين 23 ولاية فنزويلية عاشوا في ظلام دامس.
وحمّل الرئيس مادورو، واشنطن مسؤولية أزمة الطاقة التي تعرضت لها بلاده. وقال إن واشنطن تسعى إلى نشر الفوضى وتخريب البلاد.
في المقابل، أرجع جوايدو، زعيم المعارضة والرئيس المؤقت المُعترف به من قبل 50 دولة من بينها الولايات المتحدة، انقطاع التيار الكهربائي إلى ما وصفه بـ"فساد" حكومة مادورو وسوء الإدارة.
تقول يوميلي ليون، 51 عاماً، وهي أم لطفلة صغيرة تُدعى دانا، إن العائلة بأكملها اضطرت إلى البقاء في المنزل لمدة أسبوعين متواصلين، إذ توقفت حركة التعليم ولم يكن هناك وسائل نقل، كل ما كانت تعمله العائلات في ذلك الوقت هو الذهاب إلى المحلات التجارية والأسواق ثم العودة.
وأضافت: "عندما انقطع التيار الكهربائي عن البلد في مارس الماضي لأول مرة، شعرت دانا بالخوف".
ذكرت "سي إن إن" أن دانا مثل باقي الأطفال الآخرين الذين يخشون الظلام، ولا يتحملون العيش في مكان مُعتم.
اشتكت يوميلي ليون، والدة دانا، من الأوضاع الاقتصادية المتردية في فنزويلا، وقالت للشبكة الأمريكية إنه في بعض الأحيان يكون من الصعب الحصول على بعض السلع الغذائية الأساسية.
كذلك أشارت السيدة الفنزويلية إلى أن راتب زوجها لا يكفيهم، لذا اضطر الزوجان على العمل لساعات أطول من أجل توفير المال لشراء ما يحتاجون إليه.
عندما انقطع التيار الكهربائي عجزت يوميلي عن استخدام حسابها الإلكتروني، وهو الوسيلة الوحيدة التي يحصل بها الفنزويليون على المال اللازم من أجل شراء الطعام ودفع الفواتير. ولكنها تمكنت من تدبير أمور أسرتها بفضل الـ15 دولارًا التي كانت بحوزتها.
تقول يوميلي إن مديرها في العمل كان قد منحها 10 دولارات في سبتمبر الماضي كهدية عيد ميلادها، وهي ما أنقذتها هي وأسرتها من الانهيار والجوع.
حاولت أسرة دانا وغيرها من الأسر في فنزويلا قضاء وقت ممتع خلال فترات انقطاع التيار الكهربائي، فاجتمعوا في الأمسيات من أجل لعب بعض الألعاب مثل المونوبولي والليدو، حسبما نقلت "سي إن إن".
انهيار الأوضاع الاقتصادية في فنزويلا ألقى بظلاله على الأسر التي تنتمي إلى الطبقة المتوسطة، والتي من بينها أسرة دانا. قالت والدتها إنهم الآن باتوا أكثر حرصًا بشأن إنفاق المال، فتغيرت حياتهم كثيراً.
قبل عدة سنوات كانت أسرة دانا تذهب في رحلات سياحة، وذهبوا إلى إجازة في ولاية موناغاس لزيارة العائلة، وفي بعض الأحيان كانوا يقومون بعطلات في مدن شاطئية قرب العاصمة كاراكاس، وكانوا يذهبون في أيام الأحد إلى مطاعم لتناول وجبات لذيذة، ولكنهم توقفوا عن القيام بكل هذه الأشياء الآن.
عندما انهار سعر النفط في عام 2014، كانت الحكومة غير قادرة على الحفاظ على اقتصادها الاشتراكي القائم على المساعدات ومحاولة ضبط الأسعار، ما أدى إلى ارتفاع مُعدّل التضخم، ما جعل المواطنين غير قادرين على شراء السلع الأساسية والعادية.
وفي عام 2018، قدّر صندوق النقد الدولي حجم التضخم في فنزويلا إلى أكثر من مليون في المئة، ومن المتوقع أن تصبح الأمور أسوأ هذا العام، حسبما تُشير "سي إن إن".
على مدار الأشهر القليلة الماضية، اضطرت بعض العائلات في فنزويلا ومن بينها عائلة دانا إلى تخطي بعض الوجبات عدم مرات في الأسبوع. وتُشير يوميلي، والدة دانا، إلى أنهم يحاولون الاستيقاظ في وقت متأخر قدر الإمكان أيام الأحد حتى لا يتناولون الطعام أكثر من مرة.
قالت دانا للشبكة الأمريكية إن وجبتها المفضلة هي "الهامبرجر مع البطاطس المقلية"، ولكنها لا تتذكر متى أخر مرة تناولتها فيها.
أوضحت "سي إن إن" أن انهيار الاقتصاد في فنزويلا كان له تأثيراً كبيراً وصغيراً على العائلات. قالت يوميلي إن العديد من الأجهزة الكهربائية قد تلف بعد انقطاع الكهرباء، مثل الثلاجة وغسالة الأطباق والملابس، ولن يتحملوا تكاليف إصلاحها الآن، لذا باتت تغسل الملابس على يدها.
يقول مارسيل، والد الطفلة دانا، إنه وأسرته كانوا يعيشون حياة جميلة، إلا أن الظروف جعلتهم يغرقون في الفقر، ليس الفقر المادي فحسب ولكن الفقر الفكري أيضاً.
فيديو قد يعجبك: