بين الحل العسكري والالتفاف.. كيف تخرج أمريكا من مأزق "هرمز"؟
كتب – محمد عطايا:
أعلنت الولايات المتحدة يوم الاثنين إنهاء جميع الإعفاءات التي منحتها في السابق لثماني دول لمواصلة شراء النفط الايراني، ما يمكن أن يسبب خللًا في سوق النفط العالمي.
جاء في بيان للبيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب ينوي بذلك التأكد من أن صادرات النفط الايراني ستصبح "صفرًا"، وبالتالي حرمانه من مصدر دخله الأساسي.
وسيؤدي قرار الولايات المتحدة إلى توقف الصين والهند وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وايطاليا واليونان عن شراء نفط طهران.
وتعول الولايات المتحدة على السعودية لسد العجز الذي سيخلفه غياب إيران عن السوق النفطي، وذلك حسبما قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران، براين هوك.
وأكد هوك في تصريحات لـ"مصراوي"، على هامش مؤتمر صحفي عقده عبر الهاتف، الثلاثاء، أن أمريكا والسعودية تتفقان على أن إيران تهدد أمن واستقرار المنطقة، وبخاصة الشرق الأوسط، ومن ثم فإن الرياض شريك هام لواشنطن في عملية إعادة الاستقرار.
تطورت الأوضاع في مؤخرًا، وهدد الحرس الثوري الإيراني، الذي صنفته الولايات المتحدة منظمة إرهابية، بإغلاق مضيق هرمز أمام حركة التجارة في الخليج العربي، حال تعرضت الولايات المتحدة لطهران في تلك المنطقة.
وقال وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، إن بلاده ستواصل تصدير النفط عبر مضيق هرمز، مهددًا أمريكا بتحمل عواقب محاولة منع إيران من ذلك.
قال المتحدث باسم القيادة الوسطى الأمريكية العقيد إيرل براون، إن مياه مضيق هرمز في الخليج العربي مياه دولية بامتياز، وأن أي تهديد بغلقه سيؤثر على مسار الملاحة التجارية الدولية وليس فقط الإقليمية.
وأضاف براون في تصريحات أوردتها قناة (الحرة) الأمريكية اليوم الأربعاء، أن الولايات المتحدة وحلفاءها ملتزمون بحماية حرية الملاحة البحرية ومسار القنوات التجارية العالمية في المنطقة، وبالتالي فإن لدى القوات الأمريكية وشركائها الجهوزية المطلوبة للرد على أي عمل عدائي.
هل تستطيع إيران إغلاق المضيق؟
يقع مضيق هرمز بين كل من إيران وسلطة عمان، ودولة الإمارات العربية، بعرض حوالي 50 كم، كما يفصل بين مياه الخليج العربي ومياه خليج عمان من جهة، وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى.
وبحسب "بي بي سي" فإن حوالي 40% من إنتاج النفط العالمي يمر عبر هذا المضيق، بينما تصدر إيران انتاجها كاملا من خلاله، أما المملكة العربية السعودية فإن 88% من انتاجها يمر عبر هذا الممر المائي، والإمارات 99%، فضلًا عن العراق التي تصدر النفط بنسبة 98% عبر مضيق هرمز، و100% لقطر.
وقالت إيرينا تسوكرمان، الباحثة في الشؤون الأمنية، إن المضيق يعد ممرًا مائيًا استراتيجيًا أساسيًا للتجارة الدولية للعديد من البلدان، ولهذا السبب، تستخدم إيران التهديد بإغلاقه كوسيلة للضغط كلما شعرت بالضغط من الولايات المتحدة عليها.
وأكدت تسوكرمان، في تصريحات لـ"مصراوي"، أنه برغم أهمية المضيق الاستراتيجية الفائقة إلا أنه ضيق للغاية، وبالتالي فهو أكثر ملائمة للسفن الخفيفة الصغيرة التي تمتلكها إيران، ما يمكنها من بسط سيطرتها على المنطقة، نظرًا لأن واشنطن تمتلك آليات عسكرية ضخمة، لن تقدر على اختراق المكان.
المحلل السياسي الأمريكي ذا الأصول الإيرانية، رضا بارشيزادة، يرى أن طهران تستطيع بسهولة إغلاق المضيق من خلال وضع الألغام البحرية، واستخدام زوارق الحرس الثوري المسلحة، والسفن الحربية البحرية للقيام بدوريات في المياه على طول المضيق.
وقال بارشيزادة، في تصريحات لـ"مصراوي"، أن السؤال الأهم يكمن في مدى إمكانية إبقاء المضيق مغلقًا لفترة طويلة من الزمن، خاصة في ظل التحذيرات الأمريكية بعمليات عسكرية حال صعدت إيران.
أيضًا، ترى الباحثة في الشؤون الأمنية الأمريكية، أنه على المدى الطويل، إذا فشل التحالف العربي في وقف تقدم الحوثيين داخل اليمن، فتتمكن إيران من بناء قاعدة بحرية، وبالتالي خلق وجود عسكري كافٍ لخلق أزمات طويلة الأمد في مضيق هرمز.
هل توجد منافذ أخرى؟
يتحكم المضيق الضيق في حركة التجارة، ولكن تهديدات إيران المستمرة في غلق هرمز، جعلت الولايات المتحدة تلجأ إلى توقيع اتفاقية "الموانئ الاستراتيجية" مع سلطنة عُمان، في مارس الماضي، ما سيمنحها تسهيلات أكبر في منطقة الخليج، باستغلال ميناء الدقم، كما ستحد من الحاجة لإرسال السفن عبر مضيق هرمز قبالة ساحل إيران.
وترى الباحثة الأمريكية في الشؤون الأمنية، أن إبرام أمريكا الاتفاقية مع عمان، لم يكن فقط لفتح طرق تجارية إضافية، ولكن لردع الوجود الإيراني، نظرًا لأن طهران استخدمت ميناء الدقم لتهريب أسلحة إلى الحوثيين مؤخرًا هناك.
ومع ذلك، فإن ميناء الدقم يمكن أن يكون ممر جديد للتجارة غير هرمز، ولكن لعب عمان دور مزدوج، والسماح لإيران بتهريب الأسلحة للحوثي، سيجعل المنطقة في صراع بين طهران وواشنطن، وهو ما يضر بالمصالح التجارية.
فيما أكد المحلل السياسي الأمريكي، أنه لا توجد وسيلة بحرية للخروج من الخليج سوى مضيق هرمز، ولكن الحل الأقرب بالنسبة للدول العربية، يكمن في حفر خط أنابيب كبير ينقل النفط من حوض الخليج إلى البحر العربي أو البحر الأحمر.
على أي حال، إذا حاولت إيران إغلاق المضيق، فلن تتخذ الولايات المتحدة وحلفائها موقف سلبي، وهو ما يعني أنه سيتم إعادة فتح المضيق بطريقة أو بأخرى.
فيديو قد يعجبك: