سياسة رحيمة وقيادة حكيمة... تصاعد شعبية أردرن في نيوزيلندا والعالم
ولينجتون - (د ب أ):
بينما وجدت نيوزيلندا نفسها الأسبوع الماضي تُقذَف من جنة هادئة إلى نار الإرهاب، ظهرت رئيسة وزراء البلاد جاسيندا أردرن كشخصية لتوحيد المجتمع.
وقالت أردرن عن ضحايا الهجوم الإرهابي الذي نفذه مسلح أعلن تأييده لأيديولوجية تفوق البيض ،حيث اقتحم مسجدين وأطلق النار ليقتل 50 شخصا ويصيب عشرات آخرين :"نيوزيلندا هي وطنهم .. هم ونحن كيان واحد".
وفي أعقاب الهجوم الإرهابي الذي وقع يوم الجمعة الماضي ، حازت أردرن 38 عاما على إشادات تكاد تكون عالمية من جانب النيوزيلنديين أنفسهم ومن غيرهم حيث أثنوا جميعا على قيادتها فى خضم الأزمة حيث وقفت كشخصية قوية مفعمة بالعطف والشفقة.
كما ذكرت أردرن :"لم نكن مستهدفين لأننا ملاذ آمن لأولئك الذين يكرهون. لم يتم اختيارنا لمثل هذا العمل العنيف لأننا نتغاضى عن العنصرية، أو لأننا جيب للتطرف. لقد تم اختيارنا لأننا لا شيء من هذه الأشياء ، لأننا نمثل التنوع ، والرفق والشفقة".
وأضافت:"وهذه القيم لن ولا يمكن أن تهتز بسبب هذا الهجوم".
وفي أول لقاء لها مع المجتمع المسلم في بلادها يوم السبت، ارتدت أردرن حجابا أسود اللون واحتضنت الأسر الحزينة.
وقالت أردرن للأسر الحزينة "نحن نشعر بما حدث لكم بعمق في قلوبنا. نشعر بالحزن. نشعر بالظلم. نشعر بالغضب. ونشارككم ذلك" .
كما سعت أردرن سريعا لترجمة مشاعرها إلى أفعال. وتعهدت بتغيير قوانين حيازة السلاح في البلاد خلال 10 أيام بعد الهجوم.
وتواجدت أردرن في كرايستشيرش اليوم الأربعاء للقاء طواقم الإغاثة والمسؤولين المسلمين وطلاب مدرسة فقدت اثنين من طلابها في الهجوم.
وقالت أردرن إنه لا يزال يتم الإعداد لإقامة مراسم تأبين في كرايستشيرش. وأضافت أنه :"على الرغم من أن المراسم سوف تقام في كرايستشيرش، إلا أننا نريد مشاركة نيوزيلندا كلها".
ومن ناحية أخرى، تم إبداء الرغبة في إظهار الدعم للمسلمين لدى عودتهم للصلاة في المساجد، خاصة يوم الجمعة. وقالت أردرن :"من أجل تحقيق ذلك، سوف نقف دقيقتين حدادا يوم الجمعة. كما سوف نذيع الصلاة على التليفزيون الوطني".
وقال المعلق السياسي برايس إدواردز لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ):"لقد كان تعاملها مع فظاعة العمل الإرهابي في كرايستشيرش رائعا للغاية".
وأضاف إدواردز :"على الرغم من وجود شكوك فى السابق بشأن خبرة وقدرات أردرن، إلا أن هذه التساؤلات لاقت ردود فعل تفوق الإجابات المطلوبة خلال الأيام الخمسة الماضية".
وأضاف إدواردز أن أردرن كانت حساسة لكنها قوية، وهو ما "ينم عن ذكائها العاطفي غير العادي ومهاراتها القيادية الطبيعية".
وعلى الصعيد الدولي ،وخاصة في العالم الإسلامي، تزايد صيت أردرن في أعقاب الهجوم.
وأشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأردرن في تعليقات نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، قائلا :"يجب على جميع القادة الغربيين أن يتعلموا من شجاعة وقيادة وصدق رئيسة وزراء نيوزيلندا ،جاسيندا أردرن، لاحتضان المسلمين الذين يعيشون في بلدانهم".
وفي عام 2017 ،كانت أردرن نائبة في حزب معارض متعثر . وقد تولت منصب زعيمة حزب العمال بعد سبعة أسابيع من انتخابات سبتمبر 2017 ، وأسرت بما تتحلى به من "إيجابية لا هوادة فيها" جمهور الناخبين في نيوزيلندا .
وقبل ستة أيام من توليها منصب رئيس الوزراء، اكتشفت أردرن أنها تنتظر طفلها الأول مع شريكها كلارك جيفورد، وهو مقدم برنامج تلفزيوني لصيد الأسماك.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت أول زعيمة سياسية تضع طفلا أثناء وجودها في السلطة منذ عام 1990، وصارت أول زعيمة في العالم تحضر اجتماعا للجمعية العامة للأمم المتحدة ومعها طفل رضيع.
وقد عرضت في الآونة الأخيرة نهجها الذي يرتكز على السياسة ذات القيادة الرحيمة على الساحة العالمية في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
وقالت أردرن:"آمل أن يأتي القادة الآخرون لرؤية أوضاع سياسية محلية أكثر تراحما كبديل للوعود الزائفة بالحمائية والعزلة".
وتعرف أردرن بالدقة والأناقة، وتتمتع بروح الدعابة، وتقودهها عواطفها فيما يتعلق بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. وقد نشأت في العائلة المورمونية الوحيدة في بلدة صغيرة، وتصف نفسها بأنها مثالية براجماتية.
فيديو قد يعجبك: