ساعد على تجنيد مئات الأجانب.. مَن "صوت داعش" الأبرز؟
كتبت- هدى الشيمي:
منذ أكثر من أربعة أعوام ونصف، طلب مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي من الجميع مساعدته على التعرف على رواي أحد أشهر مقاطع الفيديو التي نشرها تنظيم داعش، والذي يظهر فيه أسرى من الجنود السوريين يحفرون مقابرهم بأيديهم، ثم يُطلق النار على رؤوسهم. كان الراوي يتحدث اللغة الانجليزية بلكنة أمريكا الشمالية، وأدى دور الراوي في عدد لا يُحصى من مقاطع الفيديو الأخرى، وكذلك عمل في البث الإذاعي الخاص بالتنظيم الجهادي.
وبعد سنوات، تم الكشف عن هوية راوي داعش، الذي يُدعى محمد خليفة (35 عامًا)، وتمكنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة من أسره الشهر الماضي، بعد أن كان صوته السنارة التي اصطاد بها التنظيم المتطرف مئات الأجانب، وكان الوسيلة التي اقنعتهم بضرورة الالتحاق بصفوفه.
وتحدث خليفة، في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عن روايته لمقطع الفيديو المعروف باسم "نيران الحرب". وأوضح أنه كان يعمل موظفًا لدى وزارة الإعلام التي عملت لصالح التنظيم المتطرف، والتي كانت مسؤولة عن نشر لقطات ومقاطع فيديو وصور تهدف إلى إثارة الرعب في نفوس الجميع، مثل فيديو قطع رأس الصحفي الأمريكي جيمس فولي، أو حرق الطيار الأردني مُعاذ الكساسبة.
حسب نيويورك تايمز، فإن فيديو "نيران الحرب" الذي صدر في 19 سبتمبر 2014، كان بمثابة نقطة تحول لداعش، لاسيما وأنه جاء بعد أقل من ثلاثة أشهر من إعلان التنظيم تأسيسه خلافته المزعومة، كما أن مقاطع الفيديو التي كانت تنشر قبله كانت أقصر وأقل جودة.
"لست نادمًا على شيء"
يقبع خليفة الآن في أحد السجون في شمال شرق سوريا، ويؤكد أنه لا يشعر بالندم على أي شيء فعله، ويقول لنيويورك تايمز: "خلال الاستجواب قلت للمحققين نفس الشيء".
وُلد خليفة في جدة بالمملكة العربية السعودية لأبوين من أصول إثيوبية، ثم هاجرت الأسرة إلى تورنتو، وتلقى تعليمه هناك وأصبح مواطنًا كنديًا. ويقول لنيويورك تايمز إنه درس التكنولوجيا وأنظمة الحاسب الآلي، وعمل في شركة كبرى قبل أن يغادر إلى سوريا، بعد مشاهدة مقطع فيديو لساحة المعركة على يوتيوب.
بات اهتمام خليفة بالفكر المتطرف واضحًا بحلول عام 2013، وفي هذه الفترة كان يستمع إلى محاضرات أنور العولقي عبر الإنترنت، ويقول إنه كان أحد الأشخاص الذين أقنعوه بـ"ضرورة الجهاد في سبيل الله" على حد قوله.
أنضم الراوي الكندي في البداية إلى لواء المهاجرين والأنصار بقيادة عمر الشيشاني، الذي أصبح فيما بعد وزير الحرب في الدولة الإسلامية المزعومة، وتعهد خليفة بالولاء إلى التنظيم في نهاية العام نفسه، حتى بات يعمل لصالح وزارة الإعلام. وعمل مترجما قبل أن يُطلب منه العمل كراوي.
يوضح خليفة أن وحدة الإعلام كنت تعمل تحت قيادة أبو محمد الفرقان، الذي قُتل إثر غارة جوية في عام 2016، ويُشير إلى أن التنظيم كان يعمل بجهد على تجنيد أجانب قادرين على التحدث بلباقة، ويتمتعون بمهارة إقناع الآخرين.
"صوت فقط"
ويقول: "كنت صوتًا فقط"، مُشددًا أن عمله لم يكن يتجاوز حدود استوديو التسجيل.
وقع الاختيار على خليفة للقيام بدور الراوي من قبل مُشرفه الأسترالي، الذي حمل اسم أبو عبدالله. ويقول للصحيفة الأمريكية إن المُشرف كان يعطيه نصًا ويجعله يصححه لغويًا، ثم يسجله.
في البداية، تم تسجيل الصوت في استديوهات مُجهزة بالكامل ذات جدران عازلة للصوت وبها مكبرات صوت وأجهزة مونتاج ومكساج، ولكن مع زيادة حدة الغارات الأمريكية في نهاية 2014، اضطروا إلى الانتقال إلى أماكن ريفية، وحرصوا على أن تكون المنازل ومواقع التسجيل قريبة من المدنيين، الذين استخدمونهم كدروع حماية.
ومع تقلص المساحة التي يسيطر عليها التنظيم، خرج المقاتلون من الرقة حاملين معداتهم معًا، وواصلوا العمل لفترة من الوقت حتى ساءت الأمور تمامًا، وخرجت عن السيطرة.
قال خليفة بعد أسره إنه توقف عن العمل في وزارة الإعلام منذ فترة، وأجبرته الظروف على حمل السلاح من أجل الدفاع على ما تبقى للتنظيم.
وحسب المراقبين وخبراء الإرهاب فإن خليفة باعتباره روايا باللغة الإنجليزية، فقد لعب دورًا كبيرًا في جذب أعدادا كبيرة من الأجانب وإقناعهم بالانضمام إلى صفوف التنظيم. يقول تشارلي وينتر، باحث كبير في المركز الدولي لدراسات التطرف في كلية كينجز كوليج في لندن، إن صوت خليفة كان الأكثر تميزًا في الدعاية الخاصة بالدولة الإسلامية (داعش).
فيديو قد يعجبك: