لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

انتخابات الجزائر.. مسار تصادمي بين النظام والمحتجين يلوح بالأفق؟

12:04 ص الإثنين 09 ديسمبر 2019

حراك الاحتجاج الجزائري بدأ تظاهراته في فبراير الما

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

برلين (دويتشه فيله)
حراك احتجاجي طويل في الجزائر يرفض النظام السياسي برمته باعتباره فاسدا في وقت يضغط النظام الحالي نحو إجراء الانتخابات في 12 ديسمبر الجاري. مراقبون يقولون إن خطر المواجهة بين الطرفين يلوح في الأفق.

ربما يتطلع المتظاهرون في لبنان والعراق إلى الجزائر في الأسابيع المقبلة بحثًا عن مؤشرات لما يحدث لحركة احتجاج ترفض قبول نصر جزئي. فرغم نجاح حراك الاحتجاج الجزائري في الإطاحة بالرئيس عبدالعزيز بوتفليقة صاحب أطول فترة رئاسية الذي كان يحكم البلاد اسما فقط منذ 2013 والقبض على عدد من رؤساء الحكومات في تهم الفساد. يكثف الحراك تظاهرات السلمية لرفض الانتخابات المرتقبة في 12 ديسمبر.

ويتهم "الحراك" الذي أطلق تظاهرات في فبراير الماضي، السلطة الحالية باستخدام الانتخابات الرئاسية المرتقبة لمنع الإصلاح الديمقراطي الحقيقي ودعم شبكات الفساد.

وقد أبدت الحكومة المؤقتة للرئيس عبد القادر بن صالح وحلفاؤها العسكريين عزمهم على الحفاظ على النظام الذي يحميهم بالموافقة على خمسة مرشحين مرتبطبين بنظام بوتفليقة. ووراءهم، ما يعتبره المتظاهرون نظامًا غامضًا من العملاء يضم سياسيين ومسؤولين عسكريين ورجال أعمال طالما نزفوا عائدات نظام الريع في الجزائر دون إعادة الاستثمار في الدولة.

خطر المواجهة

وفي الوقت الذي يلتزم المحتجون بالسلمية، فإن الاعتقالات المتزايدة لقادة الاحتجاج والصحفيين في الأسابيع الأخيرة والمظاهرات الموالية للحكومة في نهاية الأسبوع أثارت احتمال المواجهة. وتقول منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن عددا من النشطاء المقبوض عليهم منذ سبتمبر يواجهون تهماً غامضة مثل "الإضرار بالوحدة الوطنية" و"تقويض معنويات الجيش".

يقول الباحث الجزائري في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، لوكا ميهي، إن القبض على صحفيين بارزين يوم الجمعة الماضي أحدث صدمة عنيفة في الحراك، مضيفا لـDW عربية،: "لدينا قمع شديد للإعلام وموجة اعتقال كبيرة للسجناء السياسيين.. لذلك اعتقد أننا يمكن أن نتوقع مزيد من المجابهة من جانب النظام، لكنني اعتقد أن الحراك لا يزال غير عنيف بشكل صريح".

ورد المشاركون في الحراك على إجراءات السلطات، بوضع أكياس القمامة وصور المعارضين المعتقلين في الأماكن المخصصة لملصقات المرشحين للانتخابات.

"حملات انتخابية هزلية"

وعلى الرغم من أن المرشحين الخمسة الذين يخوضون الانتخابات الرئاسية يؤيدون إجراء إصلاحات، فجميعهم مرتبطون بالمؤسسة الحاكمة، وهو ما أدى إلى هذا الوضع الغريب في رفض الانتخابات باسم الديمقراطية.

إذ اضطر رئيس الوزراء السابق عبدالمجيد تبون، الذي يُنظر إليه على أنه رجل قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، إلى إلغاء أول مؤتمر انتخابي له في الجزائر بسبب قلة الإقبال. واستقال مدير حملته وسُجن أحد مموليه الرئيسيين بتهم فساد.

علي بن فليس، وهو أيضاً رئيس وزراء سابق، قوبل بمظاهرات شديدة ضده، مثلما حدث مع وزير السياحة السابق عبد القادر بن قرين.

وقال الصحفي المستقل الذي يتابع الاحتجاجات منذ بدايتها، حمدي بعله، لـDW عربية: "لقد كانت حقًا حملات انتخابات هزلية، وتجمعاتهم ومؤتمراتهم جرت تحت حماية شديدة من الشرطة"، مضيفا أنه "في كل مدينة أو بلدة ذهب هؤلاء المرشحون إليها، تحدث اعتقالات لعدد من المعارضين الذين نزلوا وأبدوا معارضتهم للحملة الانتخابية والانتخابات ككل".

"جمهورية ثانية"

وأوضح أن الأمر لا يقتصر على رفض هؤلاء المرشحين بحكم ارتباطهم بالنظام، لكن فكرة الانتخابات المزورة هي ما دفعت الجزائريين إلى رفض هذه الانتخابات، وفي الوقت نفسه رفض أعضاء حركة الاحتجاج دخول الانتخابات خوفا من التزوير وأيضاً حتى لا يضفوا الشرعية على العملية الانتخابية.

وزاد: "إنها نسخة سيئة للغاية من الديمقراطية حيث لدينا برلمان، لقد أجرينا انتخابات منتظمة لفترة طويلة، لكن كل شيء تم تزويره أو السيطرة عليه.. لا توجد شفافية ولا ضمان لإجراء انتخابات حرة ونزيهة". وبدلاً من الانتخابات، قال المحتجون باستمرار إنهم يسمون الجمهورية الثانية "تنص على ديمقراطية حقيقية وسيادة القانون الحقيقية".

محاكمة الفساد

بعد نجاحهم في إجبار بوتفليقة على الاستقالة ومنع إجراء انتخابات وطنية في وقت سابق هذا العام، حقق المحتجون مكاسب أخرى بإجراء محاكمة فساد لسبعة سياسيين وأربعة رجال أعمال في اتهامات بالكسب غير المشروع وغسيل الأموال.

وكانت جلسة الاستماع الأولية التي عقدت يوم الإثنين الماضي تأجلت، حيث أشارت وسائل الإعلام المحلية إلى شكاوى محامي الدفاع من "عدم توفر الظروف المناسبة للمحاكمة". "المحامون أيضا قالوا إن توقيت المحاكمة يهدف لجعل موكليهم كبش فداء لإرضاء الحراك"، يقول بعله.

يؤكد بعله أنه "بينما يشعر الجزائريون أن التغيير الرئيسي الذي يطالبون به لن يحدث، يرون أيضا أن النظام الحالي يحاول الفوز عليهم بإجراء محاكمات فساد، في نفس الوقت الشخصيات المحتجزة لا تحظى بشعبية كبيرة".

وقال لوكا ميهي إن "ما يحاول النظام فعله هو خلق انطباع بالتغيير الديمقراطي دون الانخراط فيه". "لهذا السبب هناك رفض للانتخابات لأن الناس ينظرون إليها كواجهة لإضفاء الشرعية على النظام الحالي، وهو نظام لم يتغير في الواقع بشكل أساسي".

اقتصاد القوة

يعد الهدف الحقيقي للحراك الذي دفع المتظاهرين إلى الاحتجاج لمدة 41 أسبوعا على التوالي هو كشف القوة التي يتمتع بها النظام وممارساته الفاسدة واسعة النطاق. "فالجيش لديه تأثير هائل وشبكاته الخاصة ومصالحه ولوبياته في جميع المؤسسات التي تدير البلاد"، كما يقول بعله.

وفي ظل سيطرة النظام على الاحتياطات الكبيرة من النفط والغاز التي تعتمد عليها الدولة، أصبحت شبكة الفساد هذه سائدة أكثر فأكثر. يقول الصحفي "أولاً ننتقص إلى التنوع في الاقتصاد بالجزائر بعيدا عن البترول والغاز، ثانيا: نعاني من مستوى عالي جدا معقد من الفساد في النظام.. فكما هو واضح هناك كثير من الأموال التي تم ضخها من تصدير النفط والغاز اختفت في شبكات الفساد".

وبالتالي فإنه إذا ما تمت الانتخابات في 12 ديسمبر، فإن الحكومة ستواجه منعطفا حرجا وطريقا ضيقا، إلا أن مراقبين قالوا إن حركة الاحتجاج سوف تستمر بغض النظر عن الانتخابات ونتائجها.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: