مركز أبحاث أوروبى: تركيا تسعى الى تجنيد طوارق ليبيا كوكلاء حرب فى أفريقيا
ستوكهولم - (أ ش أ):
كشف مركز أبحاث "نورديك نتورك ريسيرش" الأوروبي المتخصص فى مكافحة التطرف عن مساع تركية نشطة لاستمالة وتجنيد أبناء قبائل الطوارق فى ليبيا .
وأشار تقرير للمركز – مقره ستوكهولم – الى أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يهدف من وراء ذلك الى خلق " وكلاء حرب " عن تركيا فى منطقة الساحل والصحراء ، انطلاقا من ليبيا ودعم تحقيق المصالح التركية في السيطرة على ليبيا وإقليم الساحل والصحراء فى أفريقيا من خلال العمل المسلح ونشر التطرف .
وتساءل التقرير عما إذا كان حلم " الخلافة وأطماع السيطرة " الذى فشل اردوغان فى اطلاقه من سوريا ، قد يجد منطلقا جديدا له الآن فى ليبيا ؟، معتبرا أن دعم اردوغان لأبناء الطوارق فى ليبيا يشبه الى حد كبير دعم تركيا للمجموعات المسلحة المتطرفة التابعة للقاعدة فى سوريا مثل جبهة النصرة .
غير أنه نبه الى ان استمالة اردوغان للعناصر المتطرفة من أبناء الطوارق فى ليبيا قد يكون أشد خطرا من دعم المتطرفين فى سوريا ، نظرا لامتدادات شعب الطوارق عرقيا وقبليا الى خارج ليبيا وتحالفاتهم على امتداد دول منطقة الساحل والصحراء ، وهو ما يمكن أنقرة من زعزعة استقرار الاقليم وأمنه بالكامل وبسط نفوذها فيه.
وبحسب التقرير، أسند أردوغان ملف تجنيد قبائل الطوارق إلى أحد شخوص نظامه ممن يدينون بالولاء التام له وهو أمر الله إيشلر والذى كان مكلفا بإدارة الملف الليبى فى حكومة اردوغان ابان كان اردوغان رئيسا لوزراء تركيا ، وكان ايشلر - الذى شغل منصب نائب رئيس وزراء تركيا - قد اجرى عدة زيارات الى ليبيا خلال العام الجارى كمبعوث شخصى لاردوغان التقى خلالها بقيادات حركات ارهابية " متاسلمة " تنتمى لتنظيم الدولة " داعش " ممن حطت رحالهم فى صحراء ليبيا بحماية من قبائل الطوارق بعد فرارها منهزمين فى سوريا والعراق .
ويشغل ايشلر حاليا منصب رئيس لجنة التعليم والشباب والرياضة فى البرلمان التركى وهو المنصب الذى يوظفه فى تحقيق تقارب مع قيادات الطوارق التى بدأ نظام اردوغان فى استقبالها منذ ابريل الماضى ، ويشير التقرير إلى أن ايشلر الذى يتولى هذا الملف قد صدرت عنه تصريحات أثارت جدلا خلال مرافقته لوفود قبائل الطوارق خلال تواجدها فى تركيا قال فيها ان " داعش تتمتع بإنسانية اكبر فى التعامل مع خصومها وأسراها ... فهى تذبحهم لكنها لا تعذبهم " .
ولفت التقرير الأوروبى الى ان نظام العقيد القذافى في ليبيا كان يستخدم الطوارق كورقة مهمة فى تحقيق طموحاته الزعامية فى افريقيا خلال سنوات حكمه الأخيرة ، اما الآن يسعى اردوغان الى استخدام الطوارق كورقة للضغط والمساومة او ربما " الابتزاز " لدول منطقة الساحل والصحراء الافريقية وكذراع للتدخل فى الشأن الداخلى ليس فى ليبيا وحدها بل فى النيجر وتشاد ومالى والجزائر ، وهو ما يمكن نظام اردوغان من مساومة الغرب وحلفائه فى حلف شمال الاطلنطى والقوى المكافحة للارهاب والتطرف فى هذا الجزء من العالم بصورة قوية ومؤثرة حيث تسيطر قبائل الطوارق على مناطق شاسعة فى ليبيا وحزام الصحراء الكبرى الافريقي وتستخدمها فى عمليات تهريب البشر والمخدرات وايواء الارهابيين .
وذكر التقرير أن مساعى اردوغان لاستمالة وتجنيد طوارق شمال افريقيا بدأت مبكرة ، ففى العام الماضى فتحت أنقرة قنوات اتصال مع عملائها فى ليبيا للتواصل مع قيادات معروف عنها تطرفها من قبائل الطوارق ، وفى ابريل 2019 نجحت أنقرة فى جر عدد من تلك القيادات الطوارقية المتطرفة الى أراضيها .
ورصد التقرير الاوروبى قيام قيادات الطوارق التى توافدت تباعا على انقرة بإجراء مقابلات منسقة و متتابعة مع مسئولين فى نظام اردوغان من ابرزهم إبراهيم قالين الذى يشغل منصب المتحدث الرسمى بلسان اردوغان والمعروف عنه توجهاته المتشددة ويتردد انه فى حقيقة الأمر الرجل الثانى فى جهاز الاستخبارات التركى .
وذكر التقرير أنه يتمتع بنفوذ فى دوائر صناعة القرار التركى تتجاوز منصبه الظاهر كمتحدث باسم اردوغان وهو نفوذ يؤكد ما يشاع عن كونه الرجل الثانى فى الاستخبارات التركية ، ويتولى ملف التنسيق مع الحركات المسلحة " المتأسلمة " فى كافة أنحاء العالم ويسدى النصح والتوجيه ، كما كان ضابط الاتصال الرئيسى بين نظام اردوغان والمحامى روبرت امستردام الذى أوكلت اليه الحكومة التركية مهمة الملاحقة القانونية لرجل الدين التركى المعارض فتح الله جولين وملاحقة شبكة المدارس التابعة له فى افريقيا من خلال عمليات سرية كان إبراهيم قالين يشرف عليها بنفسه .
كذلك اطلع معدو التقرير على مراسلات الكترونية بين بيرات البيرق زوج ابنه اردوغان وإبراهيم قالين تتناول قنوات الاتصال والتمويل المتعين التزامها فيما يتعلق بمهمة المحامى روبرت امستردام فى افريقيا لملاحقة خلايا فتح الله جولين وشبكة مصالحه ومدارسه فى القارة الافريقية وكذلك فى الولايات المتحدة وهى المكاتبات التى كشفت عن علاقة دعم سرى من نظام اردوغان لمنظمة تاسى سيلر وهى منظمة تحمل أفكار القاعدة وتقتصر عضويتها على الاتراك ويدعمها اردوغان .
وكشف التقرير عن أساليب " التغطية " التى تمت على عمليات الاستمالة والتجنيد التى يتبعها نظام اردوغان لقيادات قبائل الطوارق فى ليبيا ودول الساحل والصحراء ، لافتا إلى أنه على الرغم من التكتم الشديد الذى تتم به تلك العملية التى يشرف عليها كل من أمر الله إيشلر وابراهيم قالين فإن النظام التركى يستخدام كذلك مؤسسة للاغاثة الانسانية وحقوق الانسان و الدفاع عن الحريات كواجهة للتستر على الأهداف الحقيقية لتلك العملية
وأكد التقرير الأوروبي أن تلك المنظمة المعروفة اختصارا بالرمز "اى اتش اتش" ما هى الا احد أذرع الاستخبارات التركية للتواصل وتمرير الأموال الى قيادات الطوارق تحت غطاء الاغاثة الانسانية ، لافتا الى تورط تلك المنظمة فى عمليات تمويل مشبوهة و تهريب اسلحة وعتاد الى العناصر التكفيرية فى سوريا وان اسمها قد ورد فى عدد من من وثائق وتقارير مجلس الأمن الدولى الخاصة بسوريا فى أكثر من مناسبة .
فضلا عن ذلك ، تمتلك لتلك المنظمة الاغاثية التركية "الاستخباراتية" ملف نشاط حافلا فى توريد المؤن واحتياجات الاعاشة الى المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة خلال عامى 2012 و 2013 نيابة عن الاستخبارات التركية وهو ما كشفه تقرير لمجلس الأمن الدولى صدر فى يناير 2014 ( مجموعة العمل الأممية الخاصة بسوريا ) وكذلك كشفته مراسلات عبر البريد الالكترونى صادرة عن بيرات البيرق زوج ابنه اردوغان عن قيام تلك المنظمة الاغاثية الاستخباراتية بعملية نقل بحرى للاسلحة الى فصائل ليبية منذ العام 2011 .
وحذر التقرير من خطورة التساهل مع تلك التحركات التركية ، وقال ان اردوغان – المسكون بأطماع السيطرة الاقليمية تحت ستار " الخلافة " – يقدم نظامه الدعم الدبلوماسى والعسكرى وكافة اشكال الدعم التى يحتاجها ابناء الطوارق فى منطقة الساحل والصحراء عبر دعم طوارق ليبيا ويعتبرهم حلفاء له فى افريقيا مثلما وجد حلفاء له من القاعدة وداعش فى سوريا .
كما يحذر من أن سعى أردوغان لاستمالة وتجنيد الطوارق فى ليبيا وتحويلهم الى منظمة اجرامية جديدة فى منطقة الساحل والصحراء تعمل وكيل حرب لحساب النظام التركى ستكون له عواقبه الوخيمة وسيشجع عمليات الخطف والاستهداف لخصومه ومعارضي اطماعه ، وسيبقى على حالة التوتر الساخن فى افريقيا من خلال دعم الطوارق لأنشطة القاعدة وبوكو حرام فى وسط وغرب القارة واستخدام تلك الورقة الافريقية للضغط على شركاء تركيا فى حلف شمال الأطلنطى القلقين من سياسات أردوغان .
ولم يستبعد التقرير قيام الطوارق وغيرهم من المنظمات المتطرفة التى تدعمها تركيا باستهداف الرعايا الغربيين فى منطقة الساحل والصحراء وغرب افريقيا .
واستطرد التقرير:" فى الساعة الحادية عشر من يوم الاول من ابريل 2019 استقبلت قاعة كبار الزائرين فى مطار اتاتورك بمدينة اسطنبول وفد كبار قيادات الطوارق الليبيين وكان فى استقبالهم القيادى التركى أحمد شاركوت ممثلا عن مؤسسة الإغاثة الانسانية التركية "اى اتش اتش" التابعة لاستخبارات اردوغان وقد ضم وفد قبائل الطوارق كلا من مولاى اقديدى اما قويندى رئيس المجلس الاعلى للطوارق فى ليبيا والذى سبقت له المشاركة فى جهود المصالحة القبلية التى رعتها منظمة غير حكومية ايطالية تدعى Ara Pacis Initiative واستضافتها روما ، أحمد ماتكو نينو مصطفى – شيخ قبائل الطوارق ، ابو البكر الفقيه انجزديم ابقاده – رئيس المجمع الثقافى لقبائل الطوارق.
وتابع :"فى اليوم الأول لزيارتهم قاموا بزيارة مقر مؤسسة الاغاثة الانسانية التركية "اى اتش اتش" حيث تم التباحث حول مجمل الأوضاع على الساحة الليبية ، كما كان برفقة وفد قيادات الطوارق المؤرخ التركى ذو الاصول الطوارقية " فينيات الكونى " الذى ألقى فى السادس من ابريل 2019 محاضرة حول دور الطوارق فى نشر الاسلام فى افريقيا وهى المحاضرة التى أشرف على التحضير لها كلية الدراسات الدينية بجامعة اسطنبول التركية و مؤسسة "اى اتش اتش" الإغاثية الاستخباراتية ، واستفاض فيها المحاضر فينيات الكونى فيما اعتبره " دور فرنسا فى زرع الشقاق بين شعب الطوارق ما أدى الى تشتته فى عدد من الدول الافريقية وكيف أثرت مصالح فرنسا النووية على حياة الطوارق منذ ستينيات القرن الماضى ونشرت الامراض بينهم ودمرت بيئتهم وأفسدت مياههم الجوفية" (على حد قوله).
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: