العراق: مزيد من العنف والقتلى وتحذير من حرب أهلية
القاهرة (مصراوي)
اتخذت الاحتجاجات في العراق منحا أكثر عنفا في الأربع والعشرين ساعة الماضية إذ قتلت قوات الأمن ما لا يقل عن 40 شخصا في العاصمة بغداد ومناطق جنوبية أخرى، ما دفع المرجعية الشيعية في البلاد إلى التحذير من انزلاق البلاد نحو حرب أهلية ودعا أعضاء البرلمان إلى "إعادة النظر" في دعمهم لحكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
وفي أعقاب خطبة المرجعية الشيعية، نقل التلفزيون العراقي عن عبد المهدي قوله إنه سيتقدم باستقالته إلى مجلس النواب
ونقلت وسائل إعلام محلية الجمعة أن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية في مدينة الناصرية في محافظة ذي قار، 375 كم جنوب العراق، الجمعة ما أدى إلى مقتل ثلاثة محتجين وإصابة ثمانية اخرين، في استمرار للعنف الدموي الذي تصاعدت حدته يوم الخميس.
وشكل مجلس القضاء الأعلى هيئة تحقيق في الأحداث التي شهدتها ذي قار، وقال القاضي عبد الستار البيرقدار الناطق الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى في بيان صحفي إن "مجلس القضاء الأعلى شكل هيئة للتحقيق العاجل في عمليات قتل المتظاهرين خلال اليومين الماضيين".
كما قررت حكومة عبد المهدي قتح تحقيق مع الفريق الركن جميل الشمري على خلفية الاضطرابات التي شهدتها محافظة ذي قار وراح ضحيتها في حصيلة غير نهائية 32 قتيلا وأكثر من 250 مصابا. وقالت وكالة رويترز للإنباء إن عدد قتلى الاحتجاجات منذ بدايتها في الأول من أكتوبر الماضي بلغ 408 شخصا معظمهم من المحتجين العزل، بحسب إحصاء الوكالة.
وفي خطبة الجمعة في مدينة النجف التي ألقاها ممثله أحمد الصافي أمام آلاف المصلين، قال آية الله علي السيستاني إن "البرلمان العراقي الذي انبثقت منه الحكومة مدعو إلى أن يعيد النظر في خياراته ويتصرف بما يمليه مصلحة العراق والمحافظة على دماء العراقيين وتفادي الانزلاق إلى العنف والخراب".
وقال إن هذه الدعوة "بالنظر إلى الظروف العصيبة التي يمر بها البلد، وما بدا من عجز واضح في تعامل الجهات المعنية مع مستجدات الشهرين الأخيرين بما يحفظ الحقوق ويحقن الدماء".
كما دعا السيستاني البرلمان إلى "الإسراع في اقرار حزمة التشريعات الانتخابية بما يكون مرضياً للشعب تمهيداً لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تعبر نتائجها بصدق عن إرادة الشعب العراقي."
وقال إن "التسويف والمماطلة سيكلفان العراق ثمنا باهظا ويجهضان الإصلاحات، مشددا على ضرورة إسراع مجلس النواب بإقرار الإصلاحات للتوصل إلى انتخابات تعكس إرادة الشعب."
ودعا السيستاني أيضا المحتجين إلى التفريق بين المتظاهرين السلميين وهؤلاء الساعين إلى جر الاحتجاجات إلى أعمال عنف، في أعقاب حرق مبنى القنصلية الإيرانية في النجف يوم الأربعاء، الذي عزاها مسؤولون حكوميون إلى مخربين من خارج الاحتجاجات السلمية، بحسب وكالة الأسوشيتد برس الأمريكية.
وأظهرت لقطات مصورة بثها محتجون على الإنترنت ألسنة اللهب تستعر في القنصلية، الأمر الذي يشير إلى تغيير كبير في نظرة العراقيين إلى النفوذ الإيراني الذي كان شديد البروز في السياسة العراقية منذ الغزو الأمريكي للبلاد في 2003.
وفي أعقاب الخطبة، غرد قيس الخزعلي، الأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق" المدعومة من إيران، "موقفنا امام توجيهات المرجعية الاخيرة: أَمْرِي لِأَمْرِكُمْ مُتَّبِعٌ، وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ)"
كما دعا النائب عن كتلة النصر، عدنان الزرفي، رئاسة البرلمان إلى عقد جلسة طارئة وسحب الثقة من الحكومة.
وكتب الزرفي في تغريدة: "على رئاسة مجلس النواب دعوة المجلس لعقد جلسة طارئة لِسحب الثقة من الحكومة و تلبيةً لما ورد في خطبة الجمعة من توجيه لمجلس النواب (دعوة مجلس النواب لإعادة النظر في خياراته)."
ودعا حزب الدعوة الإسلامية إلى جلسة طارئة للبرلمان لاختيار حكومة بديلة لحكومة عبد المهدي، بحسب بيان. ودعا أيضا الأحزاب والكتل البرلمانية إلى تقديم بديل لعبد المهدي "يمتاز بالقوة والاخلاص والمهنية والنزاهة يحوز على رضا الجميع ويؤيده الطيف السياسي والاجتماعي الواسع بغالبية مكوناته، ليشكل حكومة قوية تنهض باعباء المرحلة وتستجيب لمتطلباتها ".
وأضاف الحزب: "اننا على يقين راسخ ان مجلس النواب سيقوم باداء دوره الدستوري بعيدا عن الضغوط السياسية والتدخلات الاجنبيه ، ويختار البديل بارادة عراقية بحتة ، ويسارع في التصويت على قانون جديد عادل للانتخابات وتشكيل مفوضية مهنية كفوءة ".
وتجمع المحتجون في شارع الرشيد التاريخي القريب من جسر الأحرار في بغداد وأحرقوا الأعلام الإيرانية ورددوا هتافات "إيران برة!." ويطالب المحتجون بإنهاء النفوذ الإيراني الواسع في بلاد الرافدين.
وفي أعقاب حرق القنصلية في النجف، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي يوم الخميس إن الحكومة العراقية مسؤولة عن حماية قنصلية إيران.
ونقل التلفزيون الرسمي عن موسوي قوله "الحكومة العراقية مسؤولة عن حماية المراكز والبعثات الدبلوماسية لديها... طهران تستنكر بقوة هذا الاعتداء وتطالب باتخاذ إجراءات مسؤولة وحازمة ومؤثرة من قبل الحكومة العراقية في مواجهة العناصر المخربة والمعتدية".
وقالت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء إن موظفي القنصلية، والذين تم إجلاؤهم من المبنى قبل قليل من اقتحامه، "سالمون وبخير".
بدأت احتجاجات العراق في الأول من أكتوبر في بغداد والمحافظات الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية ضد الفساد المستشري وسوء الخدمات والبطالة. وردت قوات الأمن بعنف شديد على الاحتجاجات واستخدمت الذخيرة الحية والقنابل المسيلة للدموع وقنابل الدخان لتفريق الحشود، ما أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص حتى الآن.
فيديو قد يعجبك: