"الأميرة القوية".. من هي أول سفيرة للسعودية في أمريكا؟
كتبت- هدى الشيمي:
في أحد الأيام الحارة في شهر أغسطس الماضي، تجمعت حوالي 50 امرأة تعمل في السفارة السعودية، بواشنطن، في قاعة الاحتفالات للقاء مع رئيستهم الجديدة، الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، أول امرأة تشغل منصب سفير المملكة العربية السعودية لدى واشنطن، والتي كانت تجتمع لأول مرة مع موظفات السفارة.
ساد الصمت في الغرفة بمجرد دخول الأميرة ريما، 44 عامًا. صعدت بنت بندر صعدت على المنصة ووقفت وجهًا لوجه أمام الموظفات، وقالت بحماس "اليوم فقط للنساء، إنه يوم احتفالنا"، حسب مجلة بولتيكو الأمريكية.
ذكرت المجلة في تقرير مطوّل عن الأميرة السعودية، إنها تحدثت مع الموظفات عن حقوقهن الجديدة، بما في ذلك الحصول على جوازات سفر، والسفر إلى الخارج، وتقديم طلبات الطلاق، والحصول على الوصاية على أبنائهن.
لحظة تاريخية
اعتبرت بولتيكو أن تولي الأميرة ريما منصب سفير المملكة في واشنطن لحظة تاريخية للسعودية والسفارة على حد سواء، فهي أول امرأة تمثل الرياض في بلد أجنبي.
عاشت الأميرة ريما فترة طويلة في واشنطن، حيث تولى والدها الأمير بندر بن سلطان منصب السفير السعودي في الولايات المتحدة منذ عام 1983 وحتى 2005.
انتقلت ريما رفقة عائلتها إلى واشنطن وهي في السابعة من عمرها، وحصلت على شهادة البكالوريوس في دراسات المتاحف مع التركيز الأكاديمي على المحافظة على الآثار التاريخية من جامعة جورج واشنطن الأمريكية.
ووالد الأميرة ريما هو الأمير بندر، حفيد الملك عبد العزيز آل سعود، وأمها هي الأميرة هيفا بن فيصل ابنة العاهل السعودي الراحل الملك فيصل، ثالث أبناء الملك المؤسس عبد العزيز، وهذا يجعلها من أحفاد الملك المؤسس من الجانبين.
وقالت بولتيكو إن البعض يعتبر تولي الأميرة ريما لهذا المنصب إشارة واضحة لتمكين المرأة في المجتمع السعودي، وجزء من خطة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للانتفاح، وتغيير الصورة النمطية الخاطئة بشأن المملكة.
ويتوقع محللون سياسيون ومراقبون دوليون أن مهمة الأميرة ريما لن تكون سهلة أبدًا.
قالت إليسا ماسيمينو، المديرة التنفيذية السابقة لمنظمة "حقوق الانسان أولاً" والأستاذة في مركز جورج تاون للقانون، إنها سوف تتولى هذا المنصب في وقت صعب، خاصة وأن العلاقات الأمريكية-السعودية ليست في أحسن أحوالها.
الدفاع عن حقوق المرأة
وفي عام 2010، أصبحت الأميرة ريما أول مديرة تنفيذية لإحدى شركات البيع بالتجزئة الكُبرى في المملكة العربية السعودية، بعد بضعة أشهر أصدر العاهل السعودي الراحل، الملك عبدالله بن عبد العزيز، مرسوما ملكيا يسمح للنساء بالعمل في المتاجر بالأقسام النسائية. استغلت الأميرة السعودية هذه الفرصة من أجل توظيف عشرات البائعات، وساعدتهم في الحصول على خدمات للنقل، وفتح حسابات بنكية لإيداع رواتبهم.
وفي عام 2013، بعد طلاقها من الأمير فيصل بن تركي، أسست الأميرة ريما مؤسسة "ألف خير" وهي منظمة تقدم التوجيه للسعوديات اللائي يدخلن سوق العمل، وتعمل على نشر الوعي بسرطان الثدي، فجذبت أعمالها انتباه رئيس الهيئة السعودية العامة للرياضة، وأصبحت في عام 2016، أول نائبة مدير التخطيط والتطوير ونائبة شؤون المرأة.
وفي العام نفسه، عملت الأميرة ريما على تنفيذ خطة للتربية البدنية في مدارس البنات، وترخيص الصالات النسائية واستخدام الأماكن العامة لكي تمارس النساء الأنشطة الرياضية إلى جانب الرجال.
قالت كارين إليوت هاوس، مؤلفة كتاب: "عن السعودية: ناسها، ماضيها، ديانتها، خطوط التصدع والمستقبل"، "On Saudi Arabia: Its People, Past, Religion, Fault Lines and Future"، إن وظيفة الأميرة ريما واضحة، وهي القضاء على وجهات النظر السلبية عن السعوديين.
وقالت إنها ليست مجرد أميرة وامرأة، ولكنها أم عازبة وتعتبر ناشطة حقوقية، لديها بالفعل العديد من القواسم المشتركة مع المرأة الأمريكية.
ذكرت المجلة الأمريكية أن الأميرة ريما دافعت عن بلادها أمام الحضور في المنتدى الاقتصادي العالمي في 2018، وقالت للجميع "إنت تطالبونا بالتغيير، وعندما نقوم بهذا التغيير، تسخرون منّا".
أكدت الأميرة ريما أن بلادها لا تسعى لتحقيق المساواة بين الجنسين لأن الغرب يريد ذلك، أو من أجل ابعاد المنظمات الحقوقية عنها، ولكنها تقوم بذلك لأنه الأمر الصائب.
بناء الجسور
في أول مقابلة لها بعد وصولها إلى واشنطن، قالت السفيرة السعودية إنها تدرك أن سيرتها الذاتية وتاريخها في مجال العمل الحقوقي والدفاع عن حقوق المرأة لن يغير الصورة النمطية الموجودة في أذهان مُنتقدي المملكة في الولايات المتحدة.
قالت الأميرة ريما إن "كل شخص لديه الحق في التعبير عن رأيه، ولكنها تود أن يُحكم عليها من خلال جودة عملها".
في واشنطن، كانت الأميرة ريما، مثل أسلافها تلتقي بالمشرعين والمسؤولين في الإدارة الأمريكية، وتبذل مجهودًا كبيرًا لبناء جسور تربط بين الولايات المتحدة والمملكة.
حسب بولتيكو، فإن الأمير ريما تسعى إلى القضاء على الفتور الذي أصاب العلاقات الأمريكية السعودية بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده باسطنبول، والذي جمعته علاقات جيدة بعائلة الأمير السعودية.
قالت الأميرة ريما إنها شعرت بحزن شديد لفقدان جمال خاشقجي، واعتبرت قتله مأساة.
وأوضحت المجلة الأمريكية أن نهج الأميرة ريما في العمل، حتى الآن، يبدو أكثر شمولية وتركيزًا عما كان عليه أسلافها، وبينما تولي اهتماماً كبيراً لتعزيز التحالف السياسي بين واشنطن والرياض، كما فعل والدها، إلا أنها في الوقت نفسه تركز على ما أطلقت عليه "الجانب الناعم للتغيير الاجتماعي" الذي يحدث في المملكة.
حسب بولوتيكو، فإن الأميرة ريما لا تريد التركيز فقط على مكافحة الإرهاب والنفط، ولكنها تسعى إلى تحقيق شراكة شاملة في عالم الأعمال والثقافة والتعليم، كما أنها تحاول الترويج للمجتمع السعودي باعتباره بيئة أكثر تسامحاً.
فيديو قد يعجبك: