بمشاركة 60 دولة ووفد إسرائيلي.. البحرين تستضيف مؤتمر لحماية أمن الخليج
كتبت- رنا أسامة:
تستضيف العاصمة البحرينية المنامة يوميً الاثنين والثلاثاء، مؤتمرًا دوليًا حول أمن الملاحة البحرية والجوية بالتعاون مع الولايات المتحدة وبولندا، وبمشاركة أكثر من 60 دولة، وذلك مع تصاعد التوترات مع إيران في منطقة الخليج.
تأتي استضافة المنامة لهذا المؤتمر انطلاقًا من الدور الذي تضطلع به مملكة البحرين للمساهمة في ترسيخ الأمن والاستقرار بالمنطقة، وتجسيدًا لسياستها المرتكزة على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مواجهة جميع المشكلات والأزمات التي تهدد الأمن والسلم الدوليين، حسبما ذكرت وزارة الخارجية البحرينية.
وأوضحت أن هذا المؤتمر سيُشكل فرصة للتشاور وتبادل الرؤى بين العديد من دول العالم، للوصول إلى السبل الكفيلة لردع الخطر الإيراني وضمان حرية الملاحة في هذه المنطقة الاستراتيجية للعالم أجمع.
وقبل أسبوع شدّد العاهل البحريني الملك حمد آل خليفة، على ضرورة حماية حرية الملاحة من أي تهديدات أو مخاطر، مُشيرًا إلى أن أي تهديد للملاحة في مياه الخليج العربي يُربك أسعار النفط ويُعطّل التجارة العالمية ويمثّل تحديًا للنظام العالمي.
وطالب الملك حمد المجتمع الدولي بأن "يتكاتف لاتخاذ خطوات حازمة لردع المخالف والمعتدي، وإلزامه بالقوانين والمعاهدات الدولية المتعلقة بالسلامة البحرية، للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين".
والاثنين الماضي، كتب السفير البحريني لدى واشنطن عبد الله آل خليفة، في مقال بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن "تحالف أمن الملاحة في الخليج يأتي في وقت حرج، بعد أن قوّضت الهجمات الأخيرة على مسارات النقل البحري الرئيسيّة في الخليج، وخاصة في مضيق هرمز، سلامة الملاحة وخلقت حالة من عدم الاستقرار في المنطقة".
كانت البحرين استضافت في يوليو الماضي اجتماعًا عسكريًا، بدعوة من بريطانيا، لمناقشة خطط تشكيل مهمة بحرية دولية لحماية الملاحة في مضيق هرمز.
امتداد لمؤتمر وارسو
يُمثّل مؤتمر المنامة امتدادًا للمؤتمر الدولي لدعم الأمن والسلام في الشرق الأوسط، الذي انعقد بمدينة وارسو في فبراير الماضي، بمشاركة أكثر من 70 دولة بينهم مصر والسعودية والإمارات والبحرين واليمن والأردن والكويت والمغرب وعُمان، إضافة إلى إسرائيل.
كان هذا الاجتماع الأول الذي يجمع بين إسرائيل ودول عربية للمناقشة في قضايا الأمن الإقليمي، منذ المحادثات التي شهدتها العاصمة الإسبانية مدريد في تسعينيات القرن العشرين.
جاءت فكرة المؤتمر في البداية كمُقترح أمريكي لعقد اجتماع دولي من أجل الضغط على إيران، لكن عددًا من الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة لم يتحمّسوا للفكرة، فتم التوسع في أجندة المؤتمر ليكون اجتماعًا على المستوى الوزاري "يروج لمستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط"، بحسب هيئة الإذاعة البريطاني (بي بي سي).
ولم يرد اسم إيران في جدول أعمال المؤتمر بعد أن توسع ليشمل بعض القضايا العامة مثل تحديات الأوضاع الإنسانية، وأوضاع اللاجئين، والحد من انتشار الصواريخ، وتهديدات القرن الحادي والعشرين مثل القرصنة الإلكترونية والإرهاب.
أعلنت الولايات المتحدة خلال المؤتمر عزمها إنشاء تحالف لحماية المصالح في الخليج العربي والذي كان يمثل نظرة استشرافية للمخاطر في الخليج العربي.
مشاركة إسرائيلية
يشارك في المؤتمر "دول مجموعة وارسو"، التي شاركت في اجتماع وزاري لتعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط بفبراير الماضي في مدينة وارسو البولندية.
كما سيشارك وفد إسرائيلي ممثلًا لخارجية الاحتلال، حسبما أفادت القناة الـ13 الإسرائيلية، دون أن تكشف من هي الشخصيّة التي سترأسه.
وفي أغسطس الماضي، أعلنت إسرائيل مشاركتها في التحالف بشكل استخباراتي، بحسب ما أعلنه وزير الخارجية كاتس يسرائيل أمام لجنة في الكنيست، وفق ما نشرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
واعتبر كاتس، حينها، أن أمن الملاحة البحرية في الخليج مصلحة إسرائيلية ضمن إستراتيجية "كبح الخطر الإيراني"، بما في ذلك "تعزيز العلاقة بين إسرائيل ودول الخليج"، وهو ما يعمل على إنجازه خلال الفترة الماضية.
كان وفود ومسؤولون إسرائيليون شاركوا في عدة مؤتمرات بالبحرين، كان آخرها مشاركة وزير الاقتصاد إيلي كوهين في أبريل الماضي، بمؤتمر عالمي نظمه البنك الدولي على مستوى الوزراء حول الشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا والابتكار.
بداية تشكيل التحالف
ظهرت فكرة تشكيل تحالف عسكري دولي لحماية أمن الملاحة البحرية في الخليج العربي في يوليو الماضي، حيث أعلن -وقتذاك- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال جوزيف دانفورد، أن واشنطن تعمل على تشكيل هذا التحالف بهدف "حماية السفن التجارية وناقلات النفط التي تعبر مضيقي هرمز وباب المندب، في بحر عمان والخليج العربي".
جاء ذلك في خِضم عمليات استهداف لناقلات نفط في منطقة الخليج، ألقت الولايات المتحدة فيها باللوم على إيران. لكن طهران نفت مسؤوليتها عن تلك الهجمات وهدّدت واشنطن قائلة إن القواعد الأمريكية في المنطقة وحاملات الطائرات في الخليج تقع في مدى الصواريخ الإيرانية.
وبموجب الخطة الأمريكية التي أعلن عنها دانفورد، تتولى الولايات المتحدة قيادة عمليات واسعة النطاق من المراقبة البحرية والاستطلاع، مع توفير سفن حربية لمهمات القيادة والسيطرة، حسبما ذكرت صحيفة "دويتشه فيله" الألمانية في تقرير سابق.
في المقابل، تقدم دول التحالف الأخرى سفنًا لتسيير دوريات بالقرب من سفن القيادة الأمريكية. ويشمل الجزء الثالث من المهمة أفرادًا من التحالف لمرافقة سفن بلادهم التجارية، وناقلات النفط التي تحمل أعلامها عبر المنطقة.
وتواصل مسؤولون أمريكيون من مستويات مختلفة، مع مسؤولين من 62 دولة لمناقشة إمكانية انضمامها للتحالف العسكري الأمريكي لحماية أمن الملاحة. غير أنه لم يحظ بترحيب رسمي حتى الآن، إلا من بريطانيا وأستراليا والبحرين، وأخيرًا السعودية التي أعلنت انضمامها إليه الشهر الماضي بعد الهجوم الذي استهدف مُنشأتيّ نفط تابعتين لشركة أرامكو.
أما على الصعيد الأوروبي، وخلافًا للموقف البريطاني، أعلنت ألمانيا أنها لا تفكر حاليًا في المشاركة في التحالف العسكري الذي تسعى الولايات المتحدة لتشكيله.
كما فضّلت فرنسا التركيز على تحالف أوروبي لتنفيذ مهمة مشابهة، بعيدا عن قيادة واشنطن.
ولا تزال الصين تدرس الخطة الأمريكية، مع ميلها أكثر لفكرة مرافقة أسطولها البحري لسفنها التجارية في الخليج، وهو موقف يتطابق مع ما قررته اليابان.
وأنُشئ هذا النوع من التحالفات بالفعل في الخليج العربي لحماية ناقلات النفط، بنهاية الحرب بين إيران والعراق في عام 1988، للحد من هجمات طرفي النزاع وتأمين وصول النفط الدولي. وفي ذلك الوقت أسقطت، سفينة حربية أمريكية، عن طريق الخطأ، طائرة مدنية إيرانية مما تسبب في مقتل 290 مدنيًا، وفق فرانس برس.
فيديو قد يعجبك: