لوموند الفرنسية: كيف يرى الأفغان مفاوضات السلام الأمريكية مع طالبان؟
كتب - هشام عبد الخالق:
نشرت صحيفة "لوموند ديبلوماتيك" الفرنسية، تقريرًا اليوم الخميس، تناول الأوضاع في أفغانستان بعد المشاورات التي جرت في الأيام الماضية في العاصمة القطرية الدوحة، بين الولايات المتحدة الأمريكية وتنظيم "طالبان".
وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إن المحادثات بين الطرفين "شهدت تقدمًا"، فيما أعلن الممثل الخاص الأمريكي للمصالحة في أفغانستان، زلماي خليل زاد، أن الجانبين أحرزا تقدمًا ملحوظًا خلال جولة المفاوضات الجارية، وقال: إن "المفاوضات المستمرة على مدار ستة أيام كانت أكثر إنتاجية من أي مفاوضات سابقة بين الطرفين".
وتقول الصحيفة الفرنسية، في بداية تقريرها إن التغطية الإعلامية للمفاوضات التي انتهت في قطر، تكذب حقيقة أن العملية التفاوضية برمتها في غاية الغموض، كما أنه لا يبدو أن هناك أي علامة على وجود اتفاق حول القضايا المثيرة للجدل.
وعلى الرغم من تصريحات الجانبين حول نجاح المفاوضات، إلا أن معظم التقارير تشير إلى أنه لم يتم التوصل إلى توافق في الآراء حول النقاط الرئيسية التي تمسّها المفاوضات: فلم يتوقف إطلاق النار، ولم يتم تحديد موعد لرحيل القوات الأجنبية، كما أن طالبان لا ترغب في التحدث إلى الحكومة الأفغانية.
من المتوقع، بحسب الصحيفة الفرنسية، استئناف المحادثات في نهاية فبراير، على الرغم من أن الطرفين ينتظران إذا ما كان سيتم تحقيق أي تقدم نحو اتفاق سلام دائم، ومن الجدير بالذكر أن يتم إلقاء نظرة على الأسباب التي أدت إلى إثارة الجدل حول هذه المحادثات الأخيرة، وأصبحت موضع شك بين أكثر الخاسرين -والغائبين أيضًا عن المحادثات- وهم الأفغان.
وتقول الصحيفة الفرنسية، إن استبعاد الحكومة الأفغانية من العملية -بطلب من تنظيم طالبان- أدى إلى توجيه اتهامات بأن الولايات المتحدة تقوم بنزع الشرعية عنها في المفاوضات في فترة ما قبل الانتخابات الحاسمة.
والأسوأ من ذلك، بحسب الصحيفة، أنه يغذي التصورات بأن الأمريكيين عازمون على الخروج من أفغانستان لدرجة أنهم يتجاهلون حقيقة بسيطة: أنهم يتفاوضون على مصير الشعب الأفغاني دون أن يكون هناك صوت للأفغان أنفسهم. ويرى العديد من الأفغان أنهم وحيدين وبلا صوت في بلدهم.
السفير الأفغاني السابق للمملكة المتحدة أحمد والي مسعود، لا يرى الموضوع بشكل شخصي، ولكن بشكل وطني، وقال للصحيفة: "أي عملية تفاوض للسلام يجب أن تكون وطنية ويشارك بها جميع الأطراف، خاصة ضحايا الحرب"، مشيرًا إلى أن هناك مفاوضات جارية الآن بالفعل ولكن لا يعرف عنها الأفغان شيئًا. وأوضح مسعود أن الكل يريد السلام بالطبع وأنهم (الأفغان) لا يعارضون إجراء مفاوضات مع طالبان، ولكننا لا نعرف ماذا يحدث خلف الأبواب المغلقة، فحتى الحكومة الأفغانية نفسها تم إعلامها بالمفاوضات قبل يومين فقط، ونحن نعيش بين خوف وأمل.
ويقول بارنيت روبين، وهو دبلوماسي أمريكي سابق وخبير في شؤون أفغانستان، وساعد في فتح مفاوضات سرية مع حركة طالبان في الأعوام 2007 و2010 و2011: إن "الحكومة الأفغانية ستنضم قريبًا إلى عملية التفاوض، وسوف يشاركون في المرحلة المقبلة من الترتيبات السياسية في أفغانستان. كما سيكون لديهم مطالبهم ومقترحاتهم الخاصة حول انسحاب القوات الأمريكية وضمانات مكافحة الإرهاب".
ووافق عمر صمد، السفير الأفغاني السابق في فرنسا وكندا، على رأي روبين بشكل عام، معبرًا عن دعمه لفكرة الحوار، لكنه انتقد عملية المفاوضات. وقال: "إن الحملة الحالية للسلام من جانب الولايات المتحدة شملت حتى الآن أفراد من طالبان معظمهم لديه شروط صارمة بشأن المحادثات الداخلية مع الأفغان وانتقال سياسي في المستقبل"، مضيفًا أن مشروع السلام بأكمله قد ينهار إذا لم يكن شاملًا وتعدديًا أو إذا افتقر إلى ضمانات ملزمة للتأكد من ضمان الاستقرار السياسي والشرعية والأمن.
لكن وزير الداخلية الأفغاني أمر الله صالح، كان من بين أولئك الذين يشككون في أنه قد يتم الامتثال لآراء الأفغان، وكان من أشد منتقدي المحادثات بين الولايات المتحدة وطالبان، قائلًا إن العملية كانت معيبة منذ البداية. ويقول: "إن أسلوب المفاوضات الذي اختاره السفير خليل زاد هو في الواقع يضر بمصالح بلاده ومصالحنا". لا يوجد تنازل واضح من طالبان ولا يوجد حتى امتياز ملموس من جانبهم، حيث لم يوافقوا على السلام. ولكنهم يطالبون بشكل أساسي بالاعتراف بإمارتهم الميتة.
ويقول صالح، وهو مساعد سابق للقائد الأفغاني الشهير أحمد شاه مسعود: إن "الحكومة الأفغانية أوضحت للمبعوث الأمريكي أنه "مكلف بتمثيل مصالح بلاده ولكن ليس مصالح الشعب الأفغاني والدولة الأفغانية"، فهناك حكومة أفغانية ذات جذور شرعية".
وتابع صالح: "يشعر الشعب الأفغاني الآن، أنه بعد مثل هذه التضحية الهائلة في حربهم ضد الإرهاب، يقوم السفير خليل زاد بتجاوزهم"، موضحًا أن تسريب القضايا المتعلقة بمصير البلد والعملية السياسية التي تمت مناقشتها مع طالبان إلى وسائل الإعلام أمر مدمر. مؤكدًا حرص بلاده على حماية مصالحها الوطنية وتعزيزها.
وأوضحت الصحيفة، في ختام تقريرها، أن المفاوضات ستكون طويلة وستتضمن الجميع. ولكن هناك عقبات رئيسية يجب تجاوزها وتقديم تنازلات. ففي مرحلة ما، يجب أن يكون للأفغان صوت في المحادثات، إما عن طريق الدعوة أو الطلب. وحتى ذلك الحين، قد لا تكون المفاوضات مهمة.
وكما قال مسعود: "دعونا لا ننسى أننا نحن الأفغان، حاربنا من أجل الحرية خلال الغزو الروسي معًا. واستشهد الملايين لهذا الكفاح ، لذلك نأمل أن لا يتم التضحية بهذه الحرية التي حصلنا عليها بشق الأنفس".
فيديو قد يعجبك: