قراءة في كتاب الخوف: تفاصيل الخلاف بين ترامب وتيلرسون حول الاتفاق النووي الإيراني (الحلقة الحادية عشر)
كتب - هشام عبد الخالق:
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منذ انتخابه وحتى أثناء الحملة الانتخابية من أشد المعارضين للاتفاق النووي الإيراني الذي وقعه سابقه باراك أوباما مع إيران بمشاركة خمس دول أخرى (الصين، روسيا، فرنسا، ألمانيا وبريطانيا)، وأدى هذا لانسحابه من الاتفاق النووي من جانب واحد في مايو الماضي.
الاتفاق النووي الإيراني كان أحد المحاور الرئيسية التي كتب عنها الصحفي البارز ومؤلف كتاب "الخوف: ترامب في البيت الأبيض" بوب وودورد، الذي صدر يوم 11 سبتمبر الجاري وهاجمه ترامب واعتبره مليئًا بالأكاذيب، ولكنه باع أكثر من 750 ألف نسخة في يوم واحد.
ويستعرض مصراوي في سلسلة حلقات أبرز ما كشفه وودورد في كتابه الذي يصل إلى 500 صفحة، وقال إنه جمع ما فيه من مئات اللقاءات مع مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية.
ويقول الكاتب في الفصل السادس عشر، إن الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعه أوباما كان يجب التصديق عليه كل 90 يوم، وفي مارس 2017 كان أمامهم يومين فقط لتجديده أو رفضه، بحسب ما قال وزير الخارجية آنذاك ريكس تيلرسون.
وكان الرئيس ترامب، في فبراير - أي قبل شهر واحد فقط - وصف الاتفاق النووي بأنه "أسوأ صفقة رآها على الإطلاق"، وفي 2016 عندما كان مرشحًا، أعلن أن أولويته القصوى إزالة الصفقة النووية الكارثية مع إيران.
تيلرسون على الجهة الأخرى، كان يرغب في تجديد الاتفاق النووي، وكان يرى أن إيران لم تخرق الاتفاق حسب البنود التي تم توقيعها مع أوباما، ولكن راينس بريبوس (كبير موظفي البيت الأبيض السابق) قال له إن الرئيس لن يقتنع بهذا، ويجب عليك أن تفكر في حل أفضل، فالاعتدال لن يحل هذه المشكلة، فنحن نحتاج إلى استخدام لغة تقوي موقف الرئيس، وإذا ما قرأ هذا الاقتراح (بتجديد الاتفاق النووي) فسوف ينفجر.
عندما عرض بريبوس مقترح تيلرسون على ترامب، رفض الأخير تمرير هذا المقترح، وقال وزير الخارجية حينئذ إن إيران لا تخرق الاتفاق النووي، وأن وكالات الاستخبارات والحلفاء الذين وقعوا على الاتفاق، اتفقوا على أن إيران لم تنتهك الاتفاق.
لم يتوانَ تيلرسون عن محاولة إقناع ترامب بالاتفاق النووي، وقال لبريبوس إن الرئيس هو من يتخذ القرارات هنا، وأنا لا أحاول تصعيب الأمور عليك، ولكن تيلرسون ذهب لرؤية الرئيس الذي أخبره أن "موقفه من الاتفاق النووي أحد مبادئه الرئيسية، وأنه لا يفضل الاتفاق النووي على الإطلاق فقد كانت أسوأ صفقة اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية، وبما أن مدة التجديد 3 أشهر فقط، فلا تأتي بعدهم لتطالب بتجديد آخر، فهذه آخر مرة أجدد مثل هذه الصفقة السيئة".
وزير الدفاع جيمس ماتيس كان حاضرًا في هذا الاجتماع، وحاول بطريقة دبلوماسية أن يوافق تيلرسون في كلامه، وقال: "أعتقد أن إيران من الناحية التقنية ممتثلة لشروط الاتفاق النووي"، وكان بريبوس ينظر إليه بإعجاب، فقد عرف ماتيس كيف يتعامل مع الرئيس.
هاجمت وسائل الإعلام ترامب بعد أن جدد الاتفاق النووي في مارس، وجعله ذلك أكثر غضبًا من إيران، وطالب تيلرسون بعقد مؤتمر صحفي لانتقاد كلًا من الاتفاق النووي وإيران، وكانت هذه سابقة أن يتم مهاجمة دولة ما بعد تجديد اتفاق معها بعدة ساعات.
وذكر تيلرسون - في المؤتمر الصحفي - عدة شكاوى ضد إيران منها، اختبارات الصواريخ الباليستية، وأنها أكبر راع للإرهاب في العالم، وتهديدها لإسرائيل، وسجلها في حقوق الإنسان، هجماتها الإلكترونية، احتجازها للكثيرين من الأجانب من ضمنهم مواطنين أمريكيين، حبس وإعدام المعارضة السياسية، ودعمها لنظام بشار الأسد الوحشي في سوريا.
وقال تيلرسون في المؤتمر حينئذٍ: "يؤجل الاتفاق النووي أن تصبح إيران دولة نووية ولكنه لا يمنعها من تحقيق ذلك على المدى البعيد".
بعد تجديد الاتفاق النووي، أصبح هناك 90 يومًا للتجديد مرة أخرى أو رفض الاتفاق من الأساس، وقال ترامب لكلًا من بريبوس، وتيلرسون، وماكماستر: "اضبطوا ساعاتكم على موعد التجديد الجديد في 17 يوليو، وقال ترامب في اجتماع قبل هذا اليوم: "إيران تخرق الاتفاق النووي، ويجب عليكم أن تحددوا كيفية الإعلان عن هذا".
في أحد الأيام دخل تيلرسون إلى غرفة الطعام المجاورة للمكتب البيضاوي لرؤية ترامب وبريبوس ويخبرهم أن إيران لم تخرق الاتفاق، ولكن ترامب أصر على أن إيران تخترق الاتفاق النووي، وأن يعتبروا الاتفاق لاغيًا، وأنهم (الإيرانيون) إذا أرادوا إعادة التفاوض يجب عليهم أن يغيروا بنود الاتفاق.
رد تيلرسون بعد ذلك على الرئيس بطريقة غير دبلوماسية متجاوزًا بروتوكولات التحدث مع الرؤساء ليقول: "أنت الرئيس ولديك السلطة المطلقة، أنت تخبرني ماذا تريد أن تفعل، وسأفعله".
مدير المخابرات المركزية السابق مايك بومبيو، كان غير موافقًا على رأي الرئيس حول إيران، ورأى أنها لم تخترق الاتفاق النووي، إلا أنه تعامل بشكل أكثر سلاسة مع الرئيس مثلما فعل ماتيس، وقال: "أعتقد أن الإيرانيين لم يخرقوا الاتفاق وأنه لا يزال صالحًا"، وكان ماتيس يرى أن إيران أكبر عنصر مؤثر في عدم الاستقرار الذي تعاني منه المنطقة.وكانت استراتيجيته تعتمد على التفرقة بين الإيرانيين والروس ودب الخلاف بينهما ولكن عدم تأجيج الأمور لدرجة الحرب.
فيديو قد يعجبك: