لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيفت تحوّلت وسائل التواصل من قوة متظاهري "الربيع العربي" إلى سلاح ترامب؟

09:00 م الثلاثاء 21 أغسطس 2018

وسائل التواصل الاجتماعي استخدمها متظاهرو الربيع ال

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – محمد الصباغ:

كانت وسائل التواصل الاجتماعي أداة استخدمها متظاهرو الربيع العربي في عام 2011، من أجل المطالبة بالحقوق الديمقراطية من الحكام. لكن بعد ثمانية أعوام تحوّل الأمر تماما لدرجة استخدامها كسلاح ضد الديمقراطية كما يفعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي دائمًا ما يهاجم الصحفيين.

ورصد موقع "تكنولوجي ريفيو" الأمريكي في تقرير له هذا الأسبوع، ما اعتبره تحولا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كانت في البداية وسيلة في يد المتظاهرين خلال احتجاجات الشرق الأوسط. ولفت إلى أنه حينها أكد كثيرون أنه طالما امتلك المتظاهرون هواتف ذكية وإنترنت، سوف يحققون مطالبهم.

استخدم متظاهرون في ميدان التحرير مواقع فيسبوك وتويتر من أجل نشر مواعيد المظاهرات والأخبار المتعلقة بها، ما أجبر السلطات حينها على قطع خدمات الإنترنت.
وأيضًا كان نشطاء تونسيون يستخدمون أدوات إلكترونية من أجل تتبع رحلات تسوق زوجة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، والتي قامت بها في باريس على حساب الحكومة.
وأيضًا في سوريا، كانت الاحتجاجات في الأيام الأولى من المظاهرات تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي ونشر مقاطع فيديو وصور في محاولة لإظهار ما يحدث في الشارع. لكن بالطبع اختلفت الأمور وتحولت المظاهرات إلى حرب طاحنة تدخلت فيها أطراف دولية مختلفة.

وقبل عام 2011، وتحديدا في سنة 2009 استخدم متظاهرون في إيران وسائل التواصل من أجل إيصال صوتهم إلى العالم وسط التضييق الكبير الذي تفرضه الحكومة في طهران.
أضاف الموقع أيضًا في تقريره أن المنصات الإلكترونية سمحت بتجمع وتلاقي المجموعات، لكن أيضًا هذه المجموعة من الأشخاص يجتمعون ويتناقلون نفس الأفكار والأخبار ويتابعون نفس القنوات التلفزيونية ويقرأون نفس الصحف.

وبذلك بات لا تعني الحياة في نفس الشارع شيئًا، حينما يتعلق الأمر بمناقشة الأفكار مع نفس الأشخاص عبر منصات إلكترونية تستخدم خواريزميات محددة تجمع الأشخاص بناء على ما يجمعهم من الأفكار، بغض النظر عن طبيعة تلك الأفكار. وتابع التقرير الأمريكي أن هذه الخواريزميات لا يهما إلا زيادة معدل بقاء المستخدم أمام الشاشة بسبب الأرباح.
وأشار التقرير أيضًا إلى الفضيحة الأخيرة التي تم استخدام فيها موقع فيسبوك من أجل جمع بيانات شخصية عن ملايين الأفراد، واستخدامها للتأثير في القضايا والأمور السياسية.
بذلك بدأ الاعتقاد بأن المتظاهرين لهم يد طولى بسبب وسائل التواصل الاجتماعي في التراجع، وما تسبب في ذلك أيضًا هو أن الحكومات بدأت تستخدم أيضًا نفس السلاح الإلكتروني. على سبيل المثال، قال التقرير الأمريكي إن جهاز الاستخبارات الأمريكي امتلك ترسانة من وسائل الاختراق الإلكتروني ومتخصصين في التكنولوجيا الرقمية.
بات واضحًا تماما أيضًا أن شخصًا يعيش في مقدونيا أو ضاحية ما في العاصمة الروسية موسكو، على سبيل المثال، يمكنه أن يدير صفحة إلكترونية تدعي أنها وسيلة إعلامية محلية في ولاية أمريكية أو أي مكان آخر.

كما أن فيسبوك وجوجل باتا في أقل من عشر سنوات محتكرين لسوق الإعلانات الإلكترونية حول العالم.
ومع صعود منصات جديدة مثل "واتس آب" و "إنستجرام"، بدأ فيسبوك في استهداف مستخدميه بالإعلانات. وكشف تحقيق لصحيفة وول ستريت جورنال في بداية العام أن شركة يوتيوب صممت طريقة عملها من أجل إظهار محتوى متطرف للمستخدمين، من أجل جذب الانتباه وإبقاءهم لفترة أطول على الموقع.
وعلى نطاقه الأقل من جوجل وفيسبوك، لعب موقع تويتر دورا كبيرا في نشر "الأفكار الديمقراطية" –بحسب الموقع الأمريكي- والفضل في ذلك يعود إلى شهرته بين الصحفيين ونشطاء السياسة.

ولكن اختلف ذلك أيضًا بعد فترة وبات هناك انتهاكات ضد النساء والمعارضين والإقليات عبر موقع تويتر. وفي بداية هذا العام فقط، بدأ الموقع يواجه الحسابات الوهمية التي تقوم بإصدار تغريدات عنصرية أو تنتهك حقوقا أو تنشر أخبارا مزيفة، وبالطبع لا يمكن تحديد كل هذه الحسابات التي يمكن أن ترتفع أعدادها او يتم إنشاء واحدا مع إغلاق آخر.
وضرب موقع "تكنولوجي ريفيو" مثالا بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المعروف باستخدامه الكبير لتويتر من أجل لفت الانتباه. لكن حينما حاولت حملة ترامب التأثير على المواطنين والناخبين في الولايات المتحدة، اتجهت إلى فيسبوك وبدأت حملات موجهة عبر إعلانات مدفوعة ورسائل موجهة لمئات الآلاف من الأشخاص من أجل اختبار توجهاتهم.
لعبت وسائل التواصل والأدوات التكنولوجية دورًا كبيرا في التحركات السياسية حول العالم في السنوات الأخيرة، وبينها حملات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي. كما مالت لصالح اليمين المتطرف حول العالم في انتخابات ألمانيا والمجر والسويد وبولندا وفرنسا.

كما ساعد فيسبوك رئيس الفلبين رودريجو دوتيرتي في استراتيجيته الانتخابية، وبحسب ما ذكره الموقع الأمريكي نقلا عن بيانات من الأمم المتحدة فإن الموقع الإلكتروني ساهم في عمليات التطهير العرقي ضد أقلية الروهينجا في ميانمار.

وفي الولايات المتحدة أيضًا، استخدم اليمين المتطرف وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة الانقسامات المجتمعية عبر تغريداتهم ومنشوراتهم. كما استخدمت حركة "بلاك لايف ماترز" تلك الوسائل في إظهار عنف الشرطة ضد أصحاب البشرة السمراء في أمريكا.

ومع استخدام طرفين بأفكار متناقضة تماما وسائل التواصل الاجتماعي في نشر رسائلهم، ازداد الانقسام في المجتمع الأمريكي.
واعتبر "تكنولوجي ريفيو" أن من أسباب تحوّل وسائل التواصل الاجتماعي من تمكين الشعوب وإسقاط الحكام الديكتاتوريين، إلى ما وصلت إليه، بسبب ضعف وسائل الإعلام التقليدية وإخفائها أخبار وعدم الحياد أيضًأ والاستقطاب الكبير سياسيًا.

كما دخلت الحكومات المستبدة والمتطرفين على الخط، وقاموا –بحسب الموقع- بإضعاف الثقة في الوسائل وبالتالي بدأ الانقسام والاستقطاب وعدم الثقة هو الأمر المسيطر.
كما أن وسائل التواصل الاجتماعي والشركات المسئولة عنها لا تستخدم خوارزميات وطرق عمل محايدة، بل تعتمد على أشخاص وبالتالي فهي لا تعتمد على التكنولوجيا بشكل كامل حيث لكل فرد من العاملين توجهات حتى لو حاول إبداء الحياد.
ولا يمكن إغفال أن الشركات الإلكترونية تعمل من أجل إبقاء المستخدم لأطول فترة ممكنة على وسيلتها بهدف الربح، ما يتماشى مع حجم الغضب المنتشر أو المعلومات المزيفة ورغبة الناس في الوصول إلى آراء متحيزة تشابه تفكيرهم.
ربما كانت وسائل التواصل الاجتماعي قوة يستهان بها في بداية الاحتجاجات بالشرق الأوسط خلال السنوات الأولى مما أطلق عليه الربيع العربي، لكن بالنهاية أدرك الجميع من كل الأطياف السياسية والمجتمعية قوة تلك الوسائل فاستخدومها أيضًا لتبقى أرضًا جديدة للمعارك وليست بأفكار واحدة تقريبًا كما كانت في البداية.

فيديو قد يعجبك: