إيران وأمريكا.. هل يعيد ترامب الصداقة المنسية؟
كتبت- هدى الشيمي:
تصاعدت حدة التوترات بين إيران والولايات المتحدة في الآونة الأخيرة، على خلفية اتهام واشنطن لطهران بنشر الفساد في الشرق الأوسط، وارتكاب انتهاكات من شأنها زيادة الفوضى في المنطقة والعالم بأكمله.
وتفاقمت الأزمة بين البلدين بعد وصول دونالد ترامب لسدة الرئاسة منذ حوالي 18 شهرًا، وتهديده للنظام الملالي، ودعواته للشعب الإيراني بالتخلص من حكومته التي يقول إنها لا تهتم بشؤونهم بقدر اهتمامها بشؤون الدول الأخرى.
وأصبحت الأوضاع أكثر سوءًا عقب إعلان ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، الذي تم توقيعه عام 2015 بين طهران والدول الأوروبية الكُبرى، والذي وصفه بأنه اتفاق سيء ومن جانب واحد.
ومع ذلك، قال ترامب إنه على استعداد للجلوس على طاولة المفاوضات مع إيران، كما حدد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عدة شروط للإقدام على هذه الخطوة، من ضمنها التزام الإيرانيين بإجراء تغييرات جوهرية في تعاملهم مع شعبهم، والتوصل إلى اتفاق يمنع انتشار الأسلحة النووية.
ووسط هذه التوترات ربما من الصعب تخيل أن طهران وواشنطن كان بينهما تاريخًا طويلاً من الصداقة والتعاون المشترك، خاصة في الفترة التي سبقت الثورة الإسلامية التي أطاحت بنظام الشاه.
"البداية"
وسلط موقع "ذا كونفرزيشن" الأفريقي المُستقل الضوء على لمحة من تاريخ العلاقات بين البلدين، مُوضحًا أنها بدأت في القرن التاسع عشر، عندما قام المبشرون الأمريكيون برحلة إلى ما كان يُطلق عليه بلاد الفرس.
ويقول الموقع إن المبشرين الأمريكيين ساعدوا على بناء العديد من المؤسسات الهامة في إيران، من المدارس والكليات والمشافي والمراكز الطبية، والتي ما يزال بعضها موجود حتى الآن.
تعثر الاقتصاد الإيراني بعد الحرب العالمية الأولى، ومع غياب الأقطاب الأوروبية العُظمى تمكنت الولايات المتحدة من ملء الفراغ، ما جعل إيران تنظر إليها باعتبارها الطرف الوحيد الذي يستطيع مساعدتها وإخراجها من هذا المأزق.
ورغم الانسجام الواضح بين البلدين، إلا أن واقعة مقتل روبرت إمبيري، نائب القنصل الأمريكي في طهران عام 1924، عكرت صفو العلاقات إلى حد ما، ولكن سرعان ما عادت المياه إلى مجاريها.
يُذكر أن المتمردين الإيرانيين قتلوا امبيري بوحشية بعد اتهامه بأنه بهائي قام بتسميم أحد الآبار التي يعتمد عليها أهالي البلده كمصدر رئيسي للماء، واستغل الشاه الإيراني رضا شاه هذه الأحداث وفرض عقوبات صارمة على المنشقين والمعارضين.
وكانت العلاقات الإيرانية الأمريكية في أبهى صورها خلال فترة حكم الشاه محمد رضا بهلوي، والذي ساهم في تحسين علاقات طهران بالدول الغربية.
وسمح الشاه الإيراني للولايات المتحدة بإقامة قواعد لها في شمال بلاده من أجل التجسس على الاتحاد السوفيتي سابقًا، كما أنه وافق على تواجد مستشارين عسكريين أمريكيين في أراضيه.
وامتد النفوذ الأمريكي في إيران، وقتذاك، ليصل إلى تدخل واشنطن في تعيين نواب البرلمان وتحديد أدوارهم.
"نقطة تحول"
تغيرت صورة أمريكا لدى الإيرانيين إلى الأبد في عام 1953، عندما تعاون جهاز الاستخبارات الأمريكية مع جهاز الاستخبارات البريطاني لتخطيط انقلاب بين رئيس الوزراء المُنتخب ديمقراطيا محمد مصدّق، الذي ساهم في تأسيس شركة النفط الأنجلو الإيرانية.
وبعد عامين من الانقلاب، تم توقيع معاهدة الصداقة والعلاقات الاقتصادية والحقوق القنصلية وبين البلدين عام 1955، خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق دوايت إيزنهاور، وبالتزامن مع محاولات طهران لجذب المستثمرين الأجانب، حسب ما نقلته مجلة ذا ناشيونال إنترست في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني عام 2016.
ورغم تأثير عزل مصدّق على العلاقة بين البلدين، يقول الموقع الأفريقي إن السنوات التي أعقبت الثورة الإيرانية التي اندلعت عام 1979 شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الطلاب الإيرانيين في الولايات المتحدة.
أكثر من ثلث الطلاب الإيرانيين الذين بلغ عددهم حوالي 100 ألف طالب في عام 1977 كانوا يتلقون تعليمهم الجامعي في الولايات المتحدة، وقفز هذا الرقم بعد عامين فقط ليصل عدد الطلاب الإيرانيين في الولايات المتحدة إلى حوالي 51.310 ألف طالب.
وتعليقًا على هذه المسألة، قال الباحث ستيفن ديتو، الذي كتب مقالاً في صحيفة واشنطن بوست عام 2017، إن الطلاب الإيرانيين يتواجدون في الولايات المتحدة منذ حوالي قرن من الزمان.
وتابع: "هناك صلات قوية ومتينة تكشف عن نفسها بمجرد النظر في التاريخ".
فيديو قد يعجبك: