عام على المقاطعة.. قطر واجهت الأزمة بالتقارب مع "أعداء" الدول الأربع
كتب – محمد الصباغ:
في فجر الخامس من يونيو الماضي، قررت دول مصر والسعودية والإمارات والبحرين قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، متهمين إيّاها بدعم الإرهاب في المنطقة وإيواء شخصيات على قائمة الإرهاب الخاصة بالدول الأربع.
تطور الأمر ليشمل إغلاق كامل للمنافذ البرية والتواصل البحري والجوي مع الإمارة الخليجية، وهو ما أثر بشكل كبير على المنطقة وخريطة التحالفات بسبب ردة الفعل القطرية على هذه الممارسات.
فرغم المحاولات الكويتية والأمريكية لإنهاء هذا النزاع، إلا أن قطر واصلت طريقها، نافية اتهامات الدول الأربع ورافضة 13 مطلبًا من حكومتها واعتبرتهم تدخلا في شئونها الداخلية لا يمكن السماح به.
طلبت الدول الأربع من قطر لائحة من 13 مطلبًا، أبرزهم تخفيض مستوى التعاون الدبلوماسي مع إيران وطرد عناصر الحرس الثوري على أراضيها، بجانب إغلاق قناة الجزيرة التي اتهموها بإثارة الاضطرابات بالمنطقة، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول وعدم تمويل أو دعم جماعات ومنظمات مصنفة على لوائح الإرهاب للدول الأربع.
خرجت تلك المطالب في بداية يوليو من العام الماضي، لكن مع دخول المقاطعة عامها الثاني يبدو أن الأمر لم يتغير بل صعّدت قطر من سياساتها مع إيران، واستمرت قناة الجزيرة في عملها وبنفس السياسة. وفي وقت زادت حدة الأزمة بين الدول العربية وإيران، تقاربت الدوحة بشكل أكبر من السابق من طهران بعد المقاطعة.
ونستعرض في السطور التالية الخطوات التي قامت بها قطر في محاولة منها للتغلب على تأثير مقاطعة الدول الأربع، وأهمها التقارب مع دول تصل إلى مرتبة الأعداء لدول المقاطعة:
البداية بالأسف
كان الرد القطري الأول بالإعراب عن الأسف بعد القرار بقطع العلاقات معتبرة أن ما يحدث غير مبرر، وخصوصا من دول مجلس التعاون الخليجي السعودية والإمارات والبحرين.
وفي شهر المقاطعة قالت وزارة الخارجية القطرية إنها ستسعى لإفشال محاولات التأثير على الاقتصاد القطري، وأضافت أن "اختلاق أسباب لاتخاذ إجراءات ضد دولة شقيقة في مجلس التعاون دليل ساطع على عدم وجود مبررات شرعية لهذه الإجراءات التي اتخذت بالتنسيق مع مصر والهدف منها واضح وهو فرض الوصاية على الدولة وهذا بحد ذاته انتهاك لسيادتها كدولة وهو أمر مرفوض قطعيا".
وحاولت الدوحة استيعاب القرار الرباعي المفاجئ، حيث كانت أغلب الواردات القطرية من الأغذية تأتي من الحدود السعودية، حيث معبر سلوى الوحيد الذي يربط الدوحة بالعالم من حولها.
وأشارت تقارير آنذاك أن الأسواق القطرية شهدت شُحًا في المواد الغذائية بالمحلات والأسواق، لكن صحيفة إيكونومست البريطانية ذكرت أن هذا الأمر كان من هول المفاجأة ولكن الأزمة كانت "مؤقتة".
إيران
انتشرت مقاطع الفيديو والصور لطوابير من القطريين في المحلات لشراء المستلزمات الغذائية الضرورية، وعانى السكان بسبب عدم وجود الألبان واللحوم التي كانت تأتي بشكل يومي عبر السعودية.
وبعد يومين فقط من الأزمة، وتحديدا في السابع من يونيو 2017، بدأت الدوحة مفاوضات مع إيران من أجل تدبير الاحتياجات الغذائية.
وأشارت وكالة رويترز للأنباء آنذاك نقلًا عن مصادر بالحكومة القطرية أن إمدادات الحبوب كانت تكفي قطر لأربعة أسابيع فقط.
وكانت إيران عرضت على قطر منحها مواد غذائية، وقال رئيس اللجنة الزراعية بالغرفة التجارية الإيرانية "كاوه زرجران"، إن بلاده يمكنها تأمين كل المواد الغذائية المطلوبة في الدوحة.
زاد ذلك من التقارب القطري مع إيران التي أيضًا أعلنت أنها على استعداد كامل لاستقبال الرحلات القطرية التي تضررت من قرار المقاطعة وحظر الطيران من السعودية والبحرين والإمارات.
تركيا
لم يختلف الوضع التركي كثيرًا عما قامت به إيران، فساهمت أيضًا في وصول المواد الغذائية إلى قطر. كما زارت وفود من رجال الأعمال التركية قطر من أجل زيادة حجم التعاون بعد الأزمة الخليجية.
وبحسب جمعية رجال الأعمال المستقلين في تركيا، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين كان من المقرر أن يصل إلى 5 مليارات دولار، بعدما كان حجمه بنهاية عام 2016 فقط 700 مليون دولار.
وحتى نهاية يوليو من عام 2017 كانت تركيا أرسلت حوالي 100 طائرة محملة بالسلع الغذائية إلى الدوحة، ومع ارتفاع تكلفة الطيران، تحولوا إلى النقل البحري.
وزاد التقارب بين قطر وتركيا عسكريًا أيضًا فحينما تناثرت الأخبار عن عمل عسكري ضد الدوحة، سارعت تركيا بإرسال مقاتلين من بلادها إلى قطر للتمركز في قاعدة عسكرية تركية بالإمارة الخليجية.
وفي منتصف يوليو من العام الماضي، أعلنت وزارة الدفاع القطرية عن وصول الدفعة السادسة من القوات التركية إلى الدوحة. وفي وقت تظهر فيه أزمة كبيرة بين الدوحة وأشقائها في الخليج، وصفت الوزارة في بيانها آنذاك تركيا بـ"الشقيقة".
وكانت تركيا أعربت عن رغبتها في نشر حوالي 3000 جندي من مقاتليها في قاعدة "الريان" العسكرية في قطر.
المال
حاولت قطر استخدام القوة الناعمة وبينها المال من أجل التغلب على الأزمة، لكن الأمور لم يكن من السهل حلها بهذا الأمر. فبحسب تقرير لصحيفة "إيكونومست" لم تكن الدوحة في موقف "أكثر هشاشة" مما هي عليه بعد قرار المقاطعة مباشرة.
خسرت قطر وتحديدًا الخطوط الجوية القطرية العديد من الوجهات وبدأت الرحلات تتفادى المرور بالمجالات الجوية للدول المقاطعة. ووصلت الخسائر في الشركة القطرية حوالي 20% من دخلها، بحسب ما ذكره موقع "GSA" المتخصص في متابعة الشؤون الخليجية ومقره واشنطن.
ومن أجل مواجهة ذلك أعلنت شركة الطيران أنها سوف تضيف 16 وجهة دولية جديدة. كما أعلنت شركة الطيران القطرية اتفقت مع روسيا على شراء 25% من حصتها في مطار فنوكوفو، وهو ثالث أكثر المطارات ازدحامًا في روسيا.
لكن المدير التنفيذي لشركة الطيران القطرية، أكبر الباكر، في تصريحات سابقة إن المسارات الجوية الأطول تتطلب وقودًا أكثر وأيضًا تكاليف سفر أكبر.
وكان الباكر قال في وقت سابق من نوفمبر الماضي لوكالة بلومبرج، إن طيران قطر قد فقد ما يقرب من 11٪ من شبكته و20٪ من الإيرادات، بعد المقاطعة العربية.
وفي تقرير سابق لإيكونومست جاء أن قطر تمتلك أسهم بملايين الدولارات في شركات عالمية وسوف تنظم أهم بطولة رياضية عالمية، لكن في النهاية "ماذا تفعل القوة الناعمة لك؟".
وأضاف التقرير "هل ستوفر لك الأمن؟ لا نعلم ما إذا كانت القوة الناعمة تكفي وحدها".
فيديو قد يعجبك: