تحالف "الصدر والعامري" في العراق.. لصالح إيران وضد السعودية وإسرائيل
كتب – محمد الصباغ:
أعلن مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري وكتلة "سائرون" العراقية تحالفه مع التكتل الذي يقوه هادي العامري المقرب من إيران من أجل تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر، في خطوة ليست في صالح رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.
في مؤتمر صحفي مساء الثلاثاء، قال مقتدى الصدر "نعلن للجميع أنه تحالف حقيقي بين سائرون والفتح من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة الوطنية وضمن الأطر الوطنية والكل مدعوون للفضاء الوطني بعيدا عن المحاصصة الطائفية".
ورد العامري في نفس المؤتمر بالقول "سنشكل اللجان للبحث مع الجميع ضمن الفضاء الوطني للإسراع في كتابة برنامج الحكم ويتم الاتفاق عليه لاحقا".
من المقرر أن يقود هذا التحالف الجديد البلاد لمدة أربعة سنوات قادمة.
تأتي الخطوة بمثابة مفاجأة بعدما دخل مقتدى الصدر الانتخابات بتحالف مكون من الصدريين والشيوعيين وبعض أحزاب التكنوقراط، وأعلن مرارًا أنه يرغب في عراق جديد لا يخضع لأي قوى خارجية سواء من إيران أو من الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد التحالف من القوى المدنية والعلمانية كانت الأنظار مترقبة لما قد يحدث من نقلة جديدة في الحياة السياسية العراقية، لكن الأمر انتهى بالتحالف مع الكتلة المقربة من إيران.
وخلال الانتخابات استبعد تحالف "سائرون" بقيادة الصدر إبرام أي اتفاقات مع هادي العامري، مشيرة إلى انهم سوف يبرمون تحالفات تتصدى لأي تدخل إيراني في المنطقة.
وفي تصريحات للتكتل الصدري قبل الانتخابات جاء "نحن لا نخفي تخوفنا من حدوث بعض التدخل من جانب قوى داخلية أو خارجية وإيران إحداها".
بل وخلال العام الماضي زار مقتدى الصدر كل من السعودية والإمارات وسط توترات كبيرة بين البلدين وإيران، وفي حوار مع صحيفة الشرق الأوسط السعودية، وصف زعيم التيار الصدري، الرياض بأنها بمثابة "الأب"، وقال إن السعودية أثبتت قوتها وهي تعمل على إحلال السلام بالمنطقة.
ومن جانبها تناولت قناة العربية السعودية خبر التحالف بين "سائرن" و"الفتح" بأنه مفاجأة خلطت الأوراق السياسية في العراق، ومن شأنها أن "تقضي على آمال رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي بالاستمرار في الحكم". وربطت أيضًا بين زيارة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، إلى العراق في الأسبوع الأخير.
بينما قال الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي إن تحالف الصدر والعامري محبط لمن راهنوا وفرحوا بما اعتبروه عودة عراقية إلى الحضن العربي، وذلك في ظل توترات كبيرة بين الدول العربية وإيران بسبب أنشطة الأخيرة في اليمن ولبنان وسوريا.
وكتب خاشقجي عبر حسابه على موقع تويتر أن التحالف العراقي الجديد "محبط لمن طار بخبر عودة العراق لحضنه العربي وكذا، هذا حال من يستعجل النتائج ويعيش في وهم انتصارات العالم الافتراضي".
وأضاف أن ما حدث "لا يعني اليأس وانما التحول للواقعية السياسية والاستمرار في الانفتاح على العراق مع الصبر وحسن التدبير".
وبعد الانتخابات التي أجربت في 12 من مايو الماضي، فاجأ ائتلاف "سائرون" الجميع وتصدر نتائج الانتخابات بـ54 مقعدا، بينما حل ثانيا بـ 47 مقعدا ائتلاف "الفتح" بزعامة العامري الذي يعتبر من قادة فصائل الحشد الشعبي المدعومة من إيران. أما قائمة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي فحلت في المرتبة الثالثة بـ42 مقعدا.
وبسبب تقاربه مع إيران، حذرت وسائل إعلام إسرائيلية مع بدء العراق التصويت في الانتخابات البرلمانية الأولى بعد طرد تنظيم داعش الإرهابي من البلاد، من فوز كتلة العامري في الانتخابات حيث سيصب ذلك في مصلحة طهران.
وقال موقع ديبكا العبري في تقرير قبيل الانتخابات العراقية إن نتيجة الانتخابات لو جاءت في مصلحة إيران فسوف تعوضها عن تلك الضربات الأخيرة، لكن لو خسر حلفائها في بغداد المعركة الانتخابية فسوف تمثل ضربة جديدة تضاف إلى سابقاتها.
وأضاف الموقع أنه لو فازت الكتلة الشيعية المناصرة لإيران بقيادة العامري سوف تحتفل إيران بضمان وجود بغداد ضمن دائرة نفوذها. وقال الموقع الإسرائيلي وفق تقارير استخباراتية إن أول خطوة بعد قيادة العامري للحكومة ستكون إجلاء القوات الأمريكية من العراق.
ولفت إلى أن سيطرة إيران على بغداد عبر وكلاء أقوياء مسلحين سوف يهز بقوة استراتيجية الرئيس الأمريكي الهادفة إلى احتواء إيران، وسوف يقوّض أيضًا التحركات الإسرائيلية ضد طهران في سوريا. ففي الوقت الذي قد تفقد الولايات المتحدة مواقعها في العراق، سوف تحصل طهران على دعم قوي من الحكومة والجيش العراقيين المناصرين من إيران.
والعامري هو قائد منظمة بدر التي كانت القوام الرئيسي للقوات المتطوعة التي قاتلت تنظيم داعش في العراق، واستفاد بشكل كبير من نجاحاته في ساحات القتال ضد داعش في السباق على رئاسة الوزراء.
ويقول جواد بشارة الكاتب والمحلل العراقي لإذاعة مونت كارلو الفرنسية، الأربعاء، إن إيران لا يمكن أن تتنازل بسهولة عن امتيازاتها في العراق وسوف تناور وتعمل بكل ما تملك من أجل الحفاظ على هذه الامتيازات.
وأضاف أن إيران وضعت خطوط حمراء أمام كل القوى السياسية العراقية ومن يتخطاها يُعاقب، وتابع "حتى مقتدى الصدر حينما حاول الابتعاد عن السياسة الإيرانية أرسلت له رسالة بتفجير مخازن الأسلحة التابعة لقواته في مدينة الصدر".
وأشار إلى أن مقتدى الصدر "كان عليه أن يكون واقعيًا ويعمل بالتنسيق مع إيران شاء أم أبى"، وهذا ما يفسر التقارب مع تحالف الفتح بقيادة هادي العامري، على حد قول المحلل العراقي.
فيما نقلت رويترز عن دبلوماسي غربي في مايو الماضي أن "أمريكا قادرة على العمل مع العامري وليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأنه سيقود العراق باتجاه إيران ما لم يجبر على الاختيار بين الإثنين".
وفي حديث قريب من تصريحات مقتدى الصدر، طالما صرح العامري خلال الحملة الانتخابية "قلوبنا مفتوحة وأيدينا ممدودة نريد أن يكون العراق سيد المنطقة.. القطب الذي يتمحور حوله الآخرون.. لا يليق بالعراق أن يكون ذيلا لهذه الدولة أو تلك".
فيديو قد يعجبك: