كيف استعبدت أمريكا من خلقوا أحرارا.. قصة تحرير العبيد
كتبت - سارة عرفة:
أعادت تصريحات مغني الراب الأمريكي كاني ويست، الثلاثاء الماضي، إلى الأذهان قصة تاريخ العبودية وكيف بدأ الاستعباد في الولايات المتحدة وذلك بعدما أثار وصفه العبودية بأنها "اختيار" في حوار مع موقع "تي ام زد" الإلكتروني المتخصص بأخبار المشاهير، غضب الكثير في أمريكا وحول العالم.
وقال ويست خلال الحوار الذي نشره الموقع "عندما تسمع عن العبودية لمدة 400 عام. لمدة 400 عام؟ يبدو أن ذلك كان اختيارا".
استنكر كثيرون حول العالم ما قاله المغني الأمريكي الشهير، والذي استدعى قرونا من الآلام لم يتعافى منها المجتمع الأمريكي بعد.
بداية العبودية
بدأت العبودية في أمريكا عندما جلب التجار الأمريكان الأفارقة إلى مستعمرة في ولاية فيرجينا في 1696، للعمل كعبيد للمساعدة في إنتاج المحاصيل المربحة مثل التبغ.
لم تمض سوى سنوات قليلة، حتى التفت المستوطنون الأوروبيون في أمريكا الشمالية إلى الأفارقة باعتبارهم أرخص مصدر للعمل والأكثر وفرة من الخدم (الذين كانوا في الغالب أكثر فقرا من الأوروبيين).
وسرعان ما انتشرت العبودية جميع أنحاء المستعمرات الأمريكية. رغم إمكانية تحديد أرقام دقيقة، إلا أن بعض المؤرخين قدروا عدد العبيد بما بين ستة وسبعة ملايين شخص خلال القرن الثامن عشر، ما حرم القارة الأفريقية من بعض أصح وأقدر الرجال والنساء.
شكل العبيد في ذلك الوقت حوالي ثلث السكان في الجنوب الأمريكي قبل الحرب، حيث عاش أغلبهم في مزارع كبيرة أو مستعمرات صغيرة، وكان معظم المالكين يملكون بمعدل أقل من 50 عبداً للمالك الواحد.
أراد المالكون جعل عبيدهم خاضعين لهم بشكل كلي، فسيطروا على حياتهم من خلال نظام من القوانين والقيود التي قاموا بفرضها عليهم، فقد كانوا ممنوعين من تعلم القراءة والكتابة، وكانت تصرفاتهم وحركاتهم مقيدة، كما كانت الشعائر الدينية في بعض الولايات محظورة حتى لا يتسنى للعبيد التجمع، وبالتالي القدرة على التنظيم والتمرد.
كما كانت عقوبات العبيد المتمردين جسدية، تمثلت في الجلد، والحرق، والتشويه، والوشم بالنار، والاغتصاب، وقد تصل للشنق، وفي بعض الأحيان، كانوا يعاقبون لا لسبب إلا لتأكيد سيطرة أسيادهم.
بداية طريق التحرر
قامت عدة ثورات للعبيد كانت أكثرها بروزاً تلك التي قادها "جابرييل بروسر" في ريتشموند في 1800، ودينمارك فيسي في تشارليستون عام 1822. لكن نجح القليل منهم فقط.
أما الثورة التي قادها نات تيرنر في فيرجينيا عام 1831 فكانت أكثر ثورات العبيد تسببا في الرعب للمالكين البيض. قتل العبيد في تلك الأحداث 60 من البيض خلال يومين قبل سحق الثوار.
اعتبر المؤيّدون للعبودية أن ثورة تيرنر هي دليل على أن السود عبارة عن وحشيين وضيعين، ويلزمهم مؤسسة كالعبودية لتأديبهم، وقد قاد الخوف من تمردات مشابهة إلى قيام الولايات الجنوبية بفرض قوانين أكثر شدة على عبيدهم لمنعهم من التعليم والحركة والتجمّعات.
ظل الأمور تراوح مكانها حتى ظهور إبراهام لينكولن، الذي انتخب رئيسا للولايات المتحدة. وقبل مرور ثلاثة أشهر من حكمه، انفصلت سبع ولايات جنوبية لتشكيل الولايات الكونفدرالية الأمريكية، تبعتها أربع ولايات أخرى بعد بدء الحرب الأهلية (1861-1865).
على الرغم من آراء لينكولن المعارضة للعبودية، لم يكن هدف حرب الاتحاد المركزية هو إلغاء العبودية، بل المحافظة على الولايات المتحدة كدولة.
وقد أصبح إلغاء العبودية هدف الحرب فيما بعد، بسبب الضرورة العسكرية، وتزايد الآراء المناهضة للعبودية في الشمال، والتحرر الذاتي للعديد من الأمريكيين الأفارقة الذين هربوا من العبودية كجماعات اكتسحت الجنوب.
في يناير 1963، أصدر لينكولن قرارا اعتبر فيه جميع العبيد في المناطق المتمردة على حكمه، أحرارا. إلا أن بعض حقوقهم ظلت منقوصة حتى وقت قريب.
فيديو قد يعجبك: