نازحون من الغوطة الشرقية يتحدثون عن رحلات نزوحهم "الشاقة والمحفوفة بالمخاطر"
بيروت - (د ب أ):
تأرجحت فاطمة، وهي أم سورية لأربعة أطفال، بين مشاعر اليأس والارتياح، منذ أن غادرت مع عائلتها منطقة الغوطة الشرقية التي ينحدرون منها، والواقعة بالقرب من العاصمة دمشق، في الشهر الماضي.
وقالت فاطمة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عبر الهاتف: "على الرغم من المعاناة التي شعرنا بها أثناء اتخاذنا لقرار مغادرة مسقط رأسنا والمنطقة التي نشأنا فيها، إلا أنني أشعر بالارتياح لأن عائلتي مجتمعة سويا."
وتعيش فاطمة مع أسرتها الآن في مدرسة تحولت إلى ملجأ، بحي تسيطر عليه الحكومة في ضواحي دمشق.
ويشار إلى أن فاطمة هي واحدة من بين آلاف المدنيين الذين نزحوا خلال الأسابيع الأخيرة من الغوطة الشرقية، إثر الحملة الحكومية المكثفة ضد الجيب المحاصر.
أما ليلى، وهي جارة لفاطمة في بلدة عربين الواقعة بالغوطة الشرقية، فقد أعربت عن مشاعر مختلطة أيضا.
وقالت ليلى لوكالة الأنباء الألمانية عبر الهاتف: "بينما كنا نغادر عربين، كان أبشع كابوس بالنسبة لي هو أن أفقد أولادي أو زوجي".
وأوضحت ليلى، التي رفضت الكشف عن اسمها بالكامل، خوفا من انتقام القوات الحكومية منها: "لقد انفصلت الكثير من العائلات، التي كانت تخرج من المنطقة، عن بعضها البعض، في ظل عمليات النزوح".
وتحدثت المرأة (42 عاماً) عن رحلة شاقة خاضتها هي وزوجها وأطفالها الستة، أثناء عبورهم الحدود الخارجية للغوطة الشرقية، إلى منطقة تسيطر عليها الحكومة، قبل أن يتم نقلهم إلى ملجأ تسيطر عليه الحكومة، ويقع قرب دمشق.
وقالت: "غادرنا منزلنا بحقيبة بلاستيكية واحدة فقط، كانت تحتوي على بضعة أغراض. ولم نتمكن من حمل المزيد من الحقائب لأننا كان علينا أن نسير لفترة طويلة، حتى نصل إلى منطقة آمنة."
وقالت ليلى إنهم أثناء مغادرتهم الغوطة الشرقية، كانوا بحاجة للاختباء داخل مبان شبه مدمرة، للنجاة من عمليات القصف العشوائي.
من ناحية أخرى، تقول إنجي صدقي، وهي متحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية، إن هناك 12 ملجأ على الاقل، على أطراف دمشق، تأوي حاليا هؤلاء الذين فروا من الغوطة الشرقية.
وقد غادر ما يقدر بنحو 50 ألف شخص الغوطة الشرقية إلى مناطق أخرى تسيطر عليها الحكومة وتقع بالقرب من دمشق، خلال الأسابيع الماضية، بحسب ما ذكرته وكالات الإغاثة.
إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان، يقدر الرقم بما يصل إلى 75 ألف شخص.
وقد استعادت قوات الرئيس السوري، بشار الأسد، حتى الآن، معظم أنحاء منطقة الغوطة الشرقية من أيدي المتمردين، وذلك من خلال مجموعة من الهجمات البرية، إلى جانب صفقات إجلاء تمت بوساطة من جانب روسيا.
وتقول إنجي، إن العائلات اضطرت إلى مغادرة الغوطة الشرقية على عجل، دون أن يكون لديها أي علم بوجهاتها النهائية.
وتروي إنجي قصة سيدة نازحة، انكسر ظهرها أثناء فرارها من حالة الفوضى القائمة في الغوطة الشرقية.
وقالت إن "اللجنة الدولية للصليب الاحمر في سورية، والهلال الأحمر السوري، اضطرا إلى نقلها في سيارة إسعاف إلى المستشفى، بينما استقل أبناؤها حافلة خاصة بعمليات الإجلاء".
وأوضحت إنجي أن "السيدة تعيش الآن في مركز للايواء، بينما يعتقد أن أبناءها يعيشون في مركز آخر. ولا تعرف السيدة مكانهم. كما أنها ليس لديها أرقام هواتفهم لكي تتصل بهم."
وقالت إنجي إن الكثير من أفراد العائلات النازحة اضطروا إلى إلقاء متعلقاتهم على الطريق، لأنهم لم يستطيعوا حملها خلال الرحلة الطويلة.
وأوضحت: "أخبرتني إحدى العائلات أنها أمضت أياما وهي تختبئ في قبو تلو الآخر، وتتنقل من قرية إلى أخرى، حتى تمكن أفرادها من الوصول إلى نقطة العبور".
وقالت إن "العديد من الأطفال أيضا كان عليهم السير لكيلومترات طويلة، بأحذية بالية تماما، فيما وصل آخرون إلى نقطة العبور وهم حفاة".
وبالنسبة لمنظمات الإغاثة، فإن الوضع شديد الصعوبة.
وتقول إنجي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "إن مراكز الايواء مكتظة، وبعضها ليس به صرف صحي مناسب على الإطلاق ولا مراحيض ولا أماكن للاستحمام"، مضيفة أن "الكثير من العائلات تنام في العراء لعدم وجود مساحات كافية لهم داخل مراكز الايواء".
فيديو قد يعجبك: