ماذا فعلت إيطاليا وأوروبا للحد من الهجرة غير الشرعية عبر ليبيا؟
كتب - عبدالعظيم قنديل:
باتت قضية مكافحة الهجرة غير الشرعية هاجس يؤرق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بعد الإطاحة بحكم العقيد معمر القذافي عام 2011، حيث يبحر من السواحل الليبية بشكل شبه يومي المئات من جنسيات مختلفة على متن قوارب متهالكة بحثا عن أماكن أخرى بديلة توفر لهم حياة أفضل.
وعلى مدار 7 سنوات، بذلت إيطاليا بدعم من الاتحاد الأوروبي جهودا مضنية للتقليل من أعداد المهاجرين غير الشرعيين، واستنزفت تلك الجهود عشرات المليارات، حتى سجلت انخفاضا إجماليا بنسبة 34.27 في المئة مع نهاية عام 2017، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016، بحسب وزارة الداخلية الإيطالية.
تفيد تقديرات المنظمة الدولية للهجرة أن 2832 مهاجرا قتلوا العام الماضي أثناء محاولتهم الوصول إلى إيطاليا، قادمين من شمال أفريقيا انخفاضا من 4581 قتلوا في 2016، ووصل نحو 119310 أشخاص إلى إيطاليا في 2017.
وتعتبر إيطاليا إحدى أكثر الدول الأوروبية حضورا في الساحة الليبية، فالجانب الإيطالي يرى في ليبيا منطقة نفوذ له، فجغرافيًا لا تفصل ليبيا عن إيطاليا إلا أمواج المتوسط، وتاريخيا كانت ليبيا أهم المستعمرات الإيطالية في إفريقيا حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.
وانزلقت ليبيا إلى الفوضى بعد الإطاحة بمعمر القذافي في 2011 مما مكن عصابات التهريب من تكوين شبكات أرسلت أكثر من 160 ألف مهاجر إلى إيطاليا العام الماضي. وهلك أكثر من 4500 في البحر المتوسط.
وفيما يلي نرصد أبرز الإجراءات التي دخلت حيز التنفيذ من قبل الحكومة الإيطالية إلى جانب دول الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة لمواجهة خطر تسلل المهاجرين غير الشرعيين:
1- معالجة سياسية مع الأطراف الليبية
وقعت ليبيا، في 23 أغسطس 2016، على مذكرة تفاهم مع العملية البحرية الأوروبية في المتوسط صوفيا لتدريب خفر السواحل وقوات البحرية الليبية في العاصمة الإيطالية روما.
وقع مذكرة التفاهم عن الجانب الليبي عميد بحار عبدالله تومية وقائد عملية "صوفيا" الأدميرال إنريكو كريديندينو، بمقر العملية في العاصمة روما.
فيما سافر رؤساء البلديات سرا إلى روما، فبراير الماضي، حيث التقوا بوزير الداخلية ماركو مينيتي الذي طلب منهم مكافحة تهريب البشر في مقابل تدريبات ومعدات ودعم اقتصادي، حسبما أفادت وكالة "رويترز".
ورعت الداخلية الإيطالية في 22 مايو الماضي، اجتماعاً ضم ممثلين عن بعض قبائل إقليم فزان، الواقعة جنوبي ليبيا، ومندوب عن حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج، ضمن جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية أيضا، بحسب ما أعلنته الداخلية الإيطالية آنذاك.
وقال التلفزيون الحكومي الإيطالي، في 25 أغسطس الماضي، اجتماع رؤساء بلديات جنوبي ليبيا بمقر الداخلية في روما، ولم يقدم التلفزيون الإيطالي مزيد من التفاصيل عن الاجتماع أو الحضور وعددهم بالضبط.
وفى سبتمبر 2017، أفادت وكالة "أكي" الإيطالية ،أن وزارة الداخلية الإيطالية اتفقت مع حكومة الوفاق الوطني بشأن مشروع إيطالي يموله الاتحاد الأوروبي، ويتمثل المشروع في إرسال بعثة إلى الحدود الجنوبية لليبيا بهدف بناء قاعدة لوجستية للأنشطة التنفيذية لحرس الحدود الليبي والسماح بتواجد مناسب لمنظمات الأمم المتحدة في المنطقة.
2- معالجة أمنية وعسكرية
في عام 2015، بدء الاتحاد الأوروبي في تنفيذ عملية "صوفيا" قبالة السواحل الليبية، وتشارك فيها العديد من البحريات الأوروبية من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بالإضافة إلى إيطاليا.
وأقر الاتحاد الأوروبي، في يونيو 2016، تعزيز العملية البحرية الأوروبية "صوفيا" قبالة ليبيا، حيث أضاف مهمتين إلى العملية تتضمنان تدريب قوتي البحرية وخفر السواحل الليبيتين والمساهمة في تطبيق حظر الأسلحة الأممي قبالة سواحل ليبيا.
وفي سبتمبر 2016، أرسلت إيطاليا مجموعة من العسكريين قالت إنهم سيتولون حماية الكادر الطبي والشبه الطبي الذي سيعمل في المستشفى الميداني بمصراتة لعلاج جرحى عملية البنيان المرصوص.
وفى أغسطس 2017، صادق البرلمان الإيطالي على مشروع قانون بإرسال بواخر إلى المياه الليبية لوقف الهجرة غير القانونية ومنع تهريب البشر في اتجاه أوروبا، في اتفاق بين إيطاليا وحكومة السراج.
3 - تدريب ومعسكرات إيواء اللاجئين
قامت السلطات الإيطالية بتدريب قوات خفر السواحل الليبية التابعة لحكومة الوفاق الوطني (المعترف بها دوليا)، وفقا لمذكرة تفاهم تم التوقيع عليها في 23 أغسطس 2016، في العاصمة الإيطالية روما، حسبما ذكرت وكالة "الأناضول" التركية. ويجرى التدريب في قاعدة تارانتو البحرية جنوبي إيطاليا.
وأكد وزير الداخلية الإيطالي، ماركو مينيتي، خلال كلمة ألقاها أمام مجلس النواب الإيطالي، أن التدريب جرى على متن سفينة "سان جورجيو"، التابعة لسلاح البحرية الإيطالي، في إطار العملية التي يطلق عليها "صوفيا.
وتضم ليبيا أكثر من 34 مركزا لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين، ويتم تقسيم هذه المراكز حسب قوة استيعابها، وتتواجد في طرابلس ومصراتة، بالإضافة إلى 24 مركزا لاحتجاز اللاجئين، تديرها إدارة هيئة مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، فإن اللاجئين الذين تضمهم مراكز الاحتجاز اللبيبة، معظمهم من دول تشاد والنيجر والسودان وإريتريا والصومال وغامبيا ومالي ونيجيريا والسنغال وتوغو، بالإضافة إلى دخول أعداد كبيرة من مصر وباكستان وبنجلاديش، من الباحثين عن فرصة للسفر إلى أوروبا عن طريق البحر، في رحلة هجرة غير شرعية.
4- دعم إنساني
قدمت الحكومة الإيطالية في منتصف شهر أبريل 2016 مليون يورو لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة؛ من أجل توفير المساعدات الغذائية التي يحتاجها المتضررون من الصراع الدائر في ليبيا.
أرسلت وزارة الخارجية الإيطالية شحنات من المساعدات، كانت بدايتها في الأول من ديسمبر 2016 ، تضمنت أطنان من الأدوية ومعدات الدعم الطبي، تم نقلها من إيطاليا إلى مدينتي طرابلس ومصراته، الخاضعتين لحكومة الوفاق الليبية، على متن طائرات شحن تابعة لسلاح الطيران الإيطالي، حسبما أفادت وكالة "الأناضول" التركية.
وفي أواخر العام الماضي، و على هامش الدورة الثالثة لملتقى حوار المتوسط المنعقد في روما، أعلنت ايطاليا عبر خارجيتها اعتزامها تقديم حزمة مساعدات ستقدمها بلاده لليبيا لدعم برامج ومشاريع في طرابلس و مصراتة.
ودشنت روما مبادرة "جسر التضامن" لصالح المناطق المتضررة من الهجرة غير القانونية في مطلع العام الحالي.
5- دعم سياسي
استضافت باريس في يوليو لقاء بين المشير خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج، والذي صدر عنه إعلان مبادئ لإخراج البلد من الفوضى التي تعمه منذ سقوط معمر القذافي في 2011.
فيديو قد يعجبك: