لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ليبيا... فوضى ما بعد الثورة طالت الجميع

12:25 م السبت 17 فبراير 2018

الأزمة الليبية-صورة ارشيفية

كتبت- رنا أسامة وهدى الشيمي:

امتد تأثير الفوضى وانعدام الأمن في ليبيا ليشمل دول الجوار خاصة مصر وتونس والجزائر، لالتصاقهم بها حدوديا، مما سهل انتقال مقاتلي تنظيم "داعش" عبر الحدود، وتنفيذهم لعمليات انتحارية، وإرهابية تسببت في خلق حالة من عدم الارتياح في منطقة شمال أفريقيا.

كما أحدثت الأزمة الليبية بلبلة في العديد من الدول الأوروبية لاسيّما إيطاليا؛ حيث باتت ملاذًا للمهاجرين غير الشرعيين. مما دفع العديد من الدول للتدخل من أجل العثور على حل لرأب الصدع الليبي.

وفي هذا التقرير نستعرض جهود بعض الدول الإقليمية والغربية للوصول إلى تسوية ليبية.

مصر:

لم تتوانَ مصر في التدخل بالأزمة الليبية، وبذل الجهود الحثيثة لتسوية النزاع، ومساعدة الأطراف المتناحرة على الوصول لاتفاق يُنهي الصراع الطاحن من جهة، والعمل على تأمين حدودها الغربية مع ليبيا من جهة أخرى، بعد تصاعد نشاط ونفوذ التنظيمات الإرهابية هناك.

وعملت مصر منذ بدء الأزمة الليبية على دعم محاولات توحيد الجيش الليبي، واستضافت عدة اجتماعات لعسكريين ليبيين من الغرب والشرق للمساعدة على توحيد الجيش وابعاده عن التجاذبات السياسية وإنهاء حالة الانقسام.

1

وتعمل مصر على تعزيز تشكيل جيش ليبي قادر على استعادة تماسك ليبيا من الداخل وحماية حدودها والتصدي لمحاولات التسلل التي تقوم بها العناصر الإرهابية على الحدود، كما أنها تحاول التصدي لعمليات تهريب الأسلحة والذخائر إلى الأراضي المصرية، وعلى مدار السنوات الماضية تمكن الجيش المصري من احباط محاولات تسلل إرهابين وافشال عمليات تهريب أسلحة مخدرات، وأعلن الجيش، الخميس الماضي، إحباط محاولة تسلل مسلحين عبر الحدود مع ليبيا، وذلك بالتزامن مع العملية العسكرية الواسعة التي تشنها قوات الأمن المصرية في سيناء منذ يوم الجمعة الماضي.

وبالتوازي مع جهودها في المجال العسكري، تسعى مصر إلى احلال التوافق بين النخب السياسية الليبية المختلفة، وتواصل جهودها من أجل دفع الليبين لتحقيق مصالحة من خلال التنسيق بينهم. وشارك وزير الخارجية سامح شكري في العديد من الاجتماعات واللتقى بالعديد من المسؤولين العرب والأجانب مؤكدا على ضرورة العمل جنبا إلى جنب لإنهاء الأزمة دبلوماسيا.

وأعرب شكري في أكثر من لقاء دعم مصر لجهود الأمم المتحدة لإنهاء الأزمة الليبية، باعتبارها الإطار الوحيد لتسوية الصراع الدائر هناك.

أمريكا وروسيا:

لطالما ظهرت أمريكا باعتبارها "حامية الحِمى" في ليبيا؛ تلافيًا لوقوعها تحت تهديدات وابادات جماعية من قِبل زعيمها الراحل مُعمر القذافي، بحسب موقع "جلوبال ريسيرش" الكندي، في الوقت الذي كانت سببًا في سقوط آلاف الليبيين جراء غارات جويّة شنّها حلف شمال الأطلسي (الناتو) ضد ليبيا.

ورأى العديد من الخبراء أن التدخّل الأمريكي في ليبيا، كان سببًا في تعزيز الانقسامات الداخلية والخارجية في هذا البلد الشمال أفريقي، كما انتقد محللون ومراقبون دوليون الموقف الأمريكي المتغير أو المتذبذب من الأزمة الليبية، والذي سمح إلى روسيا بالتدخل وترك بصمتها على هذا الملف الشائك.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تقرير نشرته مطلع الشهر الجاري، إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم تتوصل حتى الآن إلى سياسة متماسكة للتعامل مع الأزمة الليبية، مُشيرة إلى أن روسيا تتحرك لتوسيع نفوذها في ليبيا.

2

وذكرت الصحيفة أن الجهود الأمريكية تجاه ليبيا تراجعت بسبب خلافات داخلية بين المستشارين السياسيين في إدارة ترامب وبين مسؤولى وزارة الدفاع والأمن القومي، إذ يرى فريق منهم أن الانخراط في أماكن مثل ليبيا لا يتماشى مع شعار ترامب أثناء حملته الانتخابية "أمريكا أولا"، فيما يرى فريق آخر أنه على ترامب بذل المزيد من الجهود من أجل محاربة تنظيم داعش.

وأعلن إيفان مولوتكوف، السفير الروسي لدى ليبيا، استعداد بلاده للتعاون مع الولايات المتحدة لحل الأزمة الليبية، ويتمثل ذلك في رفع حظر دولي على توريد السلاح إلى ليبيا، بشرط تشكيل جيش ليبي موحد.

وأوردت صحيفة لاستامبا الإيطالية تقريرا نقلت فيه عن مصادر مطلعة أن إدارة ترامب أبلغت إيطاليا أنها ستركز جهودها على مكافحة الإرهاب في ليبيا، من خلال الضربات الجوية، ويساعدها على ذلك انتشار السفن الحربية الأمريكية في البحر المتوسط.

كما طلب ترامب الكونجرس تمديد العقوبات التي سبق أن فرضتها الولايات المتحدة على بعض أقرباء معمر القذافي وأعضاء سابقين في نظامه، بعدما كان مُتوقعا أن تُرفع في 25 الجاري، بحسب بوابة أخبار أفريقيا.

الجزائر:

حملت الجزائر الأزمة الليبية على عاتقها، وبذلت جهودا مُضنية للوصول لتسوية مناسبة، ودفعها الخوف على أمنها واستقرارها لبناء جدار على الجانبين الحدوديين التونسي والليبي. يصل طوله إلى ثلاثة أمتار ويعلوه ستار شائك على خندق يصل عمقه إلى 3 متر، حسب ما ورد في شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.

ووفقا لـ "سي إن إن"،فإن الجزائر طالما حرصت على إقناع القوى الدولية بتشجيع الليبيين على ملئ الفراغ السياسي، والإسراع في تشكيل القوى الأمنية، ودمج الأطراف المسلحة، وتجنيد الجميع لمحاربة داعش، وغيره من الميليشيات الإرهابية.

واستضافت الجزائر مسؤولين ليبيين على رأسهم رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، في ديسمبر الماضي، وبحث مع وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل تطوّر الوضع في ليبيا والجهود المبذولة من أجل تسوية سياسية للأزمة الليبية على أساس اتفاق سياسي.

وأعربت الجزائر عن رفضها لقرار قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، القاضي بوقف العمل بالاتفاق السياسي الذي رعته الأمم المتحدة، وأكدت دعمها للاتفاق السياسي الموقع في 17 ديسمبر 2017 بالصخيرات في المغرب، برعاية الأمم المتحدة والدول المجاورة.

وحذرت الجزائر في القمة الثلاثين للاتحاد الافريقي الشهر الماضي، من تزايد الأخطار الأمنية، مُشددة على ضرورة التكاتف الافريقي لمجابهتها.

3

إيطاليا:

تعد الأزمة الليبية وجعا برأس إيطاليا، حيث تبعد عنها الأخيرة بعدة أميال وتُعد الوجهة المُفضّلة- بحكم موقعها الجغرافي- لآلاف المهاجرين الذين يعبرون المتوسط انطلاقًا من السواحل الليبية، ما جعلها مقصدًا للمهاجرين الليبيين غير الشرعيين، والذين يحاولون الهروب من ويلات الفوضى والحرب وبدء مرحلة جديدة.

تنتشل إيطاليا جثث المهاجرين غير الشرعيين من البحر الأبيض المتوسط يوميًا، في الوقت الذي يستغل فيه مهربو البشر الفوضى السائدة في ليبيا لتهريب آلاف المهاجرين سنويًا إلى ايطاليا، وإجبارهم على دفع مبالغ مالية كبيرة، وفق تقارير إعلامية.

وبحسب أحدث إحصاءات المنظمة الدولية للهجرة، وصل 111514 مهاجرًا ولاجئا منذ يناير الماضي إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، من بينهم أكثر من 93 ألفًا إلى إيطاليا، في حين لقي 2360 حتفهم في محاولة عبورهم. ووفق تقرير صدر مطلع مارس الماضي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، فإن حوالي 4579 شخصا لقوا حتفهم غرقا في البحر أثناء محاولتهم الهجرة من ليبيا إلى إيطاليا.

وأبرمت روما اتفاقًا مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج، ينصّ على إجبار المهاجرين العودة إلى ليبيا، وإيوائهم في ملاجئ مخصصة لهم في العاصمة الليبية طرابلس، بحسب بيان صدر عن المجلس العام الماضي.

وطلب المجلس الرئاسي الليبي من الحكومة الإيطالية، العام الماضي، "الدعم اللوجستي والفني والتقني لجهاز خفر السواحل الليبي للمساعدة في منع تدفق المهاجرين والاتجار بهم وإنقاذ أرواحهم"، حسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الليبية.

وعقد وزير الخارجية الإيطالي، ديسمبر الماضي، لقاءات عدة مع مسؤولين ليبيين في العاصمة الليبية طرابلس، أكّد خلالها أن بلاده تبذل قصارى جهدها لتجنب حدوث المزيد من الانقسامات في ليبيا.

وفي ديسمبر الماضي، جدّد وزير الخارجية الإيطالي دعم بلاده لحكومة الوفاق الوطني الليبية، التي يرأسها السراج، من أجل تحقيق أمن واستقرار البلاد، مُعربًا عن أمله في نجاح جهود المبعوث الأممي غسان سلامة للوصول سريعًا إلى الانتخابات التي دعا إليها السراج، يونيو الماضي، ضمن مبادرته لإنهاء الأزمة بمقدورها حسم الصراع السياسي سلميًا ووفق إرادة المواطنين.

تركيا وقطر:

تعمل تركيا وقطر حثيثًا باتجاه تصاعد الصراع الليبي، مع تزويدهما للمليشيات المُسلّحة في ليبيا بالدعم السياسي والعسكري، بحسب تقرير نشرته صحيفة المتوسط الليبية.

ووفقًا للجنة من الخبراء بالأمم المتحدة، أرسلت تركيا أسلحة إلى جماعة فجر ليبيا، أما قطر فتجمعها روابط سياسية مع السياسي الليبي والجهادي السابق-عبدالحكيم بلحاج- منذ 2011.

وقبل نحو 5 أيام، اتهم رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، النظام التركي بدعم الإرهاب في ليبيا وإيواء ومعالجة قادة الجماعات الإرهابية والمتطرفة. وقال صالح في تصريحات صحفية، إن "تركيا حاضنة للقادة الإرهابيين الليبيين، والذي يصاب بجروح منهم يعالج في تركيا، وهناك تدخل تركي واضح ودعم لهذه الجماعات وقياداتها".

كما هاجم الناطق باسم الجيش الوطني الليبي، العقيد أحمد المسماري، تركيا على خلفية إعلان اليونان ضبط سفينة قادمة من تركيا تحمل متفجرات في طريقها إلى ليبيا، متهمًا أنقرة بالتدخل في شؤون ليبيا ودعم الإرهاب.

وقال المسماري في مؤتمر صحفي، يناير الماضي، إن "التدخل التركي أدخلنا في مأزق ووضع ليبيا في موقف ضعيف جدا أمام الإرهاب والإرهابيين". وأكد أن القوات الليبية لديها ما يؤكد الحضور التركي في الأموال والمواد في ما تشهده ليبيا.

4

الإمارات:

بخلاف مصر، فإن الإمارات تدعم على نحو أكبر مفاوضات الأمم المتحدة الخاصة بالشأن الليبي، في الوقت الذي تبدو فيه أقل ظهورًا على المشهد في ليبيا منذ تدخّلها في اليمن.

وتدعم الإمارات الجهود الرامية لحل الأزمة الليبية، وتؤمن بأن الاتفاق السياسي الليبي رغم تأخير تنفيذه يمثل أفضل إطار للتوصل إلى مخرج من المأزق الحالي، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية العام الماضي.

وفي مايو الماضي، أعلنت الإمارات تحقيق تقدم ملموس في الوساطة بين أقطاب الأزمة الليبية من خلال ترتيب اجتماع ثنائي عقد في أبوظبي، جمع كل من قائد الجيش الليبي المشير ركن خليفة حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج .

وما تزال الأسلحة الإماراتية تُرسل إلى كلٍ من حفتر وميليشيات مدينة الزنتان، بحسب تقرير أعدّته لجنة من خبراء الأمم المتحدة.

وفي هذا الشأن، اتهمت الأمم المتحدة في تقرير أصدرته، يونيو الماضي، الإمارات بانتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا وبتقديم مروحيات قتالية وطائرات حربية لقوات المشير خليفة حفتر.وجاء في التقرير الذي أعدّه خبراء من المنظمة الدولية وأُرسِل لمجلس الأمن الدولي، أن أبوظبي قدمت الدعم المادي والدعم المباشر "للجيش الوطني الليبي" الذي يقوده حفتر.

وأكد الخبراء -بحسب التقرير- أن الإمارات زودت "الجيش الوطني الليبي" بطائرة واحدة على الأقل من طراز "إيه تي-802 آي"، مشيرين إلى أن عربات مدرعة مصدرها شركات تتخذ من الإمارات مقرا لها قد تم تسليمها إلى قوات هذا الجيش في طبرق في أبريل 2016. فيما لم ترد الإمارات على تلك الاتهامات.

تونس:

تُمثل ليبيا أهمية كبيرة لدى تونس،حيث تقع ليبيا جنوب شرق التونسية. وبحسب الداخلية التونسية فإن آلالاف من مواطنيها انضموا إلى صفوف التنظيم الجهادي منذ 2011، من أجل القتال في سوريا والعراق، وقاموا برحلتهم عبر الأراضي الليبية.

واستطاع عدد من مقاتلي التنظيم شن هجمات إرهابية في تونس، بعد تسللهم من الحدود الليبية.

ونتيجة لذلك بذلت الحكومة التونسية مجهودا كبيرا للمساعدة على نشر الاستقرار في جارتها ليبيا، وتمثل ذلك في التقاء الرئيس التونسي باجي السبسي بعدد من القادة السياسيين ومسؤوليين ليبيين كبار، على رأسهم فائز السراج.

ودعمت تونس الجهود المبذولة لحل الأزمة سياسيا ودبلوماسيا، وأكد السبسي على عمل بلاده لرأب الصدع وتقريب الشقّة، وإحلال الوئام والحدة الوطنية في ليبيا.

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان