لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

يخوض حربا يومية.. عزلة ترامب تزداد في بيته الأبيض

11:28 ص الخميس 27 ديسمبر 2018

ترامب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هدى الشيمي:

على مدار عامين، شنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حربًا ضد حكومته، مقتنعّا بأنه مُحاط بمجموعة من الحمقى، غاضبًا من مقاومتهم لرغباته، وعدم اهتماهم بتفاصيل الإحاطات الإعلامية الخاصة به، فيصبح مضطربًا بشكل خاص عندما يخبرونه أنه ليس لديه القدرة على فعل ما يريد، مما يجعله يشك في أنهم يقوضونه سرًا.

والآن، تقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الرئيس الذي أعلن سابقًا أنه بمفرده قادرًا على إصلاح كل المشاكل التي يعانى منها النظام، بات يقف وحيدًا بصورة لم يسبق لها مثيل، بالنظر إلى إغلاق الحكومة الجزئي للمرة الثالثة في عام واحد ما ترتب عليه تهاوي مؤشرات البورصة، وانهمار الفضائح على رأسه كالأمطار، ورحيل شخصيات بارزة من إدارته كان اخرهم وزير الدفاع جيم ماتيس.

أجرت نيويورك تايمز مقابلات مع حوالي 30 شخصًا يعملون الآن مع ترامب أو سبق أن تعاملوا معه، من بينهم أصدقاء مقربين وحلفاء سياسيين وصنّاع قرارات ومشرعين في الكونجرس، أكدوا جميعًا أن الرئيس الأمريكي يشعر بوحدة شديدة، وأن الأمر يؤثر عليه بشكل ملحوظ.

وحاولت الصحيفة الأمريكية الحصول على تعليق من البيت الأبيض، إلا أن المسؤولين في المكتب البيضاوي رفضوا.

اعترف ترامب بشعوره بالعزلة والوحدة، في تغريدة كتبها على تويتر، قال: "أنا وحيد تماما (مسكين) في البيت الأبيض أنتظر عودة الديمقراطيين للتوصل إلى اتفاق بشأن تأمين الحدود الذي نحن بحاجة ماسة إليه".

تغريدة ترامب

يخوض حربًا يومية

حسب مساعدي ترامب وأشخاص في دائرته المُقربة فإن التحقيقات العديدة التي أوقعت الكثير من مساعديه والمقربين منه أثرت على الرئيس الأمريكي كثيرًا، لاسيما وأن بعضهم تحول من أقرب أصدقائه إلى ألد اعدائه مثل محاميه السابق مايكل كوهين، ما غذى بداخله الاحساس العميق بالخيانة والظلم.

وفي إحدى المرات خلال مطالعته للأخبار، قال ترامب لأحد مساعديه: "هل تصدق هذا؟ أنا أقوم بعمل رائع، ولكنني أخوض حربًا كل يوم".

يسأل ترامب معاونيه دائمًا "لماذا تسير الأمور على هذا النحو؟"، وتقول نيويورك تايمز إنه لا يُدرك أنه كان له دورًا كبيرًا في وصول الأمور لما هي عليه الآن.

في الوقت نفسه، تُشير الصحيفة إلى أن بعض معاوني الرئيس الأمريكي يعتقدون أن الصحافة ووسائل الإعلام تظلمه، وتعامله بطريقة غير منصفة لأنهم غاضبين من فوزه في الانتخابات.

صورة 2

تتوقع نيويورك تايمز أن تزداد الأمور سوءًا بعد أن تتولى نانسي بيلوسي، زعيمة الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب، منصبها بصفة رسمية بعد أقل من أسبوعين، فيصبح الديمقراطيون أكثر قدرة على المشاركة في التحقيقات المتعلقة بترامب وعائلته وعمله التجاري السابق وحملته الانتخابية وإدارته، وربما تتعرض بيلوسي لضعوطات كبيرة من قاعدتها اللبيرالية لبدء إجراءات عزل ترامب.

وقد تكشف تحقيقات روبرت مولر، المُحقق الخاص المكلف من مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في مزاعم تدخل الروس في الانتخابات، عن أشياء تعجل بنهاية الرئيس الأمريكي وتثبت تورطه هو وأعضاء فريقه الانتقالي مع موسكو.

ومع ذلك، وحتى مع وصول شعبيته إلى 38 في المئة في استطلاع مؤسسة جالوب، إلا أن ترامب لديه قاعدة جماهيرية قوية ومتماسكة لم يحظى بها أي رئيس أمريكي سابق، فهم ينظرون إليه على أنه مُحارب قادم من زمن آخر لانقاذ الولايات المتحدة، وجعلها عظيمة مرة أخرى.

غضب جمهوري

الصراع مستمر ودائم، ففي الأونة الأخيرة وقعت مشاكل بين ترامب وبعض أعضاء حزبه الجمهوري الذي يعارضون قراراته الهوجاء، والتي من بينها إعلانه مؤخرًا بسحب القوات الأمريكية من سوريا، وتقليص أعداد القوات في أفغانستان، وكذلك طريقة تعامله مع واقعة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول في أكتوبر الماضي.

في هذه الأثناء، ثار المحافظون في مجلس النواب ضد ترامب عندما بدا أنه يتراجع عن مطلبه بتمويل الجدار الحدودي لتفادي إغلاق الحكومة، الذي بدأ في الساعات الأولى من صباح السبت الماضي، كما أن الجمهوريين الذين صوتوا بالإجماع على إبقاء الحكومة مفتوحة أعربوا عن غضبهم الشديد من قرارات الرئيس الأمريكي وتمسكه بموقفه.

مندفع دائمًا

يعد الاندفاع إحدى السمات الرئيسية لترامب، حسبما يوضح أشخاص مقربون منه أشاروا إلى أنه يصر دائمًا على أنه ليس في حاجة إلى مستشارين ومساعدين، ما دفع الكثير من أفراد إدارته إلى الاستقالة، ودفعه هو إلى إقالة اخرين.

تُشير نيويورك تايمز إلى أن بعض أعضاء الإدارة غادروا مناصبهم لارتباطهم بمزاعم التواطؤ مع الروس، واخرين غادروا المكتب البيضاوي بعد اصطادمهم معه مثل وزير الدفاع جيم ماتيس، ووزير الخارجية السابق ريك تليرسون، ومستشار الأمن القومي السابق اتش ار ماكمساتر، وجون كيلي كبير موظفي البيت الأبيض.

صورة-4

يقول ستيف جولدستين، الموظف السابق في الخارجية الذي أقيل بعد إقالة تليرسون، إن ريك تليرسون وجيم ماتيس كانوا من أفضل الأشخاص في حكومة ترامب، موضحًا أنهما كانا مُقربين جدًا من بعض، يحملان وجهات النظر نفسها ويعملان على تحقيق ما هو أفضل للولايات المتحدة، ما جعلهم في بعض الأحيان صريحين إلى درجة مزعجة مع ترامب ومساعديه.

غير أن فريد فليتز، الذي عمل ستة أشهر تقريبًا هذا العام مع جون بولتون مستشار الأمن القومي الحالي ثم ترك منصبه، قال إن الفريق الجديد يلائم ترامب أكثر، فهو يتبنى وجهات نظره ذاتها، ويؤيد قراراته دائمًا.

يحسد المستبدين

في محادثات نُشرت مؤخرًا قال تليرسون، وزير الخارجية السابق، إن ترامب غالبًا ما يسعى إلى القيام بأشياء تتجاوز سلطاته، ولا يحب أن يخبره أحد أنه غير قادر على شيء ما.

ويُشير مساعدو الرئيس الأمريكي إلى أنه يكره أن يعوقه شيئًا ويُعرب دائمًا عن حسده على بعض الحكام المستبدين مثل الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي لا يضطر إلى التعامل مع مراكز القوى المستقلة الموجودة في الولايات المتحدة.

في الأيام الأخيرة الماضية، سأل ترامب معاونيه ما إذا كان بإمكانه فصل جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي عينه بنفسه في هذا المنصب، مُشيرًا إلى أن باول قد يجعل مصيره أشبه بمصير الرئيس الأمريكي السابق هربرت هوفر، الذي حكم البلاد خلال فترةا لكساد العظيم وانتهى حكمه بهزيمته هزيمة ساحقة على يد الديمقراطيين.

لا يتوقف ترامب عن سبّ ولعن معاونيه وأفراد إدارته حسبما يوضح أحدهم، حتى دعابته قد تكون وقحة في بعض الأحيان تبعث على الضيق وتجعل الآخرين غير مرتاحين.

مُنعزل ووحيد تمامًا

ومؤخرًا، أخبر الرئيس الأمريكي مساعديه أنه يشعر أنه منعزل ووحيدًا تمامًا، وقال أحدهم إنه يشكو من أن لا أحد يقف إلى جانبه، وأن أغلب ممن يتواجدون حوله يفعلون ذلك لحاجة في نفس يعقوب، في إشارة إلى صهره ومستشاره لشؤون الشرق الأوسط جاريد كوشنر.

فيما أشار أحد مساعدي الرئيس الأمريكي، لم تكشف الصحيفة عن هويته، إلى أن علاقة ترامب بابنائه لم تعد كما كانت، ما جعله يشعر أنه ليس لديه أي صديق في البيت الأبيض.

1

وأوضح الشخص نفسه أن ترامب يعترض على الكثير من الأمور التي تطرحها ابنته الكبرى ومستشاره إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر، ولكنه لا يستطيع أن يرفض ما يطلبونه.

وألمح مساعدو ترامب إلى أنه إيفانكا وجاريد كانا السبب الرئيسي وراء رحيل كبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي، لأنهما لم يطيقا اعتراضه الدائم على مقتراحاتهم، وإيعاذه المستمر لترامب برفض ما يقدماه له.

شعوره بالعزلة يزداد يوم بعد يوم، تقول نيويورك تايمز إن ترامب بات يقضي وقتًا أقل مع أصدقائه القدامى، ومكث في حفلة عيد الميلاد بضع دقائق حرص على أن يلتقط فيها مجموعة من الصورة الروتينية مع ضيوف بعينهم، ثم اختفى في الطابق العلوي عوضًا عن الاختلاط بالناس. كذلك قضى عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة بمفرده حتى عادت زوجته ميلانيا من فلوريدا.

تقارير مُدمرة

ومع ذلك، ورغم إشارة الكثير من التقارير إلى احتمالية عزله نادرًا ما يُعرب ترامب عن قلقه إزاء هذا الشأن بصوت عالٍ، حسبما يقول مساعديه، عوضًا عن ذلك فهو يعبر عن احباطه وغضبه بهدوء شديد.

لا أحد خارج مكتب مولر يعلم عما ستكشف التقارير التي يعكف على كتابتها الآن هو وغيره من المدعاة العوام، إلا أن ما كشفوا عنه من معلومات يؤكد أنها ستكون تقارير مُدمرة، لاسيما بعد اظهارهم أنه كان مُحاطًا بأشخاص كذبوا على السلطات، وقاموا بالاحتيال والتهرب الضريبي، واخترقوا قوانين الحملات الانتخابية، وتعاملوا مع جهات أجنبية.

3

تقول نيويورك تايمز إن ترامب لا يساعد نفسه بقراراته الأخيرة والتي يستخدمها معارضوه لاثبات ولائه الشديد لروسيا، والتي كان اخرها سحبه القوات الأمريكية من سوريا، وهي الخطوة التي أثنى عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي الآونة الأخيرة، بات ترامب يقضي بعض الوقت في استعادة ذكرياته السعيدة عندما تفوق على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون خلال الحملة الانتخابية عام 2016. تقول نيويورك تايمز إن الرئيس الأمريكي أمضى فصل الخريف وهو يُعرض خطابات المحبة التي تلقاها من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ على مجموعة مختلفة من الأشخاص.

إلا أن الانجازات، والتي لا ترقَ أبدًا إلى كونها انجازات حسب نيويورك تايمز، ليست كثيرة في عهد ترامب، فأيامه مليئة بالصراعات بعضها من صنع يديه، فكلما مر الوقت كلما غادر مساعديه ومستشاريه المكتب البيضاوي، وتتسع الفجوة بينه وبين المحيطين به، ما يقتل أي محاولة للسلام ورأب الصدع قبل أن تولد.

فيديو قد يعجبك: