فرنسا تسأل: هل ينبغي أن تعيد اثار مستعمراتها الأفريقية المنهوبة؟
كتب – سامي مجدي:
ينتظر فنانون وحكومات من السنغال إلى إثيوبيا تقريرا كلف به الرئيس الفرنسي حول كيف يمكن للمستعمرين السابقين إعادة الارث الفني والثقافي الأفريقي إلى موطنه الأصلي مرة أخرى؛ ذلك الارث الذي نُهب خلال عصر الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية، التي نشأت في ثلاثينيات القرن التاسع عشر وانقضت عام 1980.
ومن المتوقع أن توصي دراسة قُدمت إلى إيمانويل ماكرون الجمعة، بأن المتاحف الفرنسية ينبغي أن تعيد الأعمال التي أخذت بدون موافقة، إذا طلبت الدول الأفريقية ذلك، بحسب تقرير وكالة أسوشيتد برس.
ومن شأن تلك الدراسة، التي عملت عليها المؤرخة الفنية الفرنسية بينيدكت سافوي، والاقتصادي السنغالي فيلوين سار، أن تزيد من الضغوط على متاحف أخرى في أوروبا.
يقدر خبراء أن ما يصل إلى 90 في المئة من الفن الأفريقي خارج القارة، بما في ذلك تماثيل وكراسي عرش ومخطوطات؛ على سبيل المثال هناك مكان واحد، هو متحف كواي برانلي في باريس، يمتلك عشرات الآلاف من تلك الأعمال. افتتح المتحف في 2006 لعرض الفن غير الأوروبي- والكثير من منه جاء من مستعمرات فرنسا السابقة.
لم يعلق المتحف على التقرير قبل إصداره.
في اثيوبيا، المستعمرة الفرنسية السابقة، قال رئيس الهيئة الإثيوبية لبحوث التراث الثقافي، يوناس ديستا، إن التقرير يظهر "حقبة جديدة من التفكير" في علاقات أوروبا مع أفريقيا، مضيفا لأسوشيتد برس: "أنا أتوق لرؤية التقرير الفرنسي النهائي".
أما وزير الثقافة السنغالي عبد اللطيف كوليبالي فقال: "من المنطقي تماما أن يستعيد الأفارقة أعمالهم الفنية... هذه الأعمال أُخذت في ظروف ربما كانت شرعية في ذلك الوقت، لكنها غير شرعية اليوم."
والتقرير بمثابة خطوة أولى في رحلة طويلة؛ فالتحديات كثيرة بداية من سبل تطبيق توصياته وصولا إلى مقاومة محتملة بشدة من المتاحف التي تقتني هذه القطع الفنية، وتحديد كيفية العثور على تلك القطع ومن جاء بها إلى المتاحف الفرنسية والأوروبية.
وهو أيضا جزء من تعهدات واسعة قطعها ماكرون لطي صفحة علاقة فرنسا المضطربة مع أفريقيا. ففي لقاء غير مسبوق مع طلبة في بوركينا فاسو العام الماضي، أكد ماكرون على "جرائم الاستعمار الأوروبي التي لا يمكن إنكارها"، وقال إنه يريد إعادة التراث الثقافي الأفريقي إلى أفريقيا "بشكل مؤقت أو بشكل دائم."
قال ماكرون في ذلك الوقت: "لا أستطيع أن أقبل أن جزءا كبيرا من التراث الأفريقي في فرنسا."
قد يكون للتقرير الفرنسي تداعيات واسعة النطاق. يقول البروفسير فيركيجيكا فانسو، أستاذ التاريخ في جامعة ياوندي وان في الكاميرون: "فرنسا تشعر بحرارة ما سيواجهه الآخرون. دع قرارهم يجعلنا نحفر الاخرين."
يشار إلى أن ألمانيا تعمل على إعادة الفنون التي استولى عليها النازيون، وقالت منظمة الفن الألماني المفقود، التي تنسق هذه الجهود، إنها بدأت في برنامج للبحث في منشأ القطع الثقافية التي تم جمعها خلال ماضي البلاد الاستعماري.
كما تتعرض بريطانيا لضغوط لإعادة القطع الفنية والاثرية الذي استولت عليه من مستعمراتها السابقة.
في الأشهر الأخيرة، زاد المسؤولون الإثيوبيون جهودهم لتأمين عودة القطع الأثرية والمخطوطات المنهوبة من المتاحف والمجموعات الشخصية والمؤسسات الحكومية في جميع أنحاء بريطانيا، بما في ذلك القطع الثمينة التي تم الاستيلاء عليها في ستينيات القرن التاسع عشر بعد المعارك في شمال إثيوبيا، بحسب يوناس.
في نيجيريا أيضا، دعم اتحاد منتجات البرونز على مر السنين دعوات لإعادة القطع الأثرية التي تم الاستيلاء عليها من قصر "أوبا" في مدينة بنين عام 1897 عندما اجتاحته بريطانيا. لا يزال الاتحاد يستخدم مهارات أسلافه منذ قرون لإنتاج الأعمال البرونزية في شارع إيغون، المدرج على قائمة اليونسكو للمواقع التراثية.
وقال إيريك أوساموديمين أوغيموديا، سكرتير اتحاد الإيغون لمصنعي البرونز، في مدينة بنين: "لم تكن أبدا نية ابائنا إعطاء هذه الأعمال للبريطانيين. من المهم أن نعيدها حتى نرى ما خلفه أسلافنا."
حذر أوغيموديا من أن التقرير الفرنسي الجديد لا ينبغي له أن يكون مجرد "توصيات لتهدئة الأفارقة..... دعونا نرى الفعل."
فيديو قد يعجبك: