هآرتس: ما الذي دفع نتنياهو لهدنة مع حماس في غزة
كتب- محمد عطايا:
قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق على تهدئة مع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة حفاظا على مكانته في الانتخابات المقبلة وتجنب ضغوطات من المجتمع الدولي إذا استمر في قصف القطاع المحاصر منذ أكثر من عقد.
أضافت الصحيفة في تقرير عن أسباب تمسك نتنياهو بالهدنة مع الفصائل الفلسطينية، أن رئيس الوزراء المنحدر من حزب الليكود لم يهدف بموافقته عن الهدنة إحلال السلام في المنطقة.
واستبعدت الصحيفة الكشف عن الهدف الحقيقي للعملية التي شنها جنود الاحتلال في غزة ليلة الأحد الماضي، لعقود قادمة، مشيرة إلى أنه ليس من الحكمة إطلاق عملية عسكرية في اللحظة نفسها التي بدأ فيها وقف إطلاق النار طويل المدى بالقطاع.
وأوضحت الصحيفة أن رئيس وزراء الاحتلال كان على علم بالعملية العسكرية التي شنها جنوده مساء الأحد، بل وأعطى لها الضوء الأخضر خلال إحدى "اجتماعاته الروتينية" مع رؤساء المؤسسات الأمنية.
ووفقا للصحيفة، اعتقد نتنياهو أن تلك العملية ستكون مثل سابقتها حيث ينتهي كل شيء، وفي الصباح يكون الفاعل مجهولًا، أو تكون مجرد تكهنات لا ترتقي لمستوى اليقين عن المنفذ.
وأشارت هآرتس إلى أن نتنياهو لديه خبرة ليس فقط بالتصريح لمثل هذه المهمات، بل بالمشاركة الفعلية وقيادتها على الأرض، وفرص الفشل في قيادة مثل تلك العمليات ضئيلة جدا.
وقالت الصحيفة إن القيادة الأمنية أخطأت من قبل في عملية اغتيال خالد مشعل في عمان عام 1997، والتي أسفرت عن إلقاء القبض على عملاء الموساد، ما أجبر سلطات الاحتلال على علاج مشعل وإنقاذ حياته، وإطلاق سراح 70 عضوًا من حماس بما في ذلك مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين من أجل رضاء الأردنيين.
نبهت الصحيفة العبرية، أن نتنياهو من الشخصيات الحذرة للغاية عندما يتعلق الأمر بإعطاء الضوء الأخضر لعمليات واسعة النطاق، مشيرة إلى أنه في السنوات الثلاث عشرة التي قضاها كرئيس لحكومة الاحتلال، لم يسمح سوى بعملية برية واسعة واحدة، خلال معارك غزة في عام 2014.
وأوضحت أن موافقة نتنياهو جاءت بعد أسابيع من توسلات زملائه في مجلس الوزراء والهيئة العامة لجيش الاحتلال، للسماح لهم بالدخول، مؤكدة أنه حتى عندما وافق في المستقبل، كان ذلك لغزو محدود للتعامل بشكل أساسي مع أنفاق حماس.
وأكدت هآرتس أن السر خلف تفضيل نتنياهو المتكرر لوقف إطلاق النار، يرجع لأنه يكره عمليات "السلام الكبرى"، بقدر ما يكره "الحروب الكبيرة".
وأوضحت أن وقف إطلاق النار في غزة يتطابق تمامًا مع استراتيجية الرفض التي يتبناها نتنياهو، مشيرة إلى أنه كون استراتيجية قبل خمسة وعشرين عامًا في كتابه "مكان ما بين الأمم"، مبنية على مبادئ خمسة لتعامله مع الفلسطينيين:
1- التصميم على الاعتراف بدولة فلسطين بغض النظر عما قاله قبل تسع سنوات لتهدئة الولايات المتحدة في ذلك الوقت.
2- على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة أن يكتسبوا العيش في جيوب شبه مستقلة في غزة، وأجزاء من الضفة الغربية، وعدم شن أي عمليات من شأنها تهديد أمن المستوطنين والمستوطنات.
3- تقع مسؤولية رفاهية الفلسطينيين على الدول العربية التي "استغلت" على مدى عقود محنتها لممارسة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي، وفي هذه الحالة، فإن الأموال القطرية إلى غزة هي بالضبط ما يؤمن به نتنياهو.
4- يمكن للاحتلال الإسرائيلي تحسين علاقاته مع الدول العربية، دون أن تكون لها صلة بالقضية الفلسطينية.
5- الوقت يقف بجانب الاحتلال الإسرائيلي، حيث يعتمد نتنياهو على استغرق الأمر عقودًا قبل أن تقبل الخصوم الاعتراف بوجود دولة يهودية، حتى يقبل الأمر الفلسطينيين أنفسهم.
لدى نتنياهو أسباب قصيرة الأمد أيضًا، للحصول على وقف لإطلاق النار، ودفع غزة بعيدًا عن جدول الأعمال لفترة من الزمن، فعلى الجبهة الداخلية، حيث أن العام القادم ستجرى الانتخابات، واستمرار الحرب في غزة أو إلقاء قذائف الهاون على المجتمعات القريبة من الحدود ستؤدي إلى تآكل مكانته داخل دولة الاحتلال، بحسب هآرتس.
على الصعيد الدبلوماسي الدولي، يريد نتنياهو التأكد من أنه يستطيع صرف أي مبادرة سلام محتملة من العقول في إدارة ترامب أو الأوروبيين، لأن الهدوء في غزة يقلل من الضغط الدولي عليه لتقديم تنازلات للفلسطينيين.
كما أنه ينشط الصدع بين حماس وفتح، حيث أن أبو مازن غاضب من الطريقة التي تجاوز بها اتفاق مصر-قطر-إسرائيل-حماس سلطته الفلسطينية وأبعده عن غزة، وبالتالي فإن القيادة الفلسطينية المنقسمة بشدة تجعل أي عملية دبلوماسية أكثر صعوبة.
فيديو قد يعجبك: