فورين بوليسي: كيف يحول ترامب أزمة احتجاجات إيران إلى فرصة؟
كتب -عبدالعظيم قنديل:
قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن الاحتجاجات الإيرانية بمثابة "أزمة وفرصة معًا" لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأضافت المجلة في تقرير نشرته الأربعاء أن ترامب صب اهتمامه على البرنامج النووي الإيراني منذ دخوله البيت الأبيض، مطلع العام الجاري، ولكن بعد ثلاثة أشهر تقريبا من قراره "التصديق" على امتثال إيران لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، أدى التصعيد المفاجئ للمتظاهرين التي اشتعلت بسرعة في البلاد إلى تحويل تركيز الإدارة على كيفية الرد على الاضطرابات.
بدأت الاحتجاجات الخميس الماضي في مدينة مشهد، ثاني أكبر المدن الإيرانية، ضد ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية، والوقود، وتسببت في مقتل نحو 21 شخصًا، واحتجاز المئات حتى الآن.
"الإيرانيون وترامب"
من المستحيل التكهن بشأن تطور الأحداث داخل إيران، والتي عبر كبار المسؤولين المحليين فيها عن عدم الرضا إزاء انتشار الاحتجاجات وحذروا من الفوضى، بالإضافة إلى حملة الاعتقالات الجماعية للمتظاهرين، وفق التقرير الذي أوضح أنه من غير المستبعد أن تقوم قوات الأمن الإيرانية بوقف الاضطرابات بالقوة.
أوضحت المجلة الأمريكية أن إدارة ترامب حاولت فرض توازن جديد على سياستها تجاه طهران، إلا أن الرد الأمريكي الحكيم على الاحتجاجات سيساعد في إعادة النظر في مواقف الحكومات الأوروبية تجاه البرنامج النووي الإيراني، في الوقت نفسه لابد من الاعتراف بخطأ الرئيس ترامب في حظر المواطنين الإيرانيين المسافرين من دخول الولايات المتحدة.
أثار الموقف الأمريكي من الاضطرابات، الذي تضمن سلسلة من تغريدات للرئيس دونالد ترامب، ردود فعل غاضبة من القيادة الإيرانية.
وقال ترامب إن الولايات المتحدة سوف تقدم الدعم للشعب الإيراني في الوقت المناسب. وتابع في تغريدة على موقع تويتر، الأربعاء، إنه "يحترم الشعب الإيراني لمحاولته استعادة الحكم من الحكومة الفاسدة".
أكد التقرير أن الدعوات المستمرة للإدارة الأمريكية إلى المتظاهرين الإيرانيين قد تأتي بنتائج عكسية، مشيرًا إلى أن بعض الإيرانيين يعتقدون أن تدخل واشنطن في الأوضاع الراهنة سيكون بمثابة "قبلة الموت"، وعلى هذا الأساس، كان هناك بالفعل نداءات من الداخل الإيراني تناشد المسؤولين الأمريكيين تجنب التحدث نيابة عن المتظاهرين والاكتفاء بالصمت.
"تردد أمريكي سابق"
ألمحت المجلة الأمريكية إلى رد فعل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما حينما اندلعت احتجاجات الحركة الخضراء، والتي أعقبت الانتخابات الرئاسية التي جرت في عام 2009، حيث رفضت الإدارة الأمريكية السابقة التصعيد ضد النظام الإيراني في بداية الاضطرابات، وبعد القمع العنيف الذي شنته طهران على المظاهرات، صرح البيت الأبيض أن واشنطن كانت "منزعجة وغاضبة".
كانت مظاهرات "الحركة الخضراء"، في 2009، أدت إلى مقتل 30 شخصا واعتقال الآلاف، فيما عَرف وقتها بأكبر نزول إلى الشوارع للاحتجاج منذ الثورة الإسلامية في 1979، والتي شارك فيها ملايين الداعمين للمعارضة رفضا لإعلان فوز محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسة ثانية.
كانت تقديرات الرئيس الأمريكي آنذاك تشير إلى أن الانتفاضة لم تمتلك الزخم الحقيقي لتهديد النظام الإيراني، حيث ذكرت "فورين بوليسي" أن القيادة الإيرانية استغلت الاستجابة الأمريكية الرصينة في إقناع الرأي العام الداخلي أن الحراك ليس أكثر من مؤامرة أجنبية ومحاولة خبيثة لتقويض النظام من الداخل.
وبحسب التقرير، تبنى أوباما سياسة مترددة في دعم المتظاهرين الإيرانيين، بما في ذلك من النشطاء أنفسهم، ومع مرور الوقت ألقى المراقبون باللوم على موقف واشنطن كخطأ أخلاقي وتكتيكي، على الرغم من ظهور تباين حاد في رد فعل البيت الأبيض من الانتفاضات الشعبية التي عمت جميع أنحاء الشرق الأوسط في عامي 2010 و2011.
وقد انتقد بعض المحللين نهج ترامب في تعامله مع الاحتجاجات، بما في ذلك مسؤول سابق في إدارة أوباما شدد على ضرورة "الحفاظ على الهدوء"، بينما تؤكد المجلة الأمريكية أن سياق النوايا الحسنة للمحلين قد يكون خاطئ. عندما تظهر حركة شعبية لمواجهة واحدة من أكثر الحكومات خطورة في العالم، لا يوجد بديل معقول-وليس بديلا يتفق مع المصالح والقيم الأمريكية-بخلاف تبني قضيتهم، والدفاع عن النشطاء.
"خطوات فعلية"
قالت فورين بوليسي إن التصريحات الأمريكية الرسمية يمكن أن تشجع الإيرانيين الذين يواجهون نظاما ظالما، وأن تكون بمثابة تحذير للقيادة الإيرانية، كما كتب ترامب، "العالم يراقب". مع ذلك، فإن الخطابة وحدها ليست كافية؛ فيمكن لواشنطن والعالم أن يفعلوا أكثر من ذلك لمساعدة قضية المتظاهرين.
ووفق التقرير، لا ينبغي على واشنطن الاكتفاء بدعم المتظاهرين، بل يمكنها تكوين جبيهة دبلوماسية قوية ضد النظام الإيراني، مع التركيز بشكل خاص على الشركاء الأوروبيين والآسيويين. فالأصوات الأوروبية ذات أهمية خاصة في الوقت الحالي في ظل محاولات طهران لتوسيع روابطها التجارية مع أوروبا.
وتوقعت المجلة أن يواجه النظام الإيراني انتقادات جدية من الحكومات الألمانية والفرنسية والبريطانية؛ حيث ستكون هناك دولا أوروبية على استعداد لإعادة النظر في علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية المتنامية إذا ما تم قمع المظاهرات بقوة.
إضافة إلى حشد العالم، قالت فورين بوليسي إن على البيت الأبيض بذل كل جهد ممكن لضمان وصول الإيرانيين إلى التكنولوجيا للتواصل مع بعضهم البعض والوصول إلى مصادر مستقلة للمعلومات.
وأضافت الوكالة أن "الخطوة الأهم التي يمكن أن يتخذها البيت الأبيض دعما لمعارضة إيران الشجاعة هي إزالة إيران من قائمة الدول الخاضعة لحظر ترامب على السفر، إذ أن إنهاء القيود المفروضة على السفر الإيراني إلى الولايات المتحدة ستكون مجرد خطوة رمزية في ظل الاضطرابات الراهنة، ومن غير المستبعد أن تنتشر موجة من النزوح إلى الخارج من قبل الناشطين والمعارضين.
فيديو قد يعجبك: