في عام واحد.. كيف غير ترامب سياسات الحزب الديمقراطي؟
كتب - هشام عبد الخالق
نشرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، مقالًا للكاتب الصحفي مات جروسمان، قال فيه: "كان من المتوقع العام الماضي بعد تنصيب الرئيس دونالد ترامب، أن يكون عاملًا أساسيًا في تغيير الحزب الجمهوري، مغيرًا من أولويات الناخبين، وصورته السياسية وأولويات الحزب نفسها.
وتابع جروسمان، حطم ترامب آمال الجمهوريين في أجندة أعمال أكثر تقليدية، وتحدى حزبه الخاص، كما تقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وأضاف جروسمان، كان الإغلاق الحكومي الأمريكي في الذكرى الأولى لتوليه السلطة، توضح أنه خلق استراتيجية وهوية سياسية جديدتان لحزب كبير، وكان هذا الحزب الديمقراطي.
"الجمهوريون هم نفس حزب الحكم المحافظ الذي كانوا عليه العام الماضي، ولكن الديمقراطيون يتبعون سياسة واستراتيجية أكثر صعوبة، تتمثل في معارضة موحدة تركز على القضايا الاجتماعية".
ويتابع الكاتب، في الوقت الذي تعاون فيه الديمقراطيون مع إدارة الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن، ومرروا قوانين إصلاح التعليم ووافقوا على التخفيضات الضريبية، فقد عارضوا جميع مبادرات ترامب، والقوانين التي حاول تمريرها.
ويضيف، حاول ترامب أن يصب اهتمام الجمهوريين على قضايا مثل الهجرة، التجارة، والجريمة، ويقول الخبراء إن كان من الممكن أن يستميل بإصلاحاته الاقتصادية الجمهوريين المحافظين، مستهدفًا بذلك الأمريكيين البيض من الطبقة العاملة ومحققًا فوائد ملموسة، ولكن ركز ترامب خلال عامه الأول على تخفيض الضرائب على الشركات الكبرى، ورفض متواصل لإلغاء قانون أوباما كير للرعاية الصحية، وغير ترامب السياسات الأمريكية حول الهجرة، التعليم، الصحة، البيئة، وكل شيء آخر يمينًا (نحو المتطرفين اليمينيين).
واستطرد الكاتب، يجب عليكم النظر لموقف الديمقراطيين من الإغلاق الحكومي الأخير، فبداخل الكونجرس طالبوا باتخاذ أفعال لإعادة الحماية للمهاجرين الذين دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني صغارًا للفوز بأصواتهم في التصويت لصالح ميزانية الحكومة، واتخذ الليبراليون الديمقراطيون نفس موقف الأقلية المتعنتة من الجمهوريين، أما في القواعد الشعبية نظم الجمهوريون مظاهرات حاشدة للنساء في عدة مدن أمريكية بمناسبة مرور عام كامل من النشاط الـ "ترامبي" الذي لا هوادة فيه.
ويضيف الكاتب، الذي يعمل مديرًا لمعهد السياسات العامة والبحوث الاجتماعية في جامعة ولاية ميشيجان، تؤدي خسارة الانتخابات الرئاسية في الغالب إلى زيادة النشاط السياسي، ويرد الرئيس عادة بعنف، ولكن نسبة الديمقراطيون الذين ظهروا في الفترة الأخيرة غير متوقعة، حيث زاد عدد الديمقراطيين أكثر من ثلاثة أضعاف العدد المعتاد للمرشحين الجادين الذين ينافسون أعضاء الكونجرس، ونافسوا في كل مكان في الانتخابات الخاصة وفازو في أماكن لم يتوقعها أحد، وهذا بعد أن بلغت نسبتهم في المكاتب الفدرالية والحكومية أقل مستوياتها منذ عام 1920.
وما يثير الدهشة بشكل خاص هو كيف حقق الديمقراطيون ذلك خارج الهياكل الرسمية للحزب الديمقراطي، الذي بدا غالبًا غير ذو صلة، وظهر أغلبية الديمقراطيين بشكل أقرب للليبراليين مما جعلهم يظهرون على أنهم انعكاس للهوية الجمهورية المحافظة.
وبدلًا من تكوين تحالف مع بيرني ساندرز، اتجه الديمقراطيون نحو مؤيديه اليساريين الشباب، معتمدين في ذلك على هويتهم الديمقراطية الأصلية، واتحد جميع الديمقراطوين المنتخبون ضد اثنين من المبادرات التشريعية الرئيسية للجمهوريين، وهما القانون الضريبي الجديد وإلغاء قانون أوباما كير، وظلت جميع مصالح الجماعات المتحالفة مع الحزب ضد ترامب.
وتمثلت التغييرات الكبرى في قضايا مثل النوع والعرق، وأثار حظر ترامب على الهجرة من الدول الإسلامية إلى دعم المسلمين بشكل كبير، وتغيرت الأساليب التي كانت ترفض الهجرة غير الشرعية لتصبح أسهل في التعامل معهم، وأصبح التحرش الجنسي إحدى أبرز القضايا في الحزب الديمقراطي، وأصبحت لجنةThe Congressional Hispanic Caucus - والتي يمثلها ديمقراطيون من أصول إسبانية - لها مسمعها في فرعي الكونجرس، وأصبحت مطالبها تمثل أهمية كبرى بالنسبة للحزب الديمقراطي.
وكان الإغلاق الحكومي - الذي انتهى اليوم الثلاثاء - أبرز مثال على تغير الديمقراطيين، حيث عادة ما يشكك الجمهوريون في قيمة الحكومة، وعادة ما يرفضون نتائج الإغلاق، ويرون تمديدات التمويل فرصة للحصول على تنازلات، ولكن لا يفعل الديمقراطيون هذا أبدًا.
وأضاف الكاتب، لا يزال الديمقراطيون يشكلون تحالفًا لجماعات انتخابية كثيرة ذات أولويات مختلفة، وأظهر الديمقراطيون سواء في الكونجرس أو في الحياة العامة مرونة أكثر من الجمهوريين، ولن يصبحوا حزبًا قويًا واسع الانتشار في أي وقت قريب، ولكنهم يكررون استراتيجية الحزب الجمهوري بشكل واسع الآن.
وتابع الكاتب، أثناء هذا، سيتعلم الديمقراطيون حدود الطريقة التي يتبعها الجمهوريون، وأنه من الصعب الحصول على العديد من الانتصارات لناخبيك، عندما تشترك في معارك حول الميزانية، وأن تكوين صورة لحزب وطني أيديولوجي لن يتحقق في كل مكان يجب أن ينافس به الحزب، خاصة في الأماكن الريفية والمناطق النائية في الضواحي، التي يأمل الديمقراطيون في الفوز بها مرة أخرى.
ويقول الكاتب، لن تستطيع أبدًا أن ترضي أشخاصًا يريدون منك الولاء بشكل دائم، وإذا حدث وأعطيت المتشددين بعض التأثير، فسوف يبدأون في تحديك في كل خطوة، ويمكن للقادة الجمهوريين أن يشهدوا على أن تمكين النشطاء والشخصيات الإعلامية وغيرهم له سلبياته.
ويتابع، ولا يستطيع القادة الديمقراطيون فعل الكثير لوقف موجة التمرد الأساسي، حيث رأت القاعدة الديمقراطية الشعبية ما وصل إليه الجمهوريون وحكموا أنه جدير بالتقليد، فقد أشعل ترامب خوفًا وغضبًا لا يمكن إيقافهما، ويكمن الجزء الصعب في تسخير كل تلك الطاقة نحو غايات بناءة.
بعد عام من رئاسة ترامب، يبحث الجمهوريون أيضًا - بشكل مفاجئ - عن نفس الشيء الذي يبحث عنه الديمقراطيون، وهو حزب محافظ يركز على المعارك الأيديولوجية على حجم ونطاق الحكومة ولكن باتجاه المجتمع.
واختتم الكاتب مقاله قائلًا: "الديمقراطيون هم من يختبرون استراتيجية جديدة متشددة، وفي بعض الحالات يسعون وراء مواقف رمزية بدلًا من المكاسب الملموسة، ولكن يكمن خطر تلك الطريقة في إن هؤلاء المصممين لا يعرفون متى يتوقفون".
فيديو قد يعجبك: