هل تصعد سوريا لكأس العالم عبر إيران؟
كتب – محمد الصباغ:
"معقول نستشهد معًا. نروح مجلس الأمن معًا. نسحق داعش معًا. وبالأخر تروحوا عكأس العالم لحالكن؟". رسالة بعث بها لاعب كرة القدم السوري المعتزل، زياد شعبو، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إلى الإيرانيين قبل خوض منتخب بلاده مباراة تاريخية لكرة القدم في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم في روسيا عام 2018.
وقفت الدول الثلاث (سوريا وإيران وروسيا) سوياً منذ عام 2011 ضد كبار المجتمع الدولي وضد محاولات مواطنين سوريين الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وهي المحاولات التي دعمتها دول عربية وغربية وسمحت أيضًا لمجموعات إرهابية كداعش وجبهة النصرة أن تجد لها مكان في سوريا.
هذا التقارب السياسي على مدار الأعوام الماضية جعل مباراة مصيرية في كرة القدم بختام تصفيات كأس العالم بين إيران وسوريا تحمل صبغة سياسية ليست بالجديدة على ملاعب المستديرة الساحرة. يحتاج أسود قاسيون، كما يلقب منتخب سوريا، إلى الفوز في المباراة لضمان التأهل إلى كأس العالم أو على الأقل الإبقاء على فرصته قائمة بالوصول.
ضمنت إيران التواجد في روسيا عام 2018 بعدما تصدّرت المجموعة الأولى من تصفيات قارة آسيا برصيد 21 نقطة من 9 مباريات. ويأتي منتخب كوريا الجنوبية في المركز الثاني برصيد 14 نقطة، ثم سوريا برصيد 12 نقطة وبفارق الأهداف عن أوزبكستان، وتتذيل قطر المجموعة برصيد 7 نقاط ويسبقها فقط الصين برصيد 9 نقاط.
تستضيف إيران في الجولة الحاسمة سوريا في حين يلعب منتخب كوريا الجنوبية مع خارج ملعبه مع أوزبكستان. وفي حال فوز السوريين وهزيمة كوريا الجنوبية سيضمن التأهل مباشرة لكأس العالم مع وضع فارق الأهداف في الحسبان. أما لو فازت كوريا الجنوبية أو تعادلت فيجب على سوريا ألا تتلقى الخسارة حتى تحصد المركز الثالث بالمجموعة. ويلعب صاحب المركز الثالث مباراتين فاصلتين مع ثالث المجموعة الأسيوية الثانية، والفائز منهما يلتقي مع خامس تصفيات الكونكاكاف (امريكا الشمالية والوسطى والكاريبي) مباراتين أخرتين ليصل الفائز إلى روسيا.
وأثارت تدوينة المدرب الحالي زياد شعبو جدلًا كبيرًا في الأوساط السورية حيث يعيش في اللاذقية المدينة التي تسيطر عليها القوات الحكومية ويؤيد بشار الأسد، وكان قد أكد في حوار صحفي سابق مع موقع "بليتشر ريبورت" الرياضي عام 2016، على أنه لن يترك سوريا ولن تمنعه المشاكل التي تواجهها بلاده من ممارسة مهنته.
ورد كثير من السوريون بأنهم سيحصدون الفوز بالمباراة بجدّهم وعملهم وليس بتراخي من إيران، التي تقف بجانب النظام السوري وضد كل محاولات إسقاط الرئيس بشار الأسد.
وبحسب تقديرات صحيفة هآرتس الإسرائيلية فقد لقي حوالي 500 إيرانياً مصرعهم خلال القتال لصالح الحكومة السورية، وذلك بعيدًا عن مقاتلي حزب الله والمليشيات الشيعية الأخرى التي تدين بالولاء لطهران. كما أنه وفقًا لما نقله تقرير للصحيفة العبرية الشهر الماضي، فقد وصلت أعداد المقاتلين الشعية الذين تتحكم إيران في تحركات أغلبهم إلى 70 ألف مقاتل.
وليست هذه أول مرة في المجموعة الأسيوية لتصفيات كأس العالم التي تسطو فيها السياسة، فقد ظهر لاعبو منتخب قطر في منتصف 13 يونيو الماضي بقمصان عليها صورة الأمير تميم بن حمد قبل مباراتهم مع منتخب كوريا الجنوبية. وجاء ذلك بعد أيام من إعلان دول السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة واتهموها بدعم الإرهاب.
وغرّم الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" اتحاد الكرة القطري بسبب مخالفة اللوائح ورفعهم شعارات سياسية خلال المباراة، ووصلت قيمة الغرامة المالية إلى 51.800 دولار أمريكي، كما غرّمت لاعب قطر حسن الهيدوس بنفس القيمة لأنه بعد تسجيله هدفًا رفع قميصًا عليه صورة تميم.
وما يرفع من التكهنات بين الجماهير بالتلاعب بالمباراة هو أن المنتخب الإيراني ضمن الصعود إلى النهائيات، وبالتالي ربما لا يبذل قصارى جهده سواء عن عمد أو عن غير قصد في المباراة مما يمنح المنتخب السوري فرصة ذهبية للصعود إلى كأس العالم لأول مرة في تاريخه.
وسيكون هذا الصعود إن حدث بمثابة الحدث الأعظم للدولة وسط حرب أهلية طاحنة شاركت فيها أطراف دولية عديدة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وتركيا وإيران والسعودية وقطر والإمارات ومصر. وربما يستغل النظام السوري هذا التأهل المرتقب، وهو ما يحدث حيث يحضر الرؤساء وكبار المسئولين في الدول المباريات الحاسمة في كرة القدم.
وحضر الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند لقاء الافتتاح في بطولة الأمم الأوروبية الماضية العام الماضي في بلاده، في رسالة اعتبرها كثيرون ردًا على التفجيرات الإرهابية التي طالت أنحاء متفرقة في فرنسا. وكان محيط استاد فرنسا في نوفمبر 2015 شهد تفجيرًا إرهابيًا خلال حضور هولاند لمباراة ودية بين ألمانيا وفرنسا، وسمع دوي الانفجار من داخل الملعب.
ومن جانبه رفض المدير الفني لمنتخب إيران، كارلوس كيروش، اتهامات تفويت المباراة موضحًا أن فريقه لم يُهزم في التصفيات ولم تهتز شباكه أيضًا، وقال إنه يسعى للحفاظ على هذا السجل. كما وصف كيروش اتهامات التلاعب بالحقيرة.
ومن الجدير بالذكر أنه وبسبب الحرب الأهلية يخوض المنتخب السوري مبارياته في ماليزيا. لكن كل الأنظار السورية ستوجه غدًا نحو إيران حيث قد يكتب لاعبو المنتخب السوري بأقدامهم تاريخًا جديدًا يفرح به المواطنون السوريون بكل أطيافهم وتتوقف الحرب ولو لساعات قليلة احتفالًا بالوصول إلى كأس العالم.
فيديو قد يعجبك: