بعد تحالفه مع الجيش اللبناني .. أبعاد جديدة لقوة حزب الله
برلين (دويتشه فيله)
استفادت ميليشيا حزب الله اللبناني الشيعي من الحرب في سوريا، خصوصا. وبصفته رأس حربة لإيران، تمكن الحزب من رفع قدراته العسكرية بشكل هائل. كما أن وجوده في سوريا أيضا يشكل تهديدا لإسرائيل.
منذ خمسة أيام يقاتل الجيش اللبناني ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي (داعش)، الذي اقتحمت ميليشياته مناطق في مرتفعات القلمون في الأراضي السورية، التي تمتد إلى الأراضي اللبنانية. وعناصر تنظيم "داعش" مجهزون عسكريا بصورة جيدة، لذلك يقود الجيش اللبناني المعركة ضد التنظيم بالتعاون مع شريكين اثنين: حزب الله وإيران.
وأكد وكيل وزارة الخارجية الإيرانية، حسين جابري أنصاري، أن التحالف الجديد، الذي يسيطر عليه الشيعة "تمكن من أن يقهر المتطرفين السنة في تنظيم داعش".
أضاف أثناء زيارته لبيروت: "القوات العسكرية اللبنانية مدعومة من حركة المقاومة حزب الله والقوات الوطنية (الإيرانية)، سجلوا بعض الانتصارات المهمة ضد متطرفي داعش".
تحالف لم يكن ليتصور من قبل
الجيش اللبناني وحزب الله: تحالف كان حتى أوقات قريبة لا يمكن تصوره. فمن كان يتصور أن الجيش الوطني اللبناني يدخل في اتحاد مع مليشيات عسكرية جذورها في إيران ومدعومة من طهران؟
هنا يدخل الجيش اللبناني كمؤسسة حكومية في تحالف مع طرف غير حكومي يتصرف مثل "دولة داخل الدولة"، حسب تقدير أستاذ العلوم السياسية إيتان أزاني، الذي ذكر في كتابه عن حزب الله: "أن السياسة المستقلة للمنظمة اللبنانية (حزب الله) خلقت صراعات وتوترات في علاقتها مع الدولة اللبنانية".
وأشار أزاني إلى أن "إحدى نقاط الصراع الرئيسية بين الحركة (حزب الله) والحكومة تتمثل في سياسة المقاومة، التي ينتهجها حزب الله، وهو ما يتعارض في الكثير من الحالات ومن جميع النواحي مع مصالح الحكومة اللبنانية، مما يقوض العمليات التي تقوم بها الحكومة".
ولا يزال هذا التوتر الناتج من فترة تسعينات القرن الماضي قائما لغاية اليوم. ويعد حزب الله عنصراً مستقلا في السياسة اللبنانية. وعلى الرغم من أن حزب الله ممثلا في الجمعية الوطنية اللبنانية (البرلمان) منذ عام 1992، إلا أنه يقود جناحه العسكري بسياسة مستقلة عن الدولة غالبا.
وفي سنة 2006 قام حزب الله بمناوشات عسكرية مع إسرائيل، مما أدى إلى نشوب حرب استمرت نحو شهر.
لبنان منقسم
ومن ذلك الحين أصبح لبنان منقسما سياسيا. فالسنة والدروز وأجزاء من المسيحيين اللبنانيين يقفون في جهة، وفي الجهة الأخرى يقف الشيعة وأجزاء من المسيحيين.
ويقول المحلل السياسي التركي تيمور غوكسيل إن ما يشغل الائتلاف الحاكم المكون من الموارنة والسنة والدروز هو "منع حزب الله من استخدام سلاحه وثقله السياسي لتغيير التوازن السياسي والاقتصادي للنظام القائم على أسس طائفية في لبنان".
وحقيقة أن الجيش اللبناني يتعاون مع هذا الشريك، الذي لا يمكن السيطرة عليه عسكريا، بالإضافة إلى اعتبار إيران شريكا، يسببان قلقا بالغا في إسرائيل. فحزب الله يمكن أن يستخدم تحالفه مع الجيش اللبناني لتسيير أجندته ضد إسرائيل بصورة أكبر من السابق، وفقا للمخاوف (الإسرائيلية).
تهديدات حسن نصرالله
قبل أشهر مرت وجه زعيم حزب الله، حسن نصرالله، تهديدات واسعة النطاق ضد إسرائيل. وأوضح في يونيو هذا العام أنه إذا ما شنت إسرائيل هجوما على لبنان أو سوريا فإن "مئات الآلاف" من المقاتلين العرب والمسلمين سيكونون مستعدين للرد.
وتابع نصرالله "وفي حال وقوع هجوم من هذا القبيل، فلن يكون معلوماً إذا ما كان القتال سيقتصر على لبنان وإسرائيل أو سوريا وإسرائيل".
وفي منتصف أغسطس تناول الموضوع مرة أخرى وقال "في حالة شنها لهجوم فإن إسرائيل ستواجه عدوا أقوى "مائة مرة" مما كان عليه في الصراعات السابقة".
وفي الوقت نفسه، هدد نصر الله بمهاجمة المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونة. وكان قد سبق له أن ذكر بالفعل اسم خزان ضخم للأمونيا في حيفا كهدف محتمل. وسيكون لتفجيره عواقب مدمرة على المدينة وسكانها. وأثار ذلك نقاشا في إسرائيل حول نقل الخزان إلى منطقة آمنة.
ويتضح دائما وبشكل متزايد أن حزب الله، بالتعاون مع إيران، هو واحد من أكبر الفائزين في الحرب في سوريا. وكلمة نصرالله ذات الثقة بالنفس حول تضاعف قوة حزبه إلى مائة ضعف، قد تكون مبالغا فيها في بعض النقاط، لكنها تشير إلى أن حزب الله يستفيد بشكل كبير من دوره كذراع عسكري لإيران.
في البداية، كان هدف إيران هو عدم فقدان سوريا، أهم حليف وفي الوقت نفسه الدولة الوحيدة الحليفة لها في المنطقة. غير أنه خلال مسيرة سنوات الحرب برز هدف جديد هو: طريق برية دون انقطاع، عبر العراق وسوريا وصولا إلى لبنان.
"على مرمى حجر من الحدود"
وفي الوقت نفسه، يعني هذا أن منطقة النفوذ الإيراني تصل مباشرة حتى إسرائيل. وقال رئيس دائرة الاستطلاع العسكرية الإسرائيلية هرتزل هاليفي واصفا الوضع الجديد إن "حزب الله على بعد مرمى حجر من الحدود الإسرائيلية".
وهكذا يحصل حزب الله على وزن ثقل جديد. وبما أنها موجودة أيضا في سوريا وستستمر في المستقبل المنظور، فإنها تشكل أيضا تهديدا من نوعية جديدة تماما بالنسبة للاستراتيجية الجيوستراتيجية لإسرائيل، إذ لم يعد بإمكانها أن تهاجم فقط من الجنوب اللبناني وإنما أيضا من الحدود السورية الغربية. وهكذا يصبح طول الجبهة الضعف تقريباً.
ومن غير المرجح حاليا شن هجوم، لأن ثلث مقاتلي حزب الله يشاركون في منطقة الحرب السورية. وبالإضافة إلى ذلك، عانت المنظمة من خسائر موجعة سواء من الناحية البشرية أو المالية. ولكن على المدى الطويل، فهناك خطر واضح في إمكانية نشوب حرب.
إسرائيل تستعد
وتستنتج إسرائيل عدة عواقب من الحالة الجديدة. فمن ناحية، تتعالى أصوات مطالبة بعدم التمييز بين حزب الله والجيش اللبناني النظامي.
وقال موردخاي كيدار من مركز بيجين-السادات للدراسات الاستراتيجية في رامات غان في حديث مع صحيفة جيروزالم بوست: "الجيش اللبناني هو جناح لحزب الله".
كما تشير الصحيفة نفسها إلى أن شحنات الأسلحة من الدول الغربية – وتسمي هنا فرنسا والولايات المتحدة - إلى الجيش اللبناني تصل إلى أيادي حزب الله عاجلا أو آجلا.
وبالإضافة إلى ذلك، اعترفت إسرائيل للمرة الأولى بأنها هاجمت حزب الله "عشرات المرات"، وفقا لما نقلته صحيفة هاآرتس عن قائد إسرائيلي لم يذكر اسمه.
ونقلت "هآرتس" عن قائد القوات الجوية الإسرائيلية أمير اشيل قوله إن "التصعيد إلى حرب في الشرق الأوسط ظاهرة شائعة، ونحن نريد تجنب مثل هذا التصعيد."
وأضاف أنه رغم كون الجيش لا يستطيع كسب مثل هذه الحرب خلال ساعات قليلة، إلا إنه متطور لدرجة أن بإمكانه "تقصير أمدها بشكل كبير".
فيديو قد يعجبك: