بعد عقود من النزاع.. الحزن جزء لا يتجزأ من حياة الاسرائيليين والفلسطينيين
(أ ف ب):
يستخدم البعض الصور، ويسعى آخرون إلى حشد تضامن عالمي معهم، وينخرط غيرهم في حملات من أجل السلام، بعد خمسين عاما على حرب يونيو 1967، ترك الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني آلاف العائلات الثكلى التي تسعى إلى تجاوز الالم، كل على طريقتها.
وتشعر تامار بايكس، 49 عاما، أنّها خسرت والدها مرتين: المرة الاولى في عام 1967، قبل بضعة أشهر من ولادتها عندما قتل والدها في حرب الايام الستة. ثم بعدها بست سنوات، قتل شقيقها الذي كان أصبح ربّ الاسرة، في حرب يوم الغفران عام 1973.
وتتذكر تامار والدها الذي كان عقيدا في الجيش الاسرائيلي من خلال صورة معينة يشير فيها إلى خريطة خلال بحثه خطة الاستيلاء على القدس مع جنود آخرين، التقطت قبل أيام من تعرضه للطعن حتى الموت على يد جندي أردني.
وما زالت الصورة معلقة في منزل والدتها. وتقول تامار إن عائلتها شجعت على الاحتفاظ بالفخر تجاه والدها، وليس الحزن عليه حقا.
وتقول لوكالة فرانس برس "أردات عائلتي أن تتذكره كبطل. (...) نحن ضحايا لهذه البطولة".
واضافت "كنا نشارك في مخيمات مع عائلات أخرى فقدت اقاربها"، في اطار الخطوات التي قامت بها العائلة بحثا عن الدعم النفسي.
وتتكرر القصة في الجانب الآخر. فقد قتل والد علي اشتيوي، صلاح، وهو يقاتل ضد الاسرائيليين في حرب عام 1967.
وحمل اشتيوي لعقود في محفظته صورة صغيرة لوالده، بشاربيه وكوفيته الفلسطينية التقليدية.
ويروي انه تعلم ان يرى والده كبطل دون ان يتحدث عنه كثيرا، وكانت أسرته المتدينة تكرر ان وفاته جاءت في إطار تدبير إلهي، ولكن نادرا ما تم تناول موضوع الحزن.
ويقول لوكالة فرانس برس "كنت متأكدا دائما انه مات بطلا".
ويؤكد الاستاذ في جامعة تل ابيب دانيل بار-تال ان ضحايا اعمال العنف ينتهي بهم الامر كأبطال يتم تبجيلهم في المجتمعين الاسرائيلي والفلسطيني.
وبحسب بار-تال، "عندما يقتل الناس على يد الجانب الاخر، بإمكانك ان تظهر بمظهر الضحية"، مؤكدا ان "كل مجتمع يواصل المضي قدما كأنه الضحية الحصرية" للنزاع.
وتفيد أرقام صادرة عن المكتبة الافتراضية اليهودية أن نحو تسعة آلاف اسرائيلي لقوا مصرعهم في أعمال عنف منذ عام 1967.
ومن الصعب الحصول على أرقام موثوقة من الجانب الفلسطيني، ولكن منظمة "بيتسيلم" الحقوقية الاسرائيلية تتحدث عن مقتل أكثر من عشرة آلاف فلسطيني منذ بدء الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 1987.
وارتفع عدد القتلى خلال الانتفاضتين الاولى (1987-1993) والثانية (2000-2005).
بالنسبة إلى الاسرائيلي رامي الحنان الذي قتلت ابنته في تفجير انتحاري عام 1997، فان التعامل مع الحزن لم يأت عبر بناء نصب تذكارية، بل عبر تشكيل منظمة غير حكومية تسعى للتقارب بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
ويقول لوكالة فرانس برس "الغضب موجود، وهذا أمر طبيعي. الغضب نتيجة ألم كبير، ولكن السؤال هو كيف نقوم باستخدامه. هل نستخدمه لخلق المزيد من سفك الدماء او المزيد من الغضب او العكس، محاولة العثور على وسيلة لنوقف ذلك؟".
وينشط الحنان في "حلقة الاباء- منتدى العائلات الثكلى الفلسطيني - الاسرائيلي"، وهي منظمة تجمع العائلات الثكلى من الجانبين.
وإذا كان أناس مثل الحنان لجأوا الى هذه الطريقة لتجاوز ألمهم، فإن عائلات أخرى تتشدد.
بالنسبة الى رون كهرمان الذي قتلت ابنته في عام 2003 في تفجير، فإن مقتل ابنته يعني الحاجة الى المزيد من القيود.
ويقول "تم انتزاع الحق الاول وهو حق ابنتي في الحياة. وان كان الثمن الذي يتوجب عليه دفعه لحماية اطفالي الآخرين هو حقوق إنسان أقل وأقل خصوصية، سأقبل بذلك".
ومع انتهاء الانتفاضة الثانية في عام 2005، انطلقت دوامة العنف مرة أخرى عبر شن اسرائيل ثلاثة حروب على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس الاسلامية.
وبحسب الامم المتحدة، قتل اكثر من 3500 فلسطيني و93 اسرائيليا نتيجة لهذه الحروب.
ولا تبدي كل العائلات جهوزية في تجاوز غضبها.
ومن إحدى أكثر اللحظات التي لا تزال ماثلة في الذاكرة من حرب عام 2014، مقتل اربعة اطفال من عائلة واحدة تتراوح اعمارهم بين 9 و11 عاما على شاطئ غزة في قصف اسرائيلي.
ويقول عم الاطفال زكريا بكر ان صور الاطفال ما تزال معلقة على جدران المنزل. ويضيف "كل سنة، هناك حوادث، كل سنة، هناك موت"، معددا أسماء أفراد العائلة الذين قتلوا أو جرحوا في السنوات الاخيرة. ويضيف "من المستحيل أن ننسى".
وكان بكر يشارك في جنازة في مدينة غزة بعد ثلاثة ايام على مقتل قريبه محمد بكر، وهو صياد، إثر اطلاق البحرية الاسرائيلية النار عليه.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: