الأزمة الليبية.. ماذا يحدث هناك؟
كتبت- رنا أسامة:
قبل أيام دارت اشتباكات مُسلّحة في منطقة أبو سليم، وسط العاصمة طرابلس، بين قوتين تنتميان لحكومتيّ الوفاق والإنقاذ الليبيتين، أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن تسعة قتلى وإصابة 16 جريحًا، وفقًا لتقارير إعلامية ليبية.
وتشهد العاصمة طرابلس ومناطق أخرى في ليبيا اشتباكات مسلحة منذ أشهر، تندلع بين الحين والآخر، بين المليشيات خاصة بعد إعلان حكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر الوطني السابق، عن عودتها للمشهد وتكوينها جسما عسكريا جديد يحمل الاسم "الحرس الوطني"، يضم في تكوينه أغلب الميليشيات التي كوّنت عملية فجر ليبيا في السابق.
وتعيش ليبيا حالة من الفوضى والصراع على السلطة بين العديد من الأطراف السياسية والمليشيات المسلحة في مختلف أنحاء البلد الواقع في الشمال الأفريقي، وذلك منذ سقوط الزعيم السابق معمر القذافي إثر انتفاضة الربيع العربي في 2011.
وقد استغل تنظيم داعش تلك الفوضى وأسس لنفسه موطئ قدم في مدينة سرت، غربي البلاد، ما شكل تهديدًا لدول الجوار، مصر وتونس والجزائر، فضلا عن تهديدها للقارة الأوروبية؛ إذ تعتبر ليبيا معبرا للاجئين والمهاجرين عبر البحر المتوسط إلى شواطئ القارة العجوز.
بداية القصة
ما إن اندلعت الثورة الليبية في فبراير من العام 2011، التي قادت إلى الإطاحة بنظام الديكتاتوري مُعمر القذافي، حتى وقعت البلاد في فخّ الفوضى.
ساد المشهد حالة من الالتباس والغموض. ومع تنامي التناحر والانقسامات بين الميليشات المتنافسة على السلطة، نشأت بيئة خصبة مهدت لظهور تنظيم داعش وتوسّعه داخل ليبيا.
مَن هم اللاعبون الرئيسيون في المشهد؟
حكومة الوفاق الوطني:
هي حكومة مُعترف بها دولياً ومدعومة من الأمم المتحدة المتحدة، تضم 13 وزارة، ويقودها فايز مصطفى السرّاج.
ووفقًا للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فقد تشكّلت حكومة الوفاق الوطني في فبراير من عام 2016 المنصرم، بموجب اتفاق الصُخيرات، وهو اتفاق سلام وقعه برلمانيون ليبيون في ديسمبر 2015 برعاية الأمم المتحدة بمدينة الصخيرات المغربية.
نالت حكومة الوفاق يوم 23 فبراير 2016 الثقة بالأغلبية، بعد إعلان مائة من مجلس النواب المنعقد بطبرق موافقتهم على التشكيلة الوزارية المقترحة من المجلس الرئاسي.
وبدأت القوات الموالية لحكومة الوفاق حملة، في الثاني عشر من مايو 2016، لاستعادة مدينة سرت التي سيطر عليها تنظيم داعش في 2015، مدعومة بغارات جوية أمريكية، في إطار عملية "البنيان المرصوص".
وأعلنت القوات الموالية للوفاق سيطرتها التامة على سرت في ديسمبر 2016، بحسب تقارير إعلامية ليبية.
اللواء خليفة حفتر:
أعلن حفتر في مايو 2014 عن بدء عملية "الكرامة"، من بنغازي شرق البلاد لتخليص ليبيا من العناصر الإرهابية والتكفيرية، فيما رحّب بتدخل عسكري مصري في البلاد في يونيو من العام نفسه، وحظي بتأييد قوي لحملته من الجماعات الليبية المسلحة المتنوعة، وفقًا لشبكة بي بي سي.
واستخدم حفتر طائرات حربية وقوات برية في بنغازي، لتنفيذ هجوم وقائي ضد قواعد ميليشيات مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى،وفي إطار "عملية كرامة ليبيا".
ألقى حفتر على تلك المليشيات بالمسؤولية عن التفجيرات والاغتيالات التي اجتاحت شرقي البلاد خلال السنوات الأخيرة.
وشبّه البعض حفتر بالرئيس عبد الفتاح السيسي، من مُنطلق تعهّد كلاهما بتخليص بلاده من جماعة الإخوان المسلمين.
وذكر المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية أن العلاقة بين حفتر والمتحدث باسم برلمان طُبرق-عقيلة صالح-قوية للغاية، مُشيرًا إلى تمركز القواعد التي يحكم منها حفتر في مرج (شرق ليبيا)، وسيطرتها العسكرية القوية على كلٍ من حكومة البيضا ومجلس النواب في طبرق.
وفي 2016، أحرزت قوات حفتر تقدّمًا ملحوظًا في مدينة بنغازي ضد مجلس الشورى الثوري الذي يسيطر عليه الإسلاميون وتنظيم داعش.
واتهم حفتر دولة قطر بتنفيذ أجندات لدول وأطراف أخرى في ليبيا، كما انتقد تركيا زعمًا منه أنه تموّل الإرهاب في ليبيا.
وكان الرئيس التونسى الباجي قائد السبسي قد كشف عن لقاء قريب يجمعه بالمشير خليفة حفتر في تونس، لإقناعه بضرورة التوافق السياسي لحل الأزمة في ليبيا، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك".
حكومة الإنقاذ الوطني:
تنبثق عن المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، ويترأسّها خليفة الغويل.
وسيطرت حكومة الإنقاذ على أجزاء واسعة من غرب وجنوب ليبيا نهاية 2014 وبداية 2016، ولم تنف دعمها لـ"مجلس شورى ثوار بنغازي"، في حربهم ضد قائد "عملية الكرامة"، قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر.
وأعلنت حكومة الإنقاذ في أبريل 2016 مغادرة السلطة وإفساح المجال لحكومة الوفاق الوطني، لتسلم الحكم بعد أقل من أسبوع من دخولها البلاد.
ودعت حكومة الإنقاذ لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع حكومة عبد الله الثني بطبرق، في إطار حوار ليبي ودون وساطة أجنبية.
حكومة طبرق المؤقتة:
تنبثق عن مجلس نواب طبرق المُنحل في سبتمبر 2014، برئاسة عبد الله الثني، وتتخذ من مدينة البيضاء شرقي ليبيا مقرًا لها.
وحظيت حكومة طبرق بدعم قوات الفريق المُنشق خليفة حفتر.
ولقيت حكومة الثني دعمًا من 21 حكومة ومنظمة في مؤتمر تم عقده بمدريد لبحث الشأن الليبي في سبتمبر 2014.
وفي نوفمبر2014، نزعت المحكمة العليا الليبية الشرعية عن برلمان طُبرق، وما انبثق عنه من قرارات ومؤسسات ومنها حكومة الثني، لتنتهي ولايته في أكتوبر 2015.
واتفقت حكومة الثني مع حكومة الإنقاذ في أكتوبر 2016 على تشكيل حكومة وحدة وطنية.
تنظيم داعش في ليبيا:
سيطر تنظيم داعش على ساحل البحر الأبيض المتوسط حول مدينة سرت، كما شنّ هجمات في كافة المدن الليبية الكبرى، بما في ذلك العاصمة طرابلس، قبل أن يتم طرده سرت.
وينتظر داعش في أجزاء أخرى من ليبيا، بما في ذلك مدينة بنغازي، فيما تم طرد معظمهم من مدينتيّ درنة وصبراتة من قِبل القوات الموالية لحفتر.
ما هو اتفاق الصخيرات؟
وقّع أعضاء من البرلمان الليبي والمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته وشخصيات ليبية آخرين اتفاق سلام برعاية الأمم المتحدة، في مدينة الصخيرات المغربية، في ديسمبر 2015.
وبحسب تقارير إعلامية، ينص الاتفاق-الذي تم التوصّل إليه بعد 14 شهرًا من جلسات الحوار في الصخيرات-على تشكيل حكومة وفاق وطني تقود مرحلة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات تشريعية، بعد عام من التوقيع، وتوسيع المجلس الرئاسي ليتكوّن من تسعة أشخاص، رئيس وخمسة نواب وثلاثة وزراء.
كما ينص على أن السلطة تتشكل من ثلاث مؤسسات دولة رئيسية، وهي مجلس النواب ويمثل السلطة التشريعية، ومجلسُ الدولة وهو بمثابة غرفة برلمانية استشارية ومجلس رئاسي، وتنتقل كافة صلاحيات المناصب العسكرية والمدنية والأمنية العُليا المنصوص عليها في القوانين والتشريعات الليبية النافذة إلى المجلس الرئاسي فور توقيع الاتفاق، ويتم اتخاذ أي قرار بإجماع مجلس رئاسة الوزراء.
فيديو قد يعجبك: