ترقب حذر في إسرائيل من تنامي نفوذ إيران وتفجر المنطقة
برلين (دويتشه فيله)
التوترات بين السعودية ولبنان وإيران تؤثر على منطقة الشرق الأوسط برمتها. وفي إسرائيل يتابع المسؤولون التطورات عن كثب ويحذرون من تنامي النفوذ الإيراني الذي قد يزعزع الاستقرار الهش في منطقة متفجرة.
كانت نهاية أسبوع مليئة بالأحداث بالنسبة إلى المحللين العسكريين والمعلقين السياسيين في إسرائيل. فيوم الجمعة الماضي ظهر زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله عبر قنوات التلفزة، واتهم العربية السعودية بالضغط على إسرائيل لخوض حرب في لبنان. وفي الوقت نفسه حذر "العدو الإسرائيلي اللدود" من التدخل.
وبعدها بيوم أسقط الجيش الإسرائيلي طائرة بدون طيار فوق مرتفعات الجولان المحتلة. وكانت تلك الطائرة على ما يبدو في مهمة تجسس في المنطقة المنزوعة السلاح. وذكر وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن إسرائيل "ستقوم بكل شيء لمنع محور شيعي في سوريا".
أتى ذلك بعد أيام مفعمة بالتكهنات داخل إسرائيل حول خلفيات استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وحول الإجراءات الدبلوماسية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وفي إسرائيل أبدى المسؤولون تفاجأهم من التحركات السعودية، وحافظوا على مواقف متحفظة من الناحية الرسمية. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو موجوداً في لندن إثر إعلان استقالة الحريري. وجاء في بيان صادر عن مكتب نتانياهو أن استقالة رئيس الوزراء اللبناني "نداء لإيقاظ المجتمع الدولي" للتحرك ضد "عدوان إيران التي تحاول تحويل لبنان إلى سوريا ثانية".
ويقول شاؤول شاي، رئيس قسم البحوث في مركز هرتسيليا: "إنه نزاع حول الهيمنة في المنطقة بين قوتين، الأولى هي إيران وحلفاءها الشيعة مثل حزب الله، والأخرى هي التحالف السني بقيادة العربية السعودية".
ويضيف الخبير الإسرائيلي بالقول: "خطوط الجبهة تبدو جلية للعيان في اليمن وسوريا والعراق. ورغم أن إسرائيل ليست جزءا من هذه التكتلات، لكن لها مصالحها وخطوطها الحمراء التي تريد الحفاظ عليها". وهي تقع حالياً في المقام الأول بسوريا المجاورة حيث يتحول هيكل السلطة السياسي لصالح التحالف الإيراني.
لا أحد يريد الحرب ـ التوتر يسود
الأزمة تطال في المقام الأول السعوديين وإيران. "أعتقد أن إسرائيل وحزب الله ليس لهما مصلحة مباشرة في الانجرار إلى النزاع"، كما يقول جويل غوزانسكي، خبير الشؤون السياسية في تل أبيب.
ويضيف بالقول: "استقالة الحريري ليست بالضرورة في مصلحة إسرائيل، بل على العكس، إذ تعطي استقالته لإيران مزيداً من التأثير". المملكة السعودية وإسرائيل بلدان لا تربطهما أي علاقات دبلوماسية، لكن لهما عدو مشترك وهو إيران. ولكن هذا لا يعني بأن إسرائيل ستتسرع في عبور الحدود من أجل السعودية، كما كتب خبير الشؤون العسكرية عاموس هاريل في صحيفة هآرتس. فالتوتر يعم دوماً في الحدود الشمالية.
وكل حساب خاطئ، كما يفيد المحللون، قد يفجر نزاعاً جديداً. كما أن السفير الأمريكي السابق في تل أبيب دانييل شابيرو حذر من أن تخضع "إسرائيل إلى ضغوط للدخول في نزاع مبكر". وكتب الدبلوماسي الأمريكي أنه "من الممكن أن يحاول السعوديون إيجاد إطار لتحدي إيران داخل لبنان من خلال حرب بين إسرائيل وحزب الله".
وليس سراً في إسرائيل أن تهيمن توقعات بأن تندلع حرب جديدة يوماً ما مع ميليشيا حزب الله الشيعية في لبنان، لكن الجميع يجهل ساعة الصفر فحسب.
ومن المؤكد -كما عُلم من دوائر عسكرية- هو أن حرباً ثالثة في لبنان ستكون لها قوة أخرى. والأيام الأولى ستكون حاسمة، كما أن تدمير البنية التحتية المدنية سيكون أكبر حجماً. بهذا تكون العبر قد استُنتجت من حرب لبنان الأخيرة في 2006 التي لم تفرز منتصراً واضحاً، علماً أن التهديد المنطلق من حزب الله الشيعي قد ازداد كثيراً: فرغم الخسارة الكبيرة في الأشخاص في حرب سوريا، فإن الميليشيا تعد منظمة بصفة جيدة. ويفترض خبراء عسكريون إسرائيليون أن ترسانة الأسلحة منذ 2006 ارتفعت إلى أكثر من 100.000 صاروخ.
خوف من تأثير الإيراني
لكن مصلحة إسرائيل الاستراتيجية ترتبط حالياً بالتطورات في جنوب سوريا. ويقول شاؤول شاي: "إسرائيل تريد تفادي أن تحصل إيران على حضور طويل الأمد في سوريا"، لأن ذلك يعني اقتراب دائرة تأثير إيران جغرافياً. وخلال النزاع الذي استمر ست سنوات في سوريا أعلنت إسرائيل دوما أنها لن تتدخل في النزاع ما دامت بعض الخطوط الحمراء لم تُتجاوز.
فاستراتيجية إسرائيل تقوم على هجمات جوية متعددة على قوافل أسلحة لحزب الله ومصانع ذخيرة في سوريا. وحتى قبل شهور قليلة جاء رد فعل نظام الأسد في دمشق فقط في صيغة تهديدات كلامية. ومؤخراً رد الجيش السوري بصواريخ أرض- جو. ويقول خبراء عسكريون إسرائيليون إن نظام الأسد يشعر على ما يبدو بأنه على الجانب المنتصر ويجرب قواعد اللعبة. وليس أخيراً أيضاً بفضل الدعم العسكري من روسيا وتحالف الأمر الواقع مع إيران وحزب الله اللبناني وميليشيات شيعية أخرى ساندت نظام الأسد منذ 2015 في القتال ضد تنظيم "داعش".
فهل ستأتي استراتيجية إسرائيل بالثمار، هذا ما يجب ترقبه. تقرير صدر في نهاية الأسبوع في بي بي سي البريطانية أظهر صوراً بالأقمار اصطناعية تبين - حسب تقديرات أجهزة استخبارات غربية- أن إيران تشيد قاعدة عسكرية دائمة بالقرب من العاصمة السورية دمشق.
وتفاهمت روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والأردن في نهاية الأسبوع حول الوضع في جنوب سوريا، إذ هناك تطلع "للتقليص من وجود جماعات أجنبية في جنوب سوريا وإجلائها لاحقاً". وهذا ينطبق بالأساس على ميليشيا حزب الله وحلفاء شيعة آخرين. لكن يبدو أنه لم تتم تلبية جميع طلبات إسرائيل للإبقاء على الإيرانيين بعيداً عن الحدود.
وتواجه البلاد ضغوطاً حتى من جهة الجنوب، لأنها قد تواجه تصعيداً. فإسرائيل فجرت قبل أسبوع نفقاً تابعاً لحركة الجهاد الإسلامي في المنطقة الحدودية لقطاع غزة وقتلت 12 فلسطينياً. ومنذ تلك اللحظة تشهد نبرة الخطاب تصعيداً بين الطرفين.
فيديو قد يعجبك: