نمتلك الإمكانات والإرادة والتعاون مع الألمان سوف يزيدنا خبرة
أرى أن الموسيقى والثقافة هي اللغة المشتركة بين الشعوب بالرغم من اختلاف الأذواق، إلا أن البشر يمكن أن يجتمعوا في هذه النقطة، فطالما كانت الثقافة والفنون من ابرز معالم الحضارات على اختلاف مراحلها. وأخص الموسيقى هنا، إذ أنها قادرة على مد جسور التفاهم والتحاور والتبادل المعرفي الفني مستقبلاً، كما فعلت سابقاً في أزمان أخرى. فمن خلالها يمكن التعرف على خصوصية كل شعب من الشعوب، إذ تكون وعاءً تنصهر فيه ثقافة ذلك البلد. ومنذ القدم كانت وسيلة الاتصال لدى الإنسان للتحاور والتفاهم مع محيطه من خلال الأصوات المختلفة المتبادلة، وتطورت فيما بعد إلى إيقاعات، وهكذا استمرت كوسيلة تفاهم بين الشعوب. وإن نجح هذا سابقاً فلا بد أن يكون الحال كذلك اليوم في ظل التطور التكنولوجي الذي نعيشه والذي يمكننا من اختصار الزمن وسرعة التبادل لأبعد مدى ولا بعد بقعة من بقاع العالم في وقت قصير وفي اللحظة نفسها.
لكن مع ذلك فالموسيقى قد تختلف من ثقافة إلى أخرى، ولا أرى أن هناك شبه الموسيقى الغربية والشرقية، فلكل منهما خصوصيتها وروحيتها وأسلوبها أو تكنيكها. ونلاحظ هذه الاختلافات في المحاولات التي تقوم على عزف مقطوعات غربية بآلات شرقية، إذ ما تزال توجد صعوبة في ذلك والسبب يكمن في تباين الدرجة أو النبرة الموسيقية نفسها. والأمر كذلك يبرز في محاولات عزف مقطوعات شرقية على آلات غربية. ولا أريد هنا أن أتعمق أكثر في التكنيك الموسيقي، لكن يبقى لكل منها خصوصيتها وحالاتها التاريخية الخاصة التي تشرح لنا معالم حقبة معينة. إلا أن هذا لا يمنع من أن يقوم كلاهما بإيصال فكرة ما أو إحساس ما.
ألمانيا معروفة بتقدمها الفني والموسيقي خاصة والعازفون الألمان معروفون بتكنيكهم العالي ومقدرتهم الكبيرة. وأرى أن أي تعاون معهم سيكون فرصة نادرة وكبيرة لنا ومثمرة، إذ أنها ستمدنا بالخبرة التي نحن في حاجة لها. وسيكون من شأن هذا التعاون أن يطورنا ويقوي قدراتنا الموسيقية ويفتح لنا آفاقاً جديدة قد تكون وبسبب الظروف، التي عانينا منها بعيدة عنا أو كنا نعتبرها في مثابة حلم بعيد المنال نطمح للوصول إليه.
يعلم الجميع أننا قاسيناً كثيراً ولم نر إلا الحروب والمآسي، وعلى الرغم من ذلك نحاول النهوض بواقع جديد ورغبة في التطور وتعويض كل ما فاتنا ونرحب بأي مبادرة أو وسيلة من شأنها أن تسهم في نهوضنا. ورغم ذلك فإننا نمتلك إمكانات موسيقية وإن كانت قليلة، إضافة إلى الرغبة والإرادة على الوقوف في وجه واقع صعب والوصول للنجاح الذي نطمح له من خلال محاولتنا في العمل كفريق واحد متماسك يجمعه هدف واحد. أعتقد أن زملائنا الألمان، عندما يلمسون منا ذلك، سيندفعون أكثر للتعاون معنا، وهذه هي إحدى خصال هذا الشعب المسالم.
سعد وادي
مراجعة: عبده جميل المخلافي
فيديو قد يعجبك: