هل تتسبب استقالة ''الأمير طلال'' فى انشقاق بالعائلة الملكة بالسعودية
برلين - (دوتيش فيلا):
استقال الأمير طلال بن عبد العزيز من هيئة البيعة التي تختار ولي العهد في السعودية، ويُعدّ طلال من أكثر مؤيدي الإصلاح بالبلاد، فهل يشكل ذلك بوادر انشقاق في الأسرة المالكة؟ .
أعلن الأمير السعودي طلال بن عبد العزيز، الأخ غير الشقيق للملك عبدالله، الأربعاء 16 نوفمبر استقالته من "هيئة البيعة" التي تتولى مسؤولية اختيار ولي العهد في السعودية، بعد أن رفعها للعاهل السعودي عبدالله بدون أن يحدد أسباب هذه الاستقالة، التي تعتبر أمراً نادراً في السعودية.
وتأتي استقالة الأمير طلال بعد ثلاثة أسابيع على اختيار أخيه غير الشقيق نايف ولياً للعهد بمرسوم من الديوان الملكي، بعد وفاة شقيق الأخير الأمير سلطان إثر مرض طويل.
وبعكس ولي العهد نايف الذي ينظر إليه على أنه شخصية محافظة وسبق له أن عرقل إصلاحات، يُعدّ الأمير طلال، والد الملياردير الوليد بن طلال، من أكثر مؤيدي الإصلاح في الأسرة الحاكمة السعودية، وهو معروف بأعماله لمصلحة التنمية البشرية، وهو رئيس برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الذي تتمحور أعماله حول تشجيع التعليم والصحة في البلدان النامية.
وكان الأمير طلال المولود عام 1935 عضواً ببداية الستينات في حركة الأمراء الأحرار، وضغطَ آنذاك من أجل ملكية دستورية، كما تحالفَ مع الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر العدو اللدود للأسرة السعودية في ذلك الوقت.
وسحبت السلطات السعودية حينها جواز سفر الأمير طلال، ثم سُمح له بعد ذلك بالعودة إلى المملكة بعد تخفيف حدة لهجته. ولكن إلى أي مدى ستؤثر استقالته على مسار الإصلاح في البلاد؟ وهل هناك تراجع للتيار الإصلاحي في البلاد؟ .
يجيب الخبير فى شؤون الشرق الأوسط "غيدو شتاينبيرغ" من المعهد الألماني للدراسات الدولية والأمنية ببرلين، على هذا الامر من خلال حواره مع "دويتشه فيله"، وفيما يلي نص الحوار:
دويتشه فيله: هل تشكل استقالة الأمير طلال بوادر انشقاق في الأسرة المالكة بعد تولي الأمير نايف ولاية العهد في المملكة؟
- في رأيي ليس في هذه الاستقتالة أي تأثير على وحدة الأسرة المالكة، لأن الأمير طلال كان يعيش في شبه عزلة منذ الستينيات إلى حد ما داخل هذه الأسرة، وكان من المعروف أنه لن يصبح ملكاً في المستقبل وأن الاختلافات في وجهات النظر بينه وبين الأمراء الآخرين عميقة نسبياً، هو شخص إصلاحي وكان اشتراكياً في أوائل الستينيات حيث كان قائداً للأمراء الأحرار، وما تزال هذه الاختلافات موجودة إلى حد ما.
دويتشه فيله: هل لاستقالة الأمير طلال علاقة مباشرة بتعيين الأمير نايف وليا للعهد؟
- بدون شك توجد علاقة، وهذا واضح من توقيت استقالة طلال بالتزامن مع تولي نايف لولاية العهد، وعلى ما يبدو كان الأمير طلال يأمل في أنه ربما سيكون له دور بعد إنشاء هيئة البيعة على الأقل في انتخاب ولي العهد التالي. ولكن ما حدث هو أن الملك عبد الله كان عليه اختيار الأسلوب القديم في التعيين، وبسبب خيبة الأمل تقدم الأمير طلال باستقالته.
دويتشه فيله: اِعترض الأمير طلال عام 2009 على إعلان الديوان الملكي ترقية الأمير نايف إلى منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وهو ما يعني أنه كان في المرتبة الثانية للوصول إلى العرش آنذاك، وقال الأمير طلال إنه كان ينبغي استشارة الهيئة قبل اتخاذ هذا القرار، هل المسألة هي مسألة شخصية بين الأميرين طلال ونايف، أم أنها صراع بين الإصلاحيين والمحافظين في المملكة؟
- المسألة هي قد تكون إلى حد ما مسألة صراع، ولكن يوجد الكثير من التيارات حتى في الأسرة الملكية، فهناك إصلاحيون ولكن يوجد أيضاً محافظون-إصلاحيون مثل الملك عبد الله. وكان الملك عبد الله يأمل بالبداية وأيضاً الأمير طلال والكثير من المحافظين-الإصلاحيين أن يصبح ولي العهد أميراً آخر غير الأمير نايف، ولكن كان من الواضح منذ ترقية الأمير نايف لمنصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء عام 2009 أنه سيكون هو ولي العهد التالي وربما الملك التالي.
دويتشه فيله: ما هو حجم التيار الإصلاحي في الأسرة المالكة في السعودية؟
- هذا ليس واضحاً نسبياً، ولكن هناك بعض الأمراء الإصلاحيين نسبياً مثل الأمير طلال وابنه، ولكنهم يشكلون أقلية صغيرة، الأكثرية في صدارة الأسرة الملكية هم من المحافظين نسبياً، ولكنهم قريبون جداً إلى الولايات المتحدة وهم إلى حد ما مناهضون لإيران وسوريا وحزب الله، وهؤلاء هم الذين أصبحوا حالياً القسم الأكبر داخل هذه الأسرة. وكل ما حدث من ولاية الأمير نايف وأيضاً ولاية العهد المقبلة المتوقعة للأمير سلمان يشكل خيبة أمل لكل الذين كانوا يأملون في حدوث إصلاحات في البلاد منذ تتويج الملك عبد الله، ويأملون في رجحان كفة التيار الإصلاحي بمن فيهم الملك عبد الله وأبناء الملك فيصل مثل وزير الخارجية سعود الفيصل وأخوه خالد محافظ مكة، وهم من المحافظين ولكن في نفس الوقت يهتمون كثيراً بالإصلاح، وعلى ما يبدو سينتهي دورهم القوي في السياسة السعودية بعد أن يتوفى الملك عبد الله مستقبلاً.
دويتشه فيله: ما هو تأثير استقالة الأمير طلال وتراجُع الإصلاحيين على مسار الإصلاح في السعودية؟
- ليس هناك إصلاح في السعودية، وكل إصلاحات الملك عبد الله حتى الآن كانت إصلاحات تجميلية نسبياً. غير أن هناك إرادة من قِبَل الملك ومن قِبَل حلفائه في الأسرة لإدخال إصلاحات، لكن وعلى المدى البعيد لا أرى مستقبلاً لهذه الإصلاحات. فهذه الدولة ليست قادرة على إجراء إصلاحات جوهرية، وهذا بسبب التحالف القوي بين الأسرة الحاكمة والعلماء الوهابيين، وبدون نهاية هذا التحالف لن يكون الإصلاح السياسي الجوهري ممكناً في المملكة العربية السعودية، وأنا أرى أنه على المدى البعيد ستختفي هذه الأُسرة الحاكمة من الوجود في السعودية.
يوجد تحالف قوي بين الدين والدولة في السعودية وعلى هذا الأساس أصبحت السياسة الداخلية السعودية في العقود الأخيرة محافظة جداً، على سبيل المثال لا يمكن في السعودية إصلاح السياسة باتجاه الشيعة مثلاً في المنطقة الشرقية، لذا ليست هناك حقوق متساوية سياسياً لكل المواطنين السعوديين، فتحالف الدولة مع الوهابيين هو أهم معوّق لإجراء إصلاحات جوهرية في البلاد، ولذلك فإن النظام السعودي لن يكون له مستقبل وخصوصاً بعد انتهاء حقبة النفط ونضوبه .
دويتشه فيله: هل تعتبر استقالة الأمير طلال وتراجُع التيار الإصلاحي نكسة لما قد يكون توجهاً إصلاحياً حقيقياً بالمملكة في المستقبل؟ وإلى أي مدى يوجد نفوذ للأمير طلال في الأسرة المالكة أو يوجد تأثير للإصلاحيين حالياً في المملكة؟
- الإصلاح تجميلي إلى الآن وليس جوهرياً، أما بالنسبة للأمير طلال فإنه لم يكن له تأثير على سياسة الإصلاحات في السعودية نهائياً، مَن هم مهمون في هذا السياق هم الملك عبد الله وأبناء الملك فيصل كسعود الفيصل وخالد الفيصل أو ربما إلى حد ما مقرن بن عبد العزيز أيضاً، هم محافظون إصلاحيون، ولكن مَن يريدون إصلاحاً سياسياً جوهرياً كالأمير طلال ليس لهم أي دور سياسي في البلاد
اقرأ ايضا:
فيديو قد يعجبك: