لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

قصة ثورة انقلبت على أصحابها.. بشار الأسد يحيا على أنقاض سوريا

06:04 م الثلاثاء 17 أبريل 2018

الحرب في سوريا- صورة أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هدى الشيمي:

بعد انقضاء سبعة أعوام من التغيرات والانحرافات السياسية والتحالفات العسكرية التي تتغير مع مرور الوقت، يُصبح من الصعب على العقل ادراك متى بدأت الأزمة السورية، وكيف وصلت سوريا إلى هذه المرحلة.

وبحسب مجلة ذي أتلانتيك الأمريكية، فإن الصراع في سوريا أخذ عدة أشكال، في البداية كان مجرد رسوم على الجدران، ثم محاولة شبه ناجحة للإطاحة بديكتاتور مستبد، ثم حرب أهلية، ثم مرحلة تمكن فيها هذا الديكتاتور من ترسيخ وجوده على رأس السلطة.

وترى ذا أتلانتيك أن ما حدث في سوريا قصة عن الصراع العرقي والتواطؤ الدولي، تسببت في معاناة المدنيين، وتتطور وتستمر وتدخل مراحل جديدة ربما أكثر خطورة.

المرحلة الأولى: الجرافيتي

1

وتقول المجلة في تحليل مُطوّل نشرته على موقعها الإلكتروني، إن الأمر برمته بدأ في مارس 2011، عندما رسم أربعة أطفال على أحد الجدران في مدينة درعا جرافيتي رافقته عبارة "إجاك الدور يا دكتور" أو (لقد حان دورك يا دكتور)، في إشارة منهم إلى الرئيس السوري بشار الأسد، بعد أن ساعدت الثورات في تونس ومصر على الإطاحة بالرئيسين زين العابدين بن علي، وحسني مبارك، والقائد الليبي مُعمّر القذافي.

إلا أن حكاية سوريا مختلفة تمامًا، توضح ذي أتلانتيك أن الاحتجاجات بدأت صغيرة، وتمكنت قوات الأمن من اعتقال الأطفال الأربعة الذين رسموا الجرافيتي، ورفضت اطلاع عائلاتهم على مكانهم، وبعد أسبوعين من الانتظار، انتفض أهالي درعا متظاهرين من أجل إطلاق سراح الأولاد.

وفورًا استخدم النظام السوري الرصاص الحي، قتل العديد، ليكون أول من يسفك الدماء في الحرب التي خلفت ورائها أكثر من نصف مليون قتيل حتى الآن. ومع ذلك، توضح المجلة الأمريكية أنه كلما زاد عدد القتلى، كلما كانت الاحتجاجات تزداد قوة، وبالتالي تتصاعد وتيرة العنف من قبل النظام.

وانتشرت الاحتجاجات في المدن والبلدات الأخرى، حمص، دمشق، إدلب، وغيرهم، مرددين عبارات مشابهة لتلك التي رددها المتظاهرون في مصر، وتونس وليبيا، إلا أن النظام السوري كان أقوى وأشد عنفًا من غيره من الأنظمة العربية الأخرى.

نشر النظام السوري القناصة في كل مكان، اصطادوا المتظاهرين كما يفعل الصيادون مع الحمام أو غيره من الطيور، لتكميم الأفواه المطالبة بالحرية والديمقراطية والكرامة.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين العزل، بحسب ما تقول المجلة الأمريكية، ومع ذلك لم يحرك العالم ساكنًا، ووقف يشاهد صامتًا.

المرحلة الثانية: اليد العليا للمعارضة

2

وفي صيف 2012، تقول المجلة إن المعارضة كانت صاحبة اليد العُليا، وتمكنت من السيطرة على نصف مدينة حلب، أكبر مركز صناعي في سوريا، في يوليو من ذلك العام.

وواجه النظام السوري في ذلك الوقت هزيمات كبيرة وحقيقية، واستنزفت قواته وموارده العسكرية، ما دفعه إلى التمسك بالجانب الغربي من المدينة، وفرض حصارًا مشددًا على المراكز التابعة للمعارضة، وأطلق عليها صواريخ سكود.

ومع زيادة قوة المعارضة وسيطرتها على مساحات لا بأس بها من البلاد، تقول المجلة إن كثيرين قرروا الانضمام إلى الجيش السوري الحر، ومواصلة الدفاع عن ثورتهم، فيما لجأ مدنيون إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم.

المرحلة الثالثة: الحرب الأهلية:

3

وبعد تسلح المدنيين، تحولت الثورة إلى حرب أهلية. لذلك عندما اقترحت روسيا والولايات المتحدة خطة انتقالية للمساعدة على وقف العنف، رفضها الجانبان، واعتقد كل منهما أنه قادر على هزيمة الآخر عسكريا.

حسب المجلة، فإن واشنطن وحلفائها كانوا أمام مجموعة من القرارات الصعبة، أولها ماذا يفعلون بالمعارضة السورية، لاسيما وأنه ليس لهم جبهة موحدة، ولا يملكون رؤية مشتركة قد تسير عليها البلاد بعد الإطاحة بالأسد. وثانيا، وأكثر ما كانت تخشاه أجهزة الاستخبارات الأمريكية، هو أن الأسد قد يقوم بتصعيد الأحداث، باستخدام أسلحة كيماوية، وقتها سترتفع أعداد الوفيات، وتسوء الأمور كثيرًا.

وكان معدل القتلى في ذلك الوقت، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، حوالي 50 ألف شخص في نهاية عام 2012، وتجاوز عدد اللاجئين النصف مليون لاجئ.

وبحلول عام 2013، تمكنت المعارضة مع الحصول على المزيد من المدن والمساحات بالقرب من العاصمة دمشق، ما دفع نظام الأسد إلى مضاعفة استخدامه للأسلحة الكيماوية. ولفتت ذي أتلانتك إلى أن النظام السوري شن هجومًا على الغوطة الشرقية بصواريخ السارين في أغسطس من ذلك العام، حتى بعد التهديدات التي وجهها الزعماء والقادة للأسد حال استخدامه للأسلحة المحظورة دوليًا.

واستغل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تلك الظروف، وتمكن من الاستيلاء على مساحات واسعة في سوريا والعراق، وبحلول عام 2014، كانت المساحات التي يسيطر عليها داعش في حجم بريطانيا تقريبا، فقررت الولايات المتحدة قيادة تحالفًا دوليًا للقضاء على النظام، بعد أن أصبح يشكل تهديدًا كبيرًا لها ولمواطنيها في جميع أنحاء العالم.

لم تستهدف أمريكا الأسد بشكل مباشر، ولكن إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أعلنت دعمها ما وصفتهم بالمعارضة المعتدلة التي تحارب الأسد. ووفق ذي أتلانتيك، فإن ذلك قد يكون السبب الذي دفع الأسد إلى الانسحاب من اتفاقية الأسلحة الكيماوية، وتجاهله للموعد المحدد الذي كان من المفترض فيه نقل مخزونات الأسلحة الكيماوية من البلاد.

نزح أكثر من مليون سوري من البلاد، بعضهم ذهب إلى تركيا، ومن خلالها توجهوا إلى أوروبا. وقُتل ما يزيد عن 55 ألفا في عام 2015 فقط، وهو العام نفسه الذي توجه في الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، إلى موسكو، وبعد شهر واحد من هذا اللقاء، كانت روسيا قد أسست قاعدة عسكرية في اللاذقية.

المرحلة الرابعة: الأسد يعود من جديد

4

وبعد مرور الوقت، وتراجع واشنطن عن دعم المعارضة، ومحاولات روسيا وإيران التوصل إلى اتفاقيات لوقف إطلاق نار، تمكن الجيش السوري بالتعاون مع المليشيات التي تدعمها إيران، من إلحاق هزائم بالمعارضة، وانتزع من أيديهم مدن وبلدات أبرزها مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية.

وفي أبريل 2017، واجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أول اختبار حقيقي تجاه الأزمة السورية بعد مزاعم استخدام الأسد غاز السارين الكيماوي ضد المعارضة في خان شيخون بمحافظة إدلب.

وكان الأسد يحاول السيطرة على إدلب التي توجه إليها مقاتلو المعارضة بعد خروجهم من حلب.

ومع ذلك، وجدت واشنطن نفسها تحارب أحد أعداء الأسد، وهو تنظيم داعش. وفي صيف 2017، عملت الولايات المتحدة وروسيا والأردن على التوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال في بعض المناطق، ما يسمح للنظام بشن الهجوم على المناطق التي يسيطر عليها المجاهدون.

وبالتعاون مع المليشيات الشيعية، والوحدات التي تنظمها روسيا، تمكنت قوات الأسد من طرد داعش من معاقلهم، وكان من المتوقع أن يرحب بهم المدنيون، ولكن وحشية الأسد، الذي يصاحبه بطش القوات الشيعية، أجبرت المدنيين على النزوح والهروب إلى المناطق التي يسيطر عليها الأكراد.

ومع ذلك، تقول ذي أتلانتيك إن القضاء على تنظيم داعش لم يكن الأولوية الوحيدة للنظام. ففي مطلع عام 2018، شنت قوات الأسد هجومًا كبيرًا لاستعادة مدينة الغوطة الشرقية من أيدي المعارضة. وتوضح المجلة الأمريكية أن النظام والمليشيات الأخرى المدعومة من إيران تمكنوا من تقسيم المدينة إلى جزئين، في الوقت الذي حاولت فيه روسيا التوسط لإنهاء عمليات إجلاء المدنيين والمقاتلين إلى مناطق أخرى. وعندما انهارت المحادثات، شنّت قوات الأسد هجومًا عسكريًا على الغوطة.

5

وتجلت وحشية نظام الأسد في أكثر من صورة، فأفادت تقارير صادرة عن الجيش الأمريكي أن قوات النظام استخدمت محرقة للتخلص من الجثث بالقرب من سجن صيدنايا، خارج دمشق، ما يعني أن هناك بعض الأشخاص الذين لن يُعرف عنهم أي شيء. وحسب المفوض السامي لحقوق اللاجئين فإن هناك أكثر من 13.1 مليون سوري يحتاجون للمساعدات الانسانية، بالإضافة إلى 6 مليون مشرد داخل البلاد، و5 مليون سوري مسجلين على قوائم اللاجئين، بالإضافة إلى مئات الآلاف غير مسجلين رسميًا على قوائم اللاجئين.

قد يبدو هذا مروّع بما يكفي، ولكن في الوقت الحالي، لا تقبل الدول المحيطة بسوريا بالطريقة التي تخمد بها الحرب، فتخشى إسرائيل من تنامي النفوذ الإيراني هناك، وتشن هجمات وغارات على الأراضي السورية كما لم تفعل من قبل. وفي الوقت ذاته تريد تركيا التصدي للوجود الكردي في سوريا، لاسيما وأنها تعتبر القوات الكردية جماعات إرهابية، ما دفعها إلى اطلاق معركة في مدينة عفرين، وتعمل الآن على بدء معركة أخرى في مدينة منبج.

ووسط كل هذه التدخلات، لم تستطع المفاوضات في جنيف التوصل إلى أي حل سياسي يُنهي الأزمة أو حتى يمهد لانهائها.

مثل الحرب الأهلية في لبنان المجاور، تتوقع المجلة الأمريكية أن تتحول الحرب الأهلية في سوريا إلى حرب أكبر، من المرجّح أن تقضي على جيل كامل، يعاني بسببها المدنيين الذين ما يزالوا يعيشون في الأراضي السورية، بالتزامن مع زيادة معدل القتلى كل يوم.

ومع كل ما عاشته سوريا من أحداث مأسوية، لم يتغير موقف العالم، فهو يراقب ويتابع فقط، تُشير المجلة الأمريكية إلى الصمت العالمي تجاه ما يُشتبه في أنه هجوم كيماوي على الغوطة الشرقية، أخر معاقل فصيل جيش الإسلام المعارض، كما أنه لم يفعل شيئًا بعد الهجمات الانتقامية التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، على المنشآت المدنية والعسكرية، في دمشق وخارجها، فجر السبت الماضي، والتي قد يكون لها آثار خطيرة على حياة المدنيين، خاصة وأن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أعلنت أن الهجمات تمكنت من تدمير مراكز بحثية ومصانع أسلحة كيماوية.

فيديو قد يعجبك: