"إندبندنت" ترصد تداعيات الخروج على الاقتصاد البريطاني
لندن - (أ ش أ)
مع تبقي عام واحد على خروج المملكة المتحدة رسميا من الاتحاد الأوروبي، رصد تقرير لصحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية التبعات الإيجابية والسلبية لتصويت البريطانيين في استفتاء 2016 لصالح "بريكست" على الاقتصاد البريطاني.
وفي مقال تحليلي نشرته الصحيفة على موقعها الإلكتروني، أعاد المحرر الاقتصادي بـ"ذا إندبندنت" بن تشو، إلى الأذهان تحذير وزارة الخزانة البريطانية، قبيل استفتاء يونيو 2016، من تداعيات الانسحاب المتمثلة في إحداث ركود لحظي وفوري على الاقتصاد البريطاني، ورأى أن مؤيدي "بريكست" لم يلتفتوا لمثل هذه التداعيات، في حين أكد معارضو الخطوة على تباطأ النمو الاقتصادي في البلاد بصورة حادة.
ففيما يتعلق بتداعيات "بريكست" على العملة البريطانية (الجنيه الاسترليني)، أشار الكاتب إلى انهيار العملة، خلال الساعات الأولى من إعلان نتيجة استفتاء الخروج، بعدما أظهر الاستفتاء عزم البريطانيون إنهاء 43 عاما قضتها في عضوية الاتحاد الأوروبي؛ حيث شهد الجنيه الاسترليني تراجعا غير مسبوق له في السجلات الحديثة، أمام الدولار، بواقع 9ر11%، مسجلا بذلك أدنى مستوى له منذ 31 عاما، ليقف عند 3679ر1 دولار.
وأرجع تشو ذلك التراجع في قيمة العملة البريطانية إلى انخفاض قيمتها في سوق العملات بفعل "الأيدي الخفية" وما استتبع ذلك من أثر على الاقتصاد البريطاني في حقبة ما بعد استفتاء الخروج من التكتل الأوروبي.
وفيما يخص التضخم، أشار تشو إلى أن تكلفة واردات الشركات البريطانية شهدت ارتفاعا، ثم انتقل هذا الارتفاع بصورة تدريجية إلى عاتق المستهلكين، في صورة ارتفاع أسعار السلع في المتاجر.. الأمر الذي نتج عنه، تضخما، ارتفعت قيمته من 5ر0% آنذاك إلى 3% أواخر العام الماضي.
ويرى غالبية الخبراء الاقتصاديين أن الانخفاض الحاد الحادث في قيمة الاسترليني قد وصل بالفعل إلى ذروته، بارتفاع الأسعار عن متوسط الأجور، وما ألحقه من أضرار على متوسط مستوى المعيشة في البلاد.
واستطرد قائلا، إنه على الرغم من ذلك، يرى بنك إنجلترا المركزي أنه على الرغم من أن عامليّ انخفاض معدلات البطالة، التي تشهد أدنى مستوياتها منذ عام 1975، وتصاعد الأجور في البلاد، يمثلان ضغوطا تضخمية، إلا أنهما يسهمان في بناء الاقتصاد الوطني من جديد، الأمر الذي دفع البنك لرفع قيمة أسعار الفائدة، في نوفمبر من العام الماضي، للمرة الأولى منذ عقد من الزمان.
وحول الاستثمار في المشاريع التجارية، رأى الكتاب أن ردة فعل الكثير من الشركات البريطانية، على تصويت الخروج دق ناقوس الخطر، فالكثير من هذه الشركات تعتقد أن عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي تعود بالنفع على الاقتصاد البريطاني، كما اعتبرت هذه الشركات، قرار رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، بمغادرة السوق الموحدة والاتحاد الجمركي بعد "بريكست" أمر يلحق أضرارا بأعمالهم التجارية.
أما بالنسبة لنمو الاقتصاد البريطاني، أشار تشو إلى أنه تم تقويض نمو الاقتصاد البريطاني منذ إجراء استفتاء الخروج، إذ أظهرت الأرقام الفصلية (التي يتم رصدها كل ثلاثة أشهر) لقياس الناتج المحلي الإجمالي في البلاد، تباطؤا واضحا في معدل نمو الاقتصاد في عام 2017؛ الأمر الذي أرجعه تشو إلى أثر ارتفاع معدل التضخم السلبي على استهلاك الأسر.
وأوضح أن القياس الأمثل لأثر "بريكست" على الاقتصاد البريطاني يكمن في مقارنة بريطانيا بغيرها من الدول السبع الصناعية الكبرى؛ فعلى أساس تقييم سنوي، كانت بريطانيا تحقق معدل نمو 2%، وقت إجراء استفتاء الخروج، وقد انخفضت هذه النسبة إلى 4ر1% فقط خلال الربع الأخير من العام الماضي، وذلك في الوقت الذي تصاعدت فيه معدلات نمو باقي الدول السبع: الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وكندا واليابان وإيطاليا، وهو الأمر الذي يعني انتقال بريطانيا من مصاف أعلى دول السبع الكبار إلى أدناهم، من حيث معدل النمو.
فيما أشار تشو - في ختام مقاله - إلى أن مكتب مسئولية الموازنة البريطاني يتوقع أنه بحلول العام القادم، وهو عام خروج بريطانيا الفعلي من الاتحاد الأوروبي، سينخفض معدل النمو البريطاني إلى 3ر1%، وهي النسبة التي -إن تحققت- تكون أدنى معدل نمو يحققها الاقتصاد البريطاني منذ الركود الاقتصادي (الأزمة المالية العالمية 2008-2009).
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: