الإيكونومست: الانفصال بين كردستان والعراق لن يكون وديًا
كتب – محمد الصباغ:
تمثال جندي البيشمركة الضخم المطل على حقل بابا كركر للنفط على أطراف مدينة كركوك يعتبر إشارة واضحة على تطلعات أكراد العراق نحو دولة مستقلة بحدود تمتد إلى ما هو أبعد، لتشمل بعض حقول النفط الغنية.
وقالت مجلة الإيكونومست البريطانية، في عددها يوم الخميس، إن الاستفتاء على الاستقلال والمقرر له يوم 25 من سبتمر القادم من المحتمل أن يذهب بالحكومة الإقليمية الكردية إلى أبعد من هذا المسار.
وأضافت أن توقيت الاستفتاء بات مشكوكًا فيه، وليس فقط لأن القادم بعد ذلك ليس معروفًا. فالبعض يخشى من أن تأتي نتيجة الاستفتاء بردود أفعال عنيفة من الحكومة في بغداد والدول المجاورة.
تمتلك كردستان العراق بالفعل منذ عام 1991 باستقلال نسبي، وبالفعل لديها العديد من صفات الدول ذات السيادة فلديها جيش وبرلمان. وتابعت الإيكونومست أنه وبعد رفع العراق أيديها عن تخصيص جزء من موازنتها للمنطقة في عام 2014، بدأت حكومة إقليم كردستان في بيع نفطها الخام بعيدًا عن الحكومة المركزية للعراق. وتعززت مواردها بشكل كبير بعد أشهر من مغادرة الجيش العراقي لحقول النفط في كركوك والمناطق المحيطة بعدما تعرضوا لتهديدات من جهاديي تنظيم داعش.
وهنا تحولت مهمة مواجهة التنظيم الإرهابي إلى المسلحين الأكراد، والمعروفين بقوات البيشمركة، ونفذتها بشجاعة وطريقة جيدة.
وفي ذات الوقت، يرى بعض الأكراد أن السعي نحو الاستقلال أمر سابق لأوانه. ويقول السياسي البارز محمود عثمان للمجلة: "في البداية يجب أن نمتلك وحدة كردية وبعض من التفاهم مع بغداد".
وأضاف أنهم لا يمتلكون أي من ذلك حاليًا. فقوات البيشمركة موحدة على الورق، وولاء مقاتليها ينقسم بين الحزب الكردساني الديمقراطي الحاكم للإقليم والاتحاد الوطني المعارض.
وتابع التقرير أيضًا أن برلمان أقليم كردستان لم ينعقد منذ عام 2015، حينما تم تمديد فترة رئاسة مسعود برزاني للإقليم مما تسبب في مظاهرات عنيفة وجمود سياسي. ورأى البعض أن الاستفتاء هو محاولة بواسطة الحزب الديمقراطي الكردستاني للاستحواذ على دعم وطني قبل الانتخابات في نوفمبر.
وألقت المجلة الضوء على الاقتصاد في الإقليم وأشارت إلى أنه يعاني، كما أن العائدات من النفط أقل بما يعادل 17% من الميزانية التي كانت تخصصها الحكومة العراقية المركزية لكردسان قبل إنهاء العلاقة بين الطرفين. وبالتالي تواجه الحكومة في إقليم كردستان من نقص في الأموال.
ويُرجع الحزب الديمقراطي أسباب ذلك إلى تراجع أسعار النفط والتكلفة الباهظة للحرب ضد تنظيم داعش واستضافة 1.8 مليون لاجئ. فيما يلقي معارضون بالمسؤولية على المسئولين وعدم الكفاءة والفساد.
كما تكثر التساؤلات حول مدينة كركوك، ذات الأغلبية الكردية لكنها أيضًا موطن للعرب والتركمان وتمتلك الكثير من النفظ. وأشارت المجلة إلى اتهامات الحزب الديمقراطي الكردستاني لحكومة بغداد بخرق المواد الدستورية التي تنص على استفتاء محلي على موقف المنطقة. وبضم مدينة كركوك للاستفتاء في الشهر المقبل، يأمل الحزب في شرعنة موقفه بخصوص المنطقة.
ويقول ريبوار طالباني رئيس المجلس المحلي لكركوك، للإيكونومست، إنه لو جاء تصويت الناس بالموافقة، سيعني ذلك ان المدينة باتت جزءًا من كردستان. لكن كثير من السكان المحلين غير الأكراد يخططون لمقاطعة التصويت. فيقول حسن توران، النائب التركماني العراقي: "لن نعترف بأي نتيجة. مستقبلنا مع العراق".
وتابع التقرير أن التفوق على القوى الإقليمية سيكون صعب أيضًا. بدأت تركيا تضييقًا على أراضيها ضد المسلحين الأكراد ونفذت غارات جوية ضد المقاتلين الأكراد في سوريا. وتعارض أنقرة تكوين دولية كردية مستقلة في العراق حيث ستشجع الإنفصاليين في تركيا.
ويبدو أن إيران أكثر عدائية لهذه الخطوة، ولأسباب مشابهة لما تخشاه تركيا. وأضافت الإيكونومست أنه حتى الحلفاء الأقرب للأكراد يطالبونهم بتأجيل الاستفتاء. فأمريكا قلقة من أنه سيؤدي إلى اضطراب في بقية أنحاء العراق، مما يضعف رئيس الوزراء حيدر العبادي ويقوّض الحرب ضد تنظيم داعش.
فيما يقول قادة من الحزب الديمقراطي الكردستاني للمجلة البريطانية إنهم غير متعجلين على إعلان الاستقلال، لكنهم يخططون التوجه نحو بغداد بعد التصويت من أجل إتمام إجراءات "الطلاق". ولن يكون انتهاء العلاقة بشكل ودي. فحكومة العبادي لن تقف ساكنة أمام ما تعتبره اختطاف للنفط والأرض، وخصوصًا فيما يخص كركوك.
ويقول يوست هيلترمان، الباحث في مجموعة الأزمة الدولية: "هناك مخاطرة من أن العرب والتركمان والشيعة سيعترضون، وأن بغداد المدعومة من إيران سترسل مسلحيها أو قوات أمن".
ويرى محللون أن السيد برزاني سيؤجل الاستفتاء في اللحظات الأخيرة. لكن صبر السياسيين الأكراد بدأ في النفاد. وقال صفين ديزاي المتحدث باسم حكومة كردستان: "لا يمكننا الانتظار حتى الوقت الصحيح (لإعلان الاستقلال)، علينا خلق هذا الوقت".
فيديو قد يعجبك: