لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

50 سنة على النكسة.. "إسرائيل لازالت تتمتع بالمهر وتنكر العروس"

01:26 م السبت 03 يونيو 2017

50 سنة على النكسة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – سامي مجدي:
بدأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نشر موضوعات تتناول الصراع العربي-الإسرائيلي في ذكرى مرور نصف قرن على حرب الخامس من يونيو 1967، التي هزمت فيها إسرائيل ثلاثة جيوش عربية.
تقول الصحيفة إنها تتناول في تلك الموضوعات التي تنشر تباعا بداية من الثاني من يونيو الجاري النزاع بعد مرور تلك السنوات وتأثيره على الأوضاع في المنطقة. أول تلك الموضوعات مقالا كتبه ناثان ثرال، المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية، ومؤلف كتاب "اللغة الوحيدة التي يفهمونها: فرض التسوية في إسرائيل وفلسطين."
تناول المقال الزاوية الفلسطينية من الحرب والتأثيرات التي تركتها الهزيمة ومآلات القضية الفلسطينية حتى وقتنا هذا وخيار إسرائيل بإدامة الاحتلال على اعتبار أنه أقل كلفة عن انهاءه... وإلى نص المقال:

50 سنة من الاحتلال الإسرائيلي. والقادم

18902354_1531443146887555_109929355_n

بعد ثلاثة أشهر من حرب 1967، عقد حزب "ماباي" الحاكم في إسرائيل مناقشة حول مستقبل الأراضي المحتلة حديثا. سألت غولد مائير، التي باتت زعيمة إسرائيل بعد عام ونصف العام من ذلك الوقت، رئيس الوزراء وقتها ليفي أشكول عما يخططه لأكثر من مليون عربي يعيشون الآن تحت الحكم الإسرائيلي.

رد السيد أشكول بسخرية "فهمت. تريدين المهر، لكنك لا تبدين كعروس!" ردت السيدة مائير، "روحي تتوق للمهر، وأن تدع شخصا اخر يأخذ العروس."

في الذكرى الخمسين للحرب، من الواضع أن إسرائيل تمكنت خلال نصف قرن من الوفاء بأمنية السيدة مائير؛ حيث حافظت على سيطرتها على الأراضي لأجل غير مسمى دون أن تزف نفسها للسكان. هذا الترتيب المستدام والمرن بشكل كبير، وغالبا ما يكون في صورة مشوهة يفترض أن تكون حالة غموض مؤقتة، ظل معتمدا على ثلاث ركائز رئيسية: الدعم الأمريكي والضعف الفلسطيني واللامبالاة الإسرائيلية. كفلت تلك الركائز الثلاثة معا للحكومة الإسرائيلية أن تستمر في احتلالها بأقل كلفة من التنازلات المطلوبة لإنهائه.

في المقابل كل ركيزة جلبت دعما من أسطورة رئيسية عززها زعماء في المجتمع الأمريكي أو الفلسطيني أو الإسرائيلي. بالنسبة للأمريكيين، تعد أسطورة أن الاحتلال لا يمكن تحمله عنصرا حاسما في الحافظ على المساعدة المالية والدبلوماسية لجريمة الاحتلال والتسامح معه. فمن ردهات وزارة الخارجية إلى الافتتاحيات في الصحف الرئيسية والبيانات من المنظمات المؤيدة للسلام مثل "جي ستريت"، قيل للأمريكيين أن إسرائيل سيكون عليها أن تختار، قريبا جدا، إما أن تمنح الفلسطينيين المواطنة أو الاستقلال، وأن تختار إما أن تكون ديمقراطية أو دولة تمييز عنصري "أبارتهايد."

وإلى الآن لم تدعو أي من تلك الجماعات الولايات المتحدة إلى فرض ذلك الاختيار المفترض والوشيك، بغض النظر عن كم مرة أظهرت إسرائيل أنها تفضل خيارا مختلفا، أسهل كثيرا – وهو استمرار الاحتلال -دون أية عواقب حقيقية. كانت التداعيات الحقيقية الوحيدة من الاحتلال المستمر زيادة في التمويل الأمريكي لذلك الاحتلال، حيث تتلقى إسرائيل الآن مساعدات عسكرية إضافية من الولايات المتحدة أكثر مما تتلقاه بقية دول العالم مجتمعة. مخطئة الأصبع التي تضغط به، قضت هذه الجماعات الكثير من الوقت في صياغة انتقاداتهم للمستوطنات والاحتلال، ووقتا أقل بكثير في السؤال عما يمكن القيام به حيال ذلك.

ما يدعم الخيال بأن إسرائيل لا يمكنها الاستمرار في استعباد الفلسطينيين -وبالتالي الولايات المتحدة لن تكون متواطئة في عقود أخرى من الاستعباد -هو التباهي الذي يبدو أن لا نهاية له بالمخاطر المقبلة، كل واحد من تلك المخاطر، تزعم إسرائيل أو تأمل، أنه سوف يتسبب في أن تنتهي إسرائيل احتلالها في المستقبل القريب.

في بادئ الأمر كان التهديد تمثل في هجوم من الدول العربية لكن ذلك تبدد بعد فترة قصيرة: إسرائيل عقدت سلاما مع مصر أقوى دولة عربية؛ الدول العربية أثبتت أنها غير قادرة على الدفاع حتى عن سيادة لبنان أمام الغزو الإسرائيلي؛ وفي السنوات الأخيرة فشل الكثير من العرب حتى في تأكيد مقاطعتهم القائمة منذ أمد لإسرائيل.

ثم كان هناك التهديد الديموغرافي للأغلبية الفلسطينية بين نهر الأردن والبحر المتوسط. لكن الاحصاءات الإسرائيلية والفلسطينية الرسمية تؤكد أن اليهود لا زالوا أغلبية في الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل منذ سنوات، وبدون أي تداعيات: أغلبية دول العالم لا تزال تتحدث عن حكم غير ديمقراطي من جانب الأقلية اليهودية في المستقبل الافتراضي، وهو أمر غير مقبول في الوقت الحاضر.

ومؤخرا طفى تهديد العنف الفلسطيني المتجدد. لكن إسرائيل، بجيشها الأقوى في المنطقة، أظهرت مرارا أنها يمكن أن تتحمل وتصمد أكثر أمام تفجر المقاومة التي يمكن للفلسطينيين المنقسمين والمنتهين أن يحشدوا لها.

والتهديدات المقبلة أيضا نشأت فارغة. فالقوى الصاعدة المؤيدة اسما لفلسطين مثل الهند والصين ليس لدها حتى الآن أي تأثير سلبي على إسرائيل التي قوت علاقاتها مع البلدين. وحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات، رغم الصخب الذي تحدثه في بعض الجامعات الأمريكية، لم تتسبب في صدمة للاقتصاد الإسرائيلي أو في مستوى الرضى الذاتي عن الحياة لدى مواطني إسرائيل وهو من بين أعلى المعدلات في العالم.

وما يؤيده بعض المفكرين الفلسطينيين وحلفاءهم من التحرر على أساس دولة واحدة، ما يطلق عليه حل الدولة الواحدة، لم يحظى بتأييد أي فصيل فلسطيني وهو حل بعيد عن أن يحظى بدعم الأغلبية في الضفة الغربية وغزة. وإذا حاذ المقترح على زخم، فبإمكان إسرائيل مواجهته بسهولة بالانسحاب من الضفة الغربية كما فعلت مع غزة في 2005.

والتهديد الأحدث رغم أنه بالتأكيد ليس الأخير في هذه القائمة من التهديدات هو احتمالية حدوث تغييرات سياسية داخل أمريكا ومجتمعها اليهودي. باتت إسرائيل قضية حزبية أكثر من ذي قبل. تظهر استطلاعات الرأي أن أغلبية الديمقراطيين يفضلون فرض بعض العقوبات الاقتصادية أو اجراءات أخرى ضد المستوطنات الإسرائيلية. ومن بين اليهود الأمريكيين، هناك معدل متنامي للتزاوج مع غير اليهود الأمر الذي يقلل بدوره من الارتباط بإسرائيل، ونقسمت المنظمات اليهودية بشكل متزايد حول دعم الدولة. ورغم هذه المضايقة، بشكل رئيسي فيما بين اليهود الليبراليين، أظهرت استطلاعات رأي على مدى نحو أربعة عقود أن إجمالي الأمريكيين الذين يدعمون إسرائيل على الفلسطينيين في تزايد، ولم تترجم أي من الكتابات إلى تغييرات في السياسة الأمريكية.

بالنسبة للسياسيين الأمريكيين، لا تزال الحوافز الانتخابية والمالية تملي خط الأساس لدعم غير مشروط لإسرائيل. منحت الولايات المتحدة أكثر من 120 مليار دولار للدولة منذ بدء الاحتلال، وأنفقت عشرات المليارات الدولارات في دعم الأنظمة المؤيدة لإسرائيل التي تحكم سكان معاديين لإسرائيل في مصر والأردن، وقدمت مليارات أخرى للسلطة الفلسطينية شريطة أن تستمر في منع الهجمات والاحتجاجات ضد المستوطنات الإسرائيلية. ولا تشمل هذه النفقات كلفة (حماية) المصالح الأمنية الأمريكية من استياء العرب والمسلمين تجاه الولايات المتحدة لتمكينها وتمويل قمع الفلسطينيين في غزة والصفة الغربية.

بالنسبة للجزء الأكبر، فعل الفلسطينيون أنفسهم الكثير لدعم الوضع القائم. الأسطورة التي دعمها قادة الحكومة الفلسطينية هي أن التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي –وهي في الواقع يجعل الاحتلال أقل كلفة، وغير مرئي بصوة كبيرة لدى الإسرائيليين وسهل الحفاظ عليه -سيؤدي بطريقة أو بأخرى إلى نهايته. تمضي النظرية وتقول إن ذلك سوف يحدث إما بأن يولد السلوك الحسن للفلسطينيين ضغطا من الجمهور الإسرائيلي المقتنع أو لأن إسرائيل التي قد تحرم ذات يوم من لأعذار، سوف تجبرها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على منح الفلسطينيين استقلالهم.

وهذه هي الأسطورة التي تقف وراء الدعم المستمر لترتيبات أوسلو بعد أن كان مقررا أن تنتهي في 1999. كما أنها كانت قاعدة خطة لمدة عامين وضعها رئيس الوزراء السابق سلام فياض لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، والهدوء المستمر منذ 12 سنة والتعاون الأمني الوثيق مع إسرائيل تحت رئاسة الرئيس محمود عباس في الضفة الغربية.

النظير لهذه الأسطورة، الذي أطلقه المسؤولون الإسرائيليون والذي عانى منه صناع السياسة الأمريكية، هو أن إسرائيل لن تقدم تنازلات إذا تعرضت لضغوط لكنها سوف تفعل إذا احتضنت بحرارة. لكن السجل التاريخي يظهر عكس ذلك.

وأجبر الضغط الشديد من الولايات المتحدة بما في ذلك التهديد بفرض عقوبات اقتصادية، إسرائيل على الجلاء عن سيناء وغزة بعد أزمة السويس في 1956. كما أنها (الولايات المتحدة) أكرهت إسرائيل على الالتزام بانسحاب جزئي من سيناء في 1975. وهذا جعل إسرائيل تزعن لمبدأ انسحابها من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967 بما في ذلك الضفة الغربية وفي 1978 التوقيع على اتفاقات كامب ديفيد. وألزمت إسرائيل بعكس عمليات التوغل في جنوب لبنان في 1977 و1978.

وعلى نفس المنوال، كان الضغط الفلسطيني بما في ذلك مظاهرات حاشدة وعنف هو الذي عجل بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية. قدم رئيس الوزراء إسحاق رابين، الذي وافق على أول انسحاب إسرائيلي من أجزاء من الضفة الغربية وغزة، مقترحاته الأولية لحكومة فلسطينية ذاتية في 1989، عندما كان وزيرا للدفاع يحاول قمع الانتفاضة الأولى. حتى إسحاق شامير، الذي أصبح رئيسيا للوزراء ومعارضا قويا للتنازل عن الأراضي للعرب، طرح خطة للحكم الذاتي للفلسطينيين في وقت لاحق من ذلك العام.

ومع تطور الانتفاضة إلى نزاع عسكري على نحو متزايد في 1993، وأغلقت إسرائيل الأراضي المحتلة في مارس من ذلك العام، عقد المفاوضون الإسرائيليون اجتماعات سرية مع الفلسطينيين قرب أوسلو. هناك، طالب (الإسرائيليون) بإنهاء الانتفاضة وبعد فترة قصيرة وافقوا على إجلاء الحكومة العسكرية وتأسيس حكم ذاتي فلسطيني. وفي 1996، أدت الاشتباكات وأعمال الشغب التي عرفت باسم انتفاضة النفق إلى تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل مباشر بالتفاوض حول الانسحاب من أغلب الخليل وهو ما تعهدت إسرائيل بالقيام به بعد عدة أشهر.

وخلال الانتفاضة الثانية، زادت الهجمات الصاروخية من غزة سبع أمثال في العام الذي سبق إعلان رئيس الوزراء آرئيل شارون أن إسرائيل ستنسحب من القطاع. (وفقا لنقاط الحديث الإسرائيلية، انسحب الجيش وأصيب بالصواريخ، وكان بالفعل أصيب بصواريخ قبل انسحابه.) وبعد الانفصال عن غزة بفترة قصيرة وانتهاء الانتفاضة، صوتت أغلبية الإسرائيليين لصالح حزب كاديما، الذي كان يقوده رئيس الوزراء بالنيابة إيهود أولمرت الذي خاص الانتخابات ببرنامج انسحاب من نحو 91 في المئة من الضفة الغربية الواقعة شرق الجدار الفاصل.

ومع تضاءل سفك الدماء، تبدد شعور إسرائيل بالإلحاح إزاء المشكلة الفلسطينية. لم تقدم أية مقترحات جدية لانسحاب أحادي مرة أخرى حتى مع تصاعد مستوى العنف في الضفة الغربية والقدس أواخر 2015.

في النهاية، بالنسبة لإسرائيل، فإن أكثر الأساطير انتشارا هي عدم وجود شريك فلسطيني للسلام. الفلسطينيون يرفضون بلا رجعة أي مقترحات، الأمر الذي يساهم في انتشار هذه الحجة؛ لن يتخلوا عن أهدافهم المستحيلة ولن يقدموا تنازلات حقيقية أبدا، رغم كل اقتراح إسرائيلي قوي. الحقيقة هي أن تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية هو سلسلة طويلة من الهزائم العسكرية والتنازلات الأيديولوجية. كل واحدة من تلك (الهزائم والتنازلات) نقلت منظمة التحرير الفلسطينية ببطء من رفض أي وجود إسرائيلي إلى القبول والاعتراف بإسرائيل على خطوط ما قبل 1967، والتي تشكل 78 في المئة من فلسطين التاريخية. ولسنوات قام المجتمع الدولي بترهيب وترغيب منظمة التحرير الفلسطينية للقبول بدولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة أي 22 في المئة الباقية (من فلسطين التاريخية).

وعندما فعلت منظمة التحرير ذلك في النهاية في 1988، سحبت السجادة من تحتها. استيقظ الفلسطينيون ليجدوا أن 22 في المئة فقط من وطنهم حددت على أنها أقصى طلباتهم. كان شيمون بيريز من بين قلة من القادة الإسرائيليين الذين أقروا بحجم التنازل الذي قدمه الفلسطينيون. ووصفه بأنه "أعظم إنجاز" إسرائيلي.

في اخر ربع قرن من المفاوضات البديلة التي قادتها الولايات المتحدة، أدى عجز الفلسطينيين إلى المزيد من التنازلات. فقد قبلت منظمة التحرير الفلسطينية بأن تضم إسرائيل الكتل الاستيطانية، وقبلت بالتخلي عن أجزاء واسعة من القدس الشرقية، وأقرت بأن أي اتفاق لعودة اللاجئين الفلسطينيين من شأنه أن يبدد مخاوف إسرائيل الديموغرافية ووافقت على قيود عديدة على القدرات العسكرية والسيادية لدولة فلسطينينة مستقبلية.

خلال ذلك الوقت، لم تقدم إسرائيل للفلسطينيين أبدا ما تقدمه لكل بلد مجاور لها: انسحاب كامل من الأراضي المحتلة. مصر حصلت على السيادة على اخر بوصة من رمال سيناء. الاْردن أسس سلاما بناء على الحدود الدولية السابقة، واستعاد بذلك 147 ميلا مربعا. وتلقت سوريا في 1998 مقترحا من رئيس الوزراء نتنياهو (سحبه فيما بعد) بالجلاء التام من هضبة الجولان. وأنجز لبنان انسحابا إلى حدود حددتها الأمم المتحدة بدون الاعتراف بإسرائيل او عقد سلام أو تفاق هدنة معها.

رغم ذلك ظل الفلسطينيون ضعاف سياسيا وعسكريا لتأمين مثل هذا العرض ولن تُمارس الولايات المتحدة ولا المجتمع الدولي الضغط الضروري لإجبار إسرائيل على تقديم عرض. بدلا من ذلك تعرب الولايات المتحدة وحلفاءها عن دعمهم للحاجة لإنهاء الاحتلال، لكنهم لا يقومون بشيء يوجهوا به إسرائيل بعيدا عن خيارها المفضل بإدامة الاحتلال: التمتع بالمهر وانكار العروس.

لقراءة النص الأصلي.... اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: