لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أسوشيتد برس: جدال غاضب في مصر حول إصلاح الخطاب الديني

11:14 ص الخميس 27 أبريل 2017

لقاء بين الرئيس السيسي وشيخ الأزهر ووزير الاوقاف

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – سارة عرفة:

"كان صداما مذهلا بين الدين والسياسة. فقد اقترح الرئيس عبد الفتاح السيسي قانونا جديدا يحول دون الاعتداد بالطلاق الشفوي. لكن الأزهر، أعلى مؤسسة إسلامية في البلاد، رفض الفكرة قائلا ان الإسلام منح الرجال هذا الحق ولا شيء يمكنه تغيير ذلك،" هكذا استهلت وكالة أسوشيتد برس موضوعا نشرته يوم الأربعاء على موضوعا الإلكتروني عن الأزهر والخلاف المزعوم بينه وبين مؤسسة الحكم.

تقول الوكالة أنه "في الأشهر التي تلت ذلك، تصاعدت تلك المواجهة وتحولت إلى صدام عارم حول من يتحدث باسم الإسلام وكيفية اجراء الإصلاحات."

وأشارت إلى أن وسائل الإعلام الموالية للحكومة تتهم الأزهر بالفشل في تحديث تعاليمه لمواجهة الفكر المتشدد الذي يولد الحركات الجهادية والعنف مثل تلك الهجمات التي شنها تنظيم داعش مؤخرا على مسيحيي مصر، في إشارة إلى تفجيري أحد السعف في أبريل الجاري.

ومن المقرر أن يزور البابا فرانسيس، بابا روما، القاهرة هذا الأسبوع، ويلتقي مع شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، في ثاني لقاء بينهما ضمن المبادرة التاريخية للحوار الإسلامي المسيحي، وفقا للوكالة.

ولفتت أسوشيتد برس إلى أن الأزهر يحظى بمكانة مرموقة في مصر وفي جميع أنحاء العالم الإسلامي؛ كما أن جامعته التي يعود انشاؤها الى أكثر من ألف عام، تقوم بتعليم أجيال جديدة من رجال الدين السنة، وتنشر بحوثا يعتبرها كثيرون أبحاثا لا غنى عنها.

غير أن الوكالة قالت إن الأزهر محافظ في داخله، ويتسم بالحذر حيال الأفكار الجديدة والتشبث بسلطاته، رغم أنه يوصف بأنه معقل الفكر الإسلامي الوسطي.

وأشارت إلى إدانة الأزهر بشدة الهجمات الإرهابية وتنديده بالمفكرين المتطرفين كونهم يعمدون إلى تحريف الإسلام. لكن منتقديه، بحسب أسوشيتد برس، يقولون إنه يعاني من ذلك النوع من الحرفية والتزام نصوص التفسير التاريخية التي يستند إليها المتطرفون، تلك النصوص التي تغذي التعصب والتمييز ضد النساء والأقليات، بما فيهم المسيحيون.

وعرجت الوكالة في تقريريها إلى الباحث إسلام بحيري، الذي كان يدعو في برنامج تلفزيوني إلى تطهير كتب التفسير من الأفكار التي تروج للعنف والكراهية ضد غير المسلمين، كما أن الأزهر أوقف أحد أساتذته بزعم انه يشجع على الإلحاد كونه يقوم بتدريس مؤلفات كتاب ليبراليين، بحسب أسوشيتد برس.

ونقلت الوكالة عن النائب الموالي للحكومة محمد أبو حامد، الذي يعد مشروع قانون حول الأزهر يحد من سنوات عمل شيخ الأزهر، قوله "أمتنا لن تكون أبدا دولة حديثة ومدنية ما دام الأزهر لا يزال قائما على ممارساته الحالية."

ووصف الأزهر في بيان غاضب الأسبوع الماضي الانتقادات الموجهة إليه بأنه "خيانة" مصرا على أن خريجيه "رسل سلام وأمن وحسن جوار."

وقالت أسوشيتد برس إلى الحملة الحكومية تثير قلقا اخر، هو أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يحاول فرض سيطرة أكبر على الأزهر.

ويقول أنصار الأزهر انه كلما نُظر إلى الأزهر بأنه فرع من فروع الحكومة كلما قلت شرعيته كمتحدث باسم الإسلام. في الوقت عينه يرفض الشيوخ الراديكاليون الأزهر ويصفون رجاله بأنهم "شيوخ السلطان" ويرغبون في تحريف "الإسلام الحقيقي" لإرضاء رغبات الحاكم، على ما قالت أسوشيتد برس.

"تصادم غير عادي"
وأشارت الوكالة إلى دعوة السيسي عقب توليه السلطة في 2014، إلى "تجديد الخطاب الديني" قائلا إن على المسلمين إعادة التفكير في كيفية معالجة القضايا لوقف التشدد الإسلامي. لم يطرح السيسي أي تفاصيل قط، لكنه كلف الأزهر بتولي زمام المبادرة، بحسب أسوشيتد برس.

في العام الماضي، أبدى السيسي استياءه من عدم التغيير، محذرا من أن رجال الأزهر سيحاسبون أمام الله على عدم تجديد الخطاب الديني. وأمر وزيره لشؤون الأوقاف بكتابة خطب موحدة لجميع الدعاة المساجد، على الرغم من اعتراض الأزهر.

"ثم حدث تصادم غير عادي حول مسألة الطلاق في وقت سابق من هذا العام. وتسارعت الانتقادات خصوصا بعد أن هاجم انتحاريون من تنظيم داعش كنيستين في التاسع من أبريل، ما أسفر عن مقتل 45 شخصا،" وفقا للوكالة.

ولفتت أسوشيتد برس إلى أن البعض في وسائل الإعلام الموالية للحكومة ألقى باللوم على الأزهر، قائلين إنه لم يعالج التطرف.

وقال الإعلامي أحمد موسى، وهو واحد من أشد مؤيدي السيسي، على إحدى القنوات، صدى البلد، "إن الأزهر فشل في مكافحة الإرهاب".

وفي أعقاب الهجمات، أمر السيسي بإنشاء هيئة حكومية جديدة مكلفة بمحاربة الإرهاب ومعالجة التطرف، وهو ما اعتبر تحايلا على الأزهر، وفقا للوكالة.

ورد الأزهر بحدة غير معتادة، بحسب أسوشيتد برس؛ فعلى مدار أسابيع، عبرت صحيفة "صوت الأزهر" الأسبوعية عن سخطها من تلك الانتقادات، بل وألقت باللوم في تلك الهجمات الإرهابية على إخفاق الحكومة.

ودافع الطيب عن دور الأزهر وقال إن رجال الدين "يقفون بحزم ضد الأفكار الخاطئة التي تشوه الدين".

تقول أسوشيتد برس إن الأزهر في جوهره منظومة تعليمية تضم المئات من علماء الدين الذين يدرسون القرآن والسنة، فضلا عن مكتبة واسعة من تفسيرات تلك النصوص التي كتبها علماء على مر القرون. ومن واقع هذه الدراسات يقدمون تفسيرات وأطروحات وآراء حول المعتقدات والتطبيقات السليمة. وتخرج كلياته دعاة يعملون بمساجد في جميع أنحاء العالم.

وأضافت أن كتب التفسير هذه - التي يعود تاريخ بعضها إلى مئات السنين والمعروفة باسم "التراث"- باتت شريعة غير قابلة للنقاش تقريبا وتستخدم في مناهج الأزهر.

وأوضحت أن بعض هذه الكتب تتضمن أفكارا متشددة؛ فعلى سبيل المثال، أشارت وسائل الإعلام إلى كتب تعلم المسلمين عدم تهنئة المسيحيين في أعيادهم أو أن بناء الكنائس غير جائز. وتقول كتب أخرى إن قتال "الكفار" واجب أو أن أولئك الذين يرتدون عن الإسلام يجب قتلهم.

ونقلت الوكالة عن الكاتب الصحفي أيمن الصياد، الذي يتناول قضايا دينية، إن الفكر الجهادي "لا يأتي من لا شيء"، وإن المتطرفين يمكن أن يجدوا دعما في كتب التفاسير.

وقال الصياد "في مكتبة الأزهر، يمكنك أن تجد كتابين بجوار بعضهما البعض على الرف يعطيان آراء متعارضة حول موضوع واحد، مثل معاقبة المرتد".

"قراءة خاطئة"
وترى قيادة الأزهر أن الاستنتاجات التي توصل إليها الدعاة الراديكاليون والجماعات الإرهابية ما هي إلا قراءة خاطئة تماما، ومثل ذلك جواز تكفير المسلمين وقتل المدنيين واستخدام التفجيرات الانتحارية والدعوة إلى الجهاد ضد الدول الغربية وحلفائها في الشرق الأوسط. ويقول الأزهر إن العقوبات الشرعية مثل الرجم وقطع أيدي السراق غير قابل للتطبيق في العصر الحالي.

ومع ذلك، فإن النصوص التي تحتوي على تلك الأفكار تدرس في كليات الأزهر لأنها تعتبر جزءا من الشريعة وتتماشى مع تفسيراتها المعتدلة، وفقا للوكالة. كما تدرس في شبكة المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية الأزهرية بجميع أنحاء مصر، إلى جانب الرياضيات والعلوم وغيرها من المواد.

يقول منتقدون في وسائل إعلام موالية للحكومة إنه ينبغي التخلص من هذه النصوص. لكن الأزهر قاوم ما يراه تدخلا من "غير المتخصصين،" بحسب الوكالة.

وواجه الباحث الشاب إسلام البحيري أزمة عندما قال في برنامجه التلفزيوني إنه ينبغي تطهير كتب التراث من الأفكار التي تغذي الإرهاب.

وقضت محكمة جنائية بسجنه لمدة عام بتهمة "ازدراء الأديان"، وهي عقوبة نادرة، غير أنه أطلق سراحه العام الماضي بعفو رئاسي بعد أن قضى معظم فترة عقوبته.

إلا أن الأزهر، رغم أنه ينكر وقوفه وراء الدعوى القضائية التي أدت لمحاكمته، طالب بمنع البحيري من الظهور، متهما إياه بتقويض أسس الإسلام.

وقال البحيري في مقابلة مع أسوشيتد برس إن "القائمون على الأزهر غير ملائمين لإحداث تغيير، ولن يسمحوا لغيرهم بالقيام بذلك."

وأضاف "عندما قلت إن هذه الكتب خاطئة ولا تمثل الإسلام، أودعني الأزهر السجن، إنه يعزز أفكار المتطرفين."

من ناحية أخرى قال محمود مهنا، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن اللجان نقحت جميع كتب ومناهج المؤسسة. وأضاف "هي لا تحتوي على أي شيء يسيء للآخرين أو يدعو للإرهاب أو العنف. التراث صحيح، لكن من ينفذونه هم المخطئون".

ويقول الصياد "لن يكون هناك تجديد للخطاب الديني، أو أي شيء آخر في هذا الشأن، ما لم يسد مناخ الحرية في المجتمع."

فيديو قد يعجبك: