نيويورك تايمز: أوروبا تلجأ للردع النووي خوفا من ترامب
كتبت- رنا أسامة:
تطرّقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلى فكرة جديدة بدأت تحظى باهتمام واسع في دوائر السياسة الأوروبية، تقوم على "إنشاء برنامج أسلحة نووية يتبع الاتحاد الأوروبي".
بموجب خطة كهذه، من الممكن أن يُعاد استهداف ترسانات فرنسا النووية من جديد لحماية باقي أجزاء أوروبا، وأن توضع تحت قيادة أوروبية مشتركة، أو خطة تمويلية، أو عقيدة دفاعية، أو رُبما مزيج مُشترك يجمع بين الثلاثة. ومن الممكن سنّ تلك الخطة في حال توقّفت القارة الأوروبية عن الاعتماد على الحماية الأمريكية.
وتقول الصحيفة إنه على الرغم من عدم إمكانية انضمام دول جديدة إلى النادي النووي تحت مِظلة هذا المُخطط، فإنه في حاجة إلى تصعيد غير مسبوق من القوة العسكرية الجماعية في أوروبا، وانفصال جِذري عن القيادة العسكرية.
ويقول محللون إن المحادثات، حتى وإن لم تدخل حيّز التنفيذ أبدًا، فإنها تعكس شعورًا متزايدًا في أوروبا بضرورة إجراء خطوات تصعيدية لتأمين ترتيبات ما بعد الحرب في عصر رئاسة ترامب، وعودة روسيا، وما يمكن أن يحدث من تواءم بين الاحتمالين.
ونقلت نيويورك تايمز عن الباحثة في العلاقات الخارجية بالمجلس الألماني، جانا بوجليرين، قولها إن: مجموعة من كبار المسؤولين الأوروبيين طرحوا بلا شك مناقشات عامة حول هذا الشأن، في الصحف والمجلات، واللقاءات الإذاعية، والأفلام الوثائقية التليفزيونية."
وأضافت: "هذا الأمر لافِت للنظر في حد ذاته. أنا مُندهشة حقًا أننا نناقش تلك الخطة علنًا ونتحدّث عنها أمام الجميع."
خطة نووية بديلة
تُشير الصحيفة إلى دعم رئيس الوزراء السابق في بولندا، ورئيس حزبها الحاكم الآن، ياروسلاف كاتشينسكي، لبرنامج الاتحاد النووي الأوروبي، في لقاء أجراه في فبراير الماضي مع صحيفة ألمانية.
غير أن الدعم الأهم جاء من رودريش كيسيويتر، مُشرع القانون والمتحدث باسم السياسة الخارجية مع الحزب الحاكم في ألمانيا، الذي منح الخيار النووي مصداقية أكبر بإثارته إيّاه على نحو أوسع بعد انتخاب ترامب رئيسًا لأمريكا.
وأشار إلى أن البرنامج النووي يشترط توافر أربعة عناصر رئيسية: تعهّد فرنسي بتوظيف أسلحته في خدمة دفاع أوروبي مشترك، تمويل ألماني لإظهار الطبيعة الجماعية للبرنامج، قيادة مشتركة، وخطة لتمركز الرؤوس الحربية الفرنسية في دول أوروبية أخرى.
وتوقّع كيسيويتر عدم زيادة الرؤوس الحربية في أوروبا بموجب تلك الخطة، وإن كان من الممكن أن تشهد انخفاضًا حال انسحبت الولايات المتحدة، بحسب قوله.
ولفت إلى أنه يتطلّب إرساء مبدأ واضح، للسماح لأوروبا بإدخال أسلحة نووية في الصراع غير النووي، عقد مقارنة بينه وبين البرنامج النووي الإسرائيلي، الذي يُعتقد تسهيله شن هجوم نووي ضد الهجوم التقليدي الساحق.
"هي أسلحة سياسية. استخدامها يجب أن يكون غير متوقّع"، هكذا قال كيسيويتر، مشيرًا إلى أن القوى النووية الصُغرى غالبًا ما تتبنّى نظريات غامضة، ولفت إلى أن الهدف الذي ينطوي عليه البرنامج النووي الأوروبي الجديد ينبغي أن يتمحور حول دفاعات أوروبا، التي يُنظر إليها باعتبارها مسألة حاسمة بالنسبة لوحدتها الداخلية، وكذلك موقفها الدبلوماسي الدولي.
وينتاب مُشرّعي القانون الألمان، من كافة الأطياف السياسية، القلق من احتمالية عقد الرئيس الأمريكي ترامب صفقة كُبرى مع روسيا، بعيدًا عن أوروبا. ويعتقد أن البرنامج النووي الأوروبي من شأنه إتاحة الفرصة لأوروبا للحفاظ على استقلالها.
"حقل ألغام سياسي"
حتى الآن، فإن نوايا كيسيويتر لا تخرج عن كونهت مجرد "إثارة مناقشة" لمعالجة هذه المشكلة الضخمة المسكوت عنها.
أعرب كيسيويتر عن أمله في إنهاء ترامب الشكوك المُثارة حول التزامات الأمن الأمريكي لأوروبا، بتقديم الخطة النووية البديلة.
وحذّر المحلل الألماني من مركز الدراسات الأمنية في سويسرا، أوليفر ثرانيرت، من أن أي خطة "لن يتكون باهظة الثمن فقط، وإنما ستكون بمثابة حقل ألغام سياسي مليء بالتبِعات السياسية المُحتملة غير المرغوبة."
ورأى أن التحدّي الأكبر قد يتمثّل في الجهة المتحكمة في الترسانة الفرنسية، وموقعها.
وتتشارك الولايات المتحدة في الوقت الراهن في الرؤوس الحربية مع حلفاء ممن تتسم جيوشها العسكرية مُجهّزة لتوصيل الأسلحة، مثل ألمانيا، بما يمنح البرنامح المصداقية والثقة في قدرته على الدفاع عن البلدان الأوروبية.
فيديو قد يعجبك: