"هآرتس": تصويت الأمم المتحدة بشأن القدس أفاد إيران وأضر بإسرائيل
كتبت – إيمان محمود:
اعتبرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن الاجتماع الطارئ بشأن القدس الذي عُقد الخميس، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ترك إسرائيل مرة أخرى دون عاصمة مُعترف بها، التهديدات التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسفيرته لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، لم تفشل فقط في مساعدة إسرائيل، بل وضعت الإدارة الأمريكية في خندق ضيق لم يوجد فيه سوى مقاتلين اثنين وهما إسرائيل والولايات المتحدة.
وكان ترامب قد هدد بقطع المساعدات الأمريكية عن الدول التي ستصوت لصالح مشروع القرار في الأمم المتحدة، قائلا: "نحن لا نعبأ بذلك، ولكن الوضع لن يكون مثل الماضي عندما كان يمكنهم التصويت ضدنا ثم يحصلون على مئات الملايين من الدولارات من الولايات المتحدة".
وأضاف "شعبنا سئم من استغلال بلادنا ولن نسمح باستغلالها بعد الآن". وأشاد ترامب بتصريحات هيلي التي قالت فيها إن الولايات المتحدة سوف تراقب التصويت و"تسجل أسماء الدول" التي ستصوت لصالح مشروع القرار.
وقالت الصحيفة، في تحليل نُشر اليوم على موقعها الإلكتروني، بشأن التصويت الذي أُجرى بالأمس، أن التصويت العالمي بعدم الثقة في الرئيس الأمريكي، ستعاني منه إسرائيل في المرة القادمة التي تسعى فيها إلى عقد اتفاق مع المجتمع الدولي للتعاون المُشترك ضد إيران أو أي عدو آخر.
لكن على الأقل النضال في الأمم المتحدة من أجل القدس جعل البعض ينسى تاريخ 12 ديسمبر الذي قدّم فيه الكونجرس الأمريكي مشروع قانون يدعو إلى فرض عقوبات جديدة على إيران بشأن برنامجها النووي، أما التاريخ المقبل فهو 15 يناير، والذي من المفترض أن يقرر فيه "ترامب" موقفه من الاتفاق.
ولفتت الصحيفة إلى أن الكونجرس متعجلاً للطرق الحديد وهو ساخن، منذ ألمح الرئيس الأمريكي إلى تغير موقف الولايات المتحدة من الاتفاق تغييرًا جذريًا، وإذا كان الكونجرس يريد أن يدعم إسرائيل في مسألة ذات أهمية كبيرة لأمنها القومي -كما يريد نتنياهو إقناع الناس- فسيكون لديهم وقتًا كافيًا لصياغة التشريعات المناسبة، ولكن يبدو أنه لم يكن سحر ترامب فقط الذي تبدد، بل سحر نتنياهو أيضًا، على حد وصف الصحيفة.
وقالت الصحيفة، إن العداء بين الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والولايات المتحدة بشأن العقوبات، والخوف من خرق الاتفاق النووي، أثر أيضًا على التصويت، وولد قوة دافعة بشكل سلبي لرفض أي اقتراح ضد طهران لمجرد أن ترامب هو الذي قام باقتراحه، وهو بالطبع أمر خطر على إسرائيل.
إيران والدول العربية يتفقان في وجهة النظر حول القدس، وبالتالي نتيجة التصويت على مشروع القرار مُفرحة بالنسبة لهم، على الرغم من أن القرار رمزي وغير مُلزم.
واعتمدت السياسة الإيرانية على مدار عقود على التباعد بين أوروبا وروسيا والولايات المتحدة، إلى أن وحدهم مجلس الأمن الدولي عندما قررت سلسلة من العقوبات الصارمة على طهران بين عامي 2006 و2012، بحسب الصحيفة.
وخلال تلك السنوات؛ عقدت إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية محادثات غير مثمرة، واعتمدت إيران على "اقتصاد المقاومة" للبقاء على قيد الحياة، وعقب انتخاب حسن روحاني، وافق المرشد الاعلى للجمهورية الإسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي، على المفاوضات مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى المانيا من أجل التوصل إلى اتفاق يخرج إيران من الأزمة.
وعلى الرغم من أن خامنئي يعتبر الاتفاق بأنه انتصار للنظام وإنجازًا تاريخيًا للثورة الإسلامية، فإن الاتفاق كان ولايزال يتعرّض لانتقادات واسعة من قبل العناصر المحافظة والراديكالية في إيران. كما خيّب الاتفاق طموحات الإصلاحيين الذين يقولون إنه لم ينتج حتى الآن أي تغيير حقيقي في الاقتصاد أو في حقوق الإنسان.
وأظهرت احصائيات البنك الدولي تحسنًا كبيرًا في الاقتصاد الإيراني، وانخفض التضخم إلى ما يقرب من 9%، بعد أن كانت نسبته 35% في عام 2013، كما ارتفع الدخل الحكومي بشكل سريع بسبب التجارة الدولية. ويبلغ حجم الميزان التجاري الإيراني أكثر من 30 مليار دولار، بحسب الصحيفة.
وحققت إيران نجاحات على مستوى السياسية الخارجية، تشمل انتعاش النظام السوري ومشاركة إيران في جميع التحركات الدبلوماسية المرتبطة بحل الأزمة في سوريا، بالإضافة إلى نفوذها الاقتصادي والسياسي في العراق؛ وفشل المملكة العربية السعودية في كسب الحرب في اليمن ووجودها في لبنان، على حد تعبير الصحيفة.
وترى الصحيفة الإسرائيلية، أن إيران أصبحت قوة إقليمية يمكنها أن تقرر التحركات الاستراتيجية حتى في البلدان التي لا تتدخل فيها عسكريًا، كما نجحت بنفسها في استئصال تنظيم داعش من العراق بفضل الميليشيات التابعة لها، في حين لم تمنح الولايات المتحدة، العراق سوى 5.3 مليار دولار كمساعدات.
وقالت إن إيران لها علاقات مع تركيا وقطر، وحتى مع الامارات، والذي هم شركاء مع المملكة العربية السعودية في محاولة للحد من تأثير إيران الإقليمي ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط، كما أعلن رئيس أركان الجيش الباكستاني الذي زار إيران مؤخرًا أن بلاده ستوسع علاقاتها مع إيران.
أكدت الصحيفة، أن هذه التغيرات الديمغرافية يمكن أن تضمن فعلاً أن إيران ستلتزم بالاتفاق النووي، إذ أن طهران لا تريد المخاطرة باتفاق يتيح لها التخطيط الاقتصادي على المدى الطويل.
فيديو قد يعجبك: