"فورين آفيرز": رغم الحضور الروسي.. إسرائيل تتحدى وجود إيران في سوريا
كتب - عبدالعظيم قنديل:
تحت عنوان "إسرائيل ترسم خطاً أحمر في سوريا"؛ نشرت مجلة "فورين آفيرز" الأمريكية تقريراً الجمعة، والذي قالت فيه إن الغارات، التي قامت بها إسرائيل في وقت سابق من الشهر الجاري، بعثت رسالة واضحة إلى إيران، وهي أن الدولة اليهودية لن تتسامح في أي وجود عسكري إيراني قرب حدودها.
وشنت طائرات حربية إسرائيلية، مطلع الشهر الجاري، غارة جوية على مواقع عسكرية بالقرب من العاصمة السورية دمشق. والتي استهدف منطقة جمرايا التي تضم مركزا للبحوث العلمية ومستودعات أسلحة لقوات النظام السوري وحلفائه.
ومنذ بدء النزاع في سوريا في 2011، قصفت إسرائيل مرارا أهدافاً عسكرية لجيش النظام السوري أو أخرى لحزب الله في سوريا. كما استهدفت مرات عدة مواقع قريبة من مطار دمشق الدولي.
وقالت المجلة الأمريكية إن رسائل تل أبيب ناجمة عن مخاوف حقيقية في أن تصبح سوريا قاعدة عسكرية للنظام الإيراني وحلفائه، والذي سيشكل تهديد للحدود الشمالية الإسرائيلية، فضلاً عن الترسانة الصاروخية لحزب الله اللبناني، والتي يقدرها المسئولون الإسرائيليون بأكثر من 100 ألف صاروخ.
وأضاف التقرير أن طهران ليست القوى الوحيد التي تستهدفها رسائل إسرائيل، حيث تُعد روسيا هي اللاعب الرئيسي داخل سوريا حتى الآن، وبرغم التحالف الروسي الإيراني على الأراضي السورية، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يتردد في العمل ضد إسرائيل إذا لزم الأمر، لكن تل أبيب وموسكو لديهما مصالح مشتركة في سوريا، وهذه المصالح المشتركة قد تساعد إسرائيل على تنفيذ خطتها ضد إيران.
"تغير خارطة التحالفات"
وذكرت المجلة الأمريكية أن إيران تعُد عنصراً فاعلاً في محور المقاومة ضد النفوذ الإسرائيلي والأمريكي بالشرق الأوسط، مشيرة إلى العلاقات التاريخية التي تربط دمشق وطهران.
ووفق التقرير، يبدو أن إيران تتطلع لأكثر من بقاء الأسد، خاصة بعد أن استقر موقفه بالداخل، كما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن مزاعم بأن إيران تقوم ببناء قاعدة عسكرية دائمة جنوب دمشق، على بعد 50 كيلومتراً فقط من الحدود الإسرائيلية.
فعلى الرغم من التعاون الوثيق بين القوات الروسية والإيرانية ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا،
وأضافت الصحيفة، أن المصالح الروسية والإيرانية تتباعد، عندما يتعلق الأمر بمستقبل سوريا، لاسيما وأن مخططات إيران لإقامة موطئ قدم دائم في سوريا لن تُسبب أزمة بالنسبة لإسرائيل فحسب.
وبحسب التقرير، يأمل الكرملين في نهاية المطاف أن يختتم مشاركته في الحرب الأهلية السورية بتعزيز موقفه كقوة جيوستراتيجية مهمة حول العالم، ومع ضم القرم والتدخل في سوريا، كان بوتين يحاول إعادة التأكيد على أن بلاده لاعباً لا غنى عنه في معادلة المصالح الأمريكية.
وأوضح التقرير أن روسيا دأبت على دفع عملية السلام بين المعارضة السورية من جانب والرئيس السوري من جانب آخر، إلا أن الوجود الدائم للميليشيات الشيعية الموالية لإيران في سوريا سيحول دون التوصل إلى مثل هذه الصفقة ويهدد الاستقرار الإقليمي.
وعلاوة على ذلك، فإن روسيا لن تكون قادرة على دفع مشروع القانون لإعادة الإعمار السوري في حد ذاته - وفقاً لمبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، وإعادة بناء البلاد سيُكلف ما لا يقل عن 250 مليار دولار. ولكن لا الغرب ولا السعوديين سوف يستثمران في هذا المشروع إذا كانت الحرب بين إسرائيل والقوات الموالية لإيران في سوريا تبدو مُرجحة.
وعلى الرغم من الحكمة التقليدية حول التحالف الإيراني الروسي، فإن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة في سوريا تخدم بشكل غير مباشر المصالح الروسية.
"صداقة مؤكدة"
ويعترف الكرملين بأن الضغط من إسرائيل يمكن أن يُقوي يده عندما يتعلق الأمر بإقناع الأسد بأنه لا ينبغي أن يسمح لإيران بتنفيذ خططها الواضحة لإنشاء قاعدة عسكرية دائمة في سوريا.
والواقع أن موسكو تتعاون ضمنياً بالفعل مع الإسرائيليين بطرق تقوض طهران في هذا الصدد.
كما رأى التقرير أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتخذ خطوات غير مسبوقة لإقامة علاقات طيبة مع إسرائيل، مضيفاً أن رغبة بوتين في الاستماع إلى اهتمامات إسرائيل والتعاطف معها ينتُج عن علاقاته الشخصية الوثيقة مع اليهود الروس. عندما كان بوتين طفلاً، تقاسم عائلته شقته الجماعية التي يبلغ طولها 20 متراً مع عائلة يهودية دينية.
وتُضيف المجلة الأمريكية، أن العلاقة الدافئة بين روسيا وإسرائيل حالت دون اشتباك قواتهما الجوية في سماء سوريا، وبعد فترة وجيزة من دخول الروس الحرب الأهلية السورية أقامت الدولتان خطا هاتفياً ساخناً بين مركز قيادة الطيران الروسي فى قاعدة حميميم الجوية ومركز قيادة القوات الجوية الإسرائيلية.
ونتيجة لهذه الاتفاقات، قام الطيارون الروس بمهامهم في سوريا دون خوف من إسقاطهم من قبل الدفاعات الجوية الإسرائيلية بالقرب من الحدود السورية الإسرائيلية، وتمكن الطيارون الإسرائيليون من مهاجمة أهداف إيرانية وحزب الله داخل الأراضي السورية دون مما يدعو للقلق عن طريق الخطأ في تشغيل الطائرات المقاتلة الروسية.
"مواجهة وشيكة"
ورجح التقرير أن تبادر إيران بالرد على الغارات الإسرائيلية على أهدافها داخل سوريا، ومن غير المتوقع أن يُثني رد الفعل الإيراني إسرائيل عن نيتها إزالة إلى خطر إيراني يقترب من حدودها السورية، ومن المحتمل أن تحاول إيران مواصلة السعي إلى تعزيز الحشد العسكري في سوريا على الرغم من التحذيرات الإسرائيلية، الأمر الذي سيثير المزيد من التوترات.
وسيتطلب تهدئة هذه الدورة الخطيرة تدخلاً دبلوماسياً، في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث لفتت المجلة الأمريكية أنه الشخص الوحيد المؤهل للعب هذا الدور، لأنه يتمتع بالمصداقية والنفوذ الكافي للتوصل إلى اتفاق بين إيران وإسرائيل.
واستثمرت روسيا الكثير للحفاظ على نظام الأسد في السلطة، وفق التقرير، وخطط إيران لتوسيع نطاق نفوذها واستخدام سوريا كقاعدة لتهديد إسرائيل تعرض هذا الاستثمار للخطر.
وعلى المدى الطويل، من غير المرجح أن يترك بوتين هذا النشاط دون نهاية، ونتيجة لذلك، فإن التدخل الدبلوماسي الروسي من المرجح أن يُقلل من وجود وقدرات القوات الموالية لإيران في سوريا. ومن وجهة نظر إسرائيل، قد لا يكون هذا أسوأ نتيجة.
فيديو قد يعجبك: