جدل حول أخلاقيات الصحافة بعد نشر "وثائق لا أساس لها" عن ترامب
كتب – سامي مجدي:
أثار قرار موقع "بازفيد" بنشر تقرير استخباراتي مليء بمزاعم العهر التي لا أساس لها عن سلوك الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب المزعوم في روسيا، عاصفة سياسية وجدلا حول أخلاقيات وسائل الإعلام، بحسب صحيفة الجارديان البريطانية.
ورغم أن "بازفيد" قال إنه غير قادر على التحقق من مصداقية التقرير المؤلف من 35 صفحة، إلا أنه أصر على نشره قبل عشرة أيام من تنصيب ترامب.
وقالت الجارديان إن قرار نشر المزاعم التي يحتويها التقرير دون التحقق منها أجبر وسائل إعلام أخرى على تكرار المزاعم أو تجاهل القصة التي انتشرت على الانترنت انتشار النار في الهشيم.
ذلك جعل بعض النقاد يهاجمون "بازفيد" ويصفونه تصرفه بغير المسؤول، بحسب الصحيفة.
وكانت شبكة "سي ان ان" وغيرها من وسائل الإعلام كشفت الثلاثاء وجود الملف الذي يحوي عبارة عن معلومات جمعها ودونها عميل سابق من جهاز الاستخبارات البريطانية تعتبره أجهزة الاستخبارات الأمريكية ذا مصداقية، بين يونيو وديسمبر 2016 لصالح معارضين سياسيين لترامب.
يتضمن الملف أيضا معلومات يبدو أنها محرجة لترامب من بينها وجود تسجيل فيديو له مضمون جنسي صوره عناصر من الاستخبارات الروسية سرا خلال زيارة قام بها ترامب إلى موسكو في العام 2013 بهدف استخدامه لاحقا لابتزازه.
ونفى الرئيس المنتخب تلك المزاعم واستنكرها في تغريدة قال فيها: "معلومات كاذبة - حملة سياسية مغرضة".
والملف عمل عليه عميل استخباراتي بريطاني سابق لصالح مناوئين جمهوريين لترامب أثناء الانتخابات التمهيدية التي فاز فيها قطب العقارات النيويوركي. في وقت لاحق عمل العميل الاستخباراتي لصالح الديممقراطيين والذين خسرت مرشحتهم هيلاري كلينتون أمام ترامب في انتخابات 8 نوفمبر.
وقالت الجارديان إنها ووسائل إعلام أخرى راجعت الوثائق في الأسابيع الأخيرة ورفضت نشرها لعدم وجود طريقة للتحقق منها بشكل مستقل.
بدأ الملف بالانتشار في الأوساط السياسية والإعلامية في واشنطن منذ أسابيع، حسبما أوردت وسائل إعلام أمريكية منها نيويورك تايمز.
زادت هذه التكهنات يوم الثلاثاء عندما أوردت شبكة سي إن إن الإخبارية أن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية قدموا للرئيس المنتخب ملخصا من صفحتين للملف، وعرضوا عليه تقريرهم الذي رفعت عنه السرية جزئيا الجمعة.
وأفادت الصحيفة البريطانية بأنها وشبكة سي إن إن أوردتا أيضا أن السيناتور جون ماكين تسلم نسخة من مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي اي) جيمس كومي الشهر الماضي، لكن حُجبت أكثر التفاصيل إثارة، لعدم وجود ما يدعمها.
بعد ساعة من قصة سي إن إن، مضى "بازفيد" خطوة للأمام ونشر الوثائق.
وقال الموقع إن "بازفيد نيوز ينشر الآن الوثيقة الكاملة التي يمكن أن تجعل الأمريكيين يكونون رأيا حول مزاعم عن الرئيس المنتخب والتي تم يتم تداولها على أعلى مستويات الحكومة الأمريكية."
وأشار الموقع إلى مصدر الوثائق وحقيقة أنها تحتوي على "بعض الأخطاء الواضحة،" مثل كتابة اسم شركة روسية بالخطأ.
وقالت الجارديان إن رئيس تحرير "بازفيد"، بن سميث، أصدر بيانا بعد ساعات قليلة يدافع فيه عن نشر الوثيقة معتبرا ذلك من قبيل الشفافية الصحفية في حقبة شديدة التحزب.
وضخم سميث من التحذير الذي أطلقه "بازفيد" في قصته الأساسية، التي قال فيها إن هناك "سببا جديا للشك في المزاعم،". وقال إن "نشر هذه الوثيقة لم يكن أمرا سهلا أو بسيطا. أصحاب النيات الحسنة قد لا يوافقون على خيارنا. لكن نشر هذا الملف يعكس كيف نرى وظيفة الصحفيين في 2017."
وقالت الجارديان إن بعض الصحفيين البارزين ومسؤولين تنفيذيين في وسائل إعلام نددوا بما فعله "بازفيد."
ديفيد كورن، رئيس مكتب واشنطن في مجلة "ماثر جونز" والذي كشف في أكتوبر الماضي وجود الوثائق دون ذكر لتفاصيل ما جاء فيها، انهى سلسلة تغريدات بالقول: "حتى دونالد ترامب يستحق النزاهة الصحفية."
أما فوفلفغانغ بلو، المسؤول الرقمي في مؤسسة "كوندي ناست انترناشونال"، وهو مسؤول تنفيذي سابق لدى صحيفة الجارديان، فكتب على تويتر يقول "ناردا ما تكون قصة ما منافية للأخلاق من كل زاوية ممكنة: المصدر، المحتوى، النتيجة، الراسل، الهدف."
أيضا براد هيث، وهو صحفي استقصائي لدى صحيفة "يو اس ايه توداي" غرد "الأمر ليس عن كيف تعمل الصحافة: لديك شيء ما قد يكون أو قد لا يكون صحيحا، بدون دليل داعم، الأمر متورك لك أن تقرر مشروعيته."
وألقى آدام غولدمان من صحيفة نيويورك تايمز، بمسؤولية التمهيد لنشر القصة على شبكة سي إن إن. وغرد: "تسلسل الأحداث: سي إن إن وجدت طريقا للحديث عن التقرير وبازفيد استخدمت ذلك سببا للنشر (الوثائق). الناقدون الإعلاميون سوف ينشغلون."
على الجانب الاخر، أثنى رئيس منظمة "بروبابليكا" للتحقيقات الاستقصائية، ريتشارد توفل، على "بازفيد" وقال "المواطنون يجب أن يمتلكوا الدليل ليدرسوه بأنفسهم."
وقالت المدونة "لوفار" إن المزاعم، رغم أنها غير مثبتة، بحاجة إلى أن تؤخذ على محمل الجد لأن مديري أجهزة الاستخبارات يبدو أنهم منحوها بعض المصداقية.
وأشارت إلى أن ترامب يرفض باستمرار تقارير الاستخبارات بأن روسيا اخترقت الانتخابات الأمريكية.
وأضافت "كل ذلك يقول للجميع: مهلا، أخذوا نفسا عميقا. لا يجب أن نفترض أن هذا ببساطة حلقة ‘أخبار مزيفة‘ موجهة لنزع المصداقية عن ترامب أو أن الجسر تحطم الآن وأن الحقيقة ظهرت أخيرا... المسألة بالمناسبة هي أن الصحافة تستحق الكثير من المصداقية."
فيديو قد يعجبك: