زواج القاصرات السوريات في المخيمات.. حياة وأحلام حطمتها الحرب
كتبت- هدى الشيمي:
التقت صحيفة الجارديان البريطانية، بعدد من اللاجئات السوريات في مخيمات اللاجئين في لبنان، والأردن، وأربيل العراق، أجبرتهن ظروفهن الناجمة عن أوضاع بلادهن على الزواج في سن مبكر.
وكان من بينهن، داليا، - اسم مستعار - التي وافقت على الزواج برجل لم تقابله سوى مرة واحدة. تزوجته لأنها تعلم أن عائلتها النازحة من مدينة حمص السورية وتعيش في مخيم للاجئين بإحدى المدن اللبنانية، لن تستطع النجاة نظرا لظروفهم المادية الصعبة.
تقول الجارديان، في تقرير على موقعها الإلكتروني، إن داليا كانت في السادسة عشر من عمرها عندما تزوجت من رجل في السابعة والعشرين من عمره، وهي الآن في الثامنة عشر ولديها طفلة صغيرة، وتشعر بالندم الشديد لموافقتها على إتمام الزيجة، إلا أن الفتيات في وضعها لم يكن لديهن حرية القرار خاصة وأن والدها العامل لا يستطيع الانفاق عليها وعلى شقيقاتها الأربعة.
انقطعت الفتاة السورية عن الدراسة بعد مغادرة حمص، إذ كانت انذاك في المرحلة الثانوية، وتخطط للالتحاق بالجامعة. تقول "انتهي بي الحال زوجة وأم. لن أسمح لابنتي أن تعيش نفس التجربة أبدا".
ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، هناك 6 في المئة من الفتيات السوريات في لبنان يتزوجن مبكرا، وتترواح أعمارهن ما بين 12 إلى 17 عاما.
تقول الصحيفة البريطانية إن الزواج المبكر لا يعد شيئا جديدا على المجتمع السوري، إلا أن نسبته ارتفعت منذ اندلاع الحرب.
ويعد زواج القاصرات من المشاكل المتفاقمة داخل مجتمعات اللاجئين وخاصة في الأردن، ولبنان، والعراق ومصر، بحسب منظمة "فتيات ولسن عرائس" الخيرية.
وتشير لاكشمي صندارام، المدير التنفيذي للمنظمة الخيرية، إلى أن أغلب العائلات تلجأ إلى تزويج بناتهن القاصرات للتخفيف العبء الاقتصادي، إذ أنهم يعتقدون أن الزواج هو الوسيلة الوحيدة لتأمين حياتهن، وتحسين اوضاعهن.
ولفت عدد من العاملين في المنظمات غير الحقوقية المعنية بحقوق اللاجئات لاقتناع القاصرات بأن الزواج أفضل من التواجد داخل المخيمات، إذا يحصلن في النهاية على خصوصية ولا يتعرضن للعنف والاعتداء الجسدي الذي تتعرض له الفتيات في المعسكرات، ولكنهن يتفاجأن بالحقيقة فيمعن من اللعب وينقطعن عن التعليم، ويُجبرن على البقاء في المنزل، وينجبن الأطفال في سن لم تكن أجسداهن اكتملت بعد، مما يعرضهن للخطر.
وفي حالة مماثلة، تزوجت "زادة"، - اسم مستعار - 18 عاما، منذ عامين من شاب في الثالثة والعشرين من عمره، التقت به أول مرة عندما ذهب لخطبتها في معسكر لاجئين بأربيل في كردستان العراق.
وقالت إنها تخيلت أن حياتها ستكون أجمل كثيرا، خاصة وأنه في فترة الخطوبة تعامل معها بحب وعطف شديدين، ثم اكتشفت بعد الزواج أنه كذب عليها وأنه خانها مع فتيات أخريات، واغتصب بعضهن، واعتدى عليها اشقائه خلال غيابه من المنزل، وضربها بقسوة بعد شكوتها له.
والآن، لا تستطيع زادة مغادرة منزلها لأن زوجها هددها بالقتل. تقول "لا استطيع مغادرة منزلي، ولا استطيع العمل، الشيء الوحيد الذي أرغب فيه هو العودة إلى المدرسة".
وتعيش السورية نور – اسم مستعار، 18 عاما، في مخيم بأربيل أيضا، وبعد زواجها بشهرين فقط ضربها زوجها، فتركته بعد انجاب طفلة وعادت بها إلى بيت عائلتها. قالت نور إنها ترغب في الطلاق إلا أن عائلتها لن تستطيع تحمل تكلفة تربية ابنتها، وحاولت اقناعها بالعدول عن الفكرة التي لا تتناسب مع عادتهم الشرقية.
تشير الصحيفة إلى أن الزواج المبكر لا يؤثر على الفتيات الصغيرات فقط، إلا أنه يؤثر أيضا على نسبة الزواج في البلاد المضيفة، وبحسب منظمات عالمية فإن نسبة العنوسة لدى الفتيات زادت بعد انتشار الزواج المبكر بين اللاجئات السوريات، ونتيجة لذلك يتحول الأمر إلى منافسة بين الفتيات، ويؤثر على حالتهن النفسية.
فيديو قد يعجبك: