وورلد تريبيون: هل توقّع كيسنجر زوال إسرائيل بعد 10 سنوات؟
كتب محمد الصفتي:
نشرت موقع وورلد تريبيون المهتم بالشؤون الاستخباراتية والتحليلات السياسية تحليلا لما هو وراء تصريحات نقلتها كاتبة أمريكية عن وزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كسينجر ونشرت بجريدة نيويورك تايمز، وتنبأ فيها بزوال إسرائيل في غضون عشر سنوات.
ورغم أن مكتب كسينجر نفى التصريح إلا أن الكاتبة أكدته، واهتمت وورلد تريبيون به لما ''عرف عن كسينجر من عدم التعاطف الكامل مع إسرائيل وانزلاقه إلى مايعرف بمتلازمة (كراهية الذات) المنتشرة الآن كالصيحة بين النخبة اليهودية''، كما يقول كاتب التحليل.
ويقول الكاتب إنّ ''كيسنجر'' ليس بنجم البوب المرفّه ولا الأستاذ الجامعي الثوري حتى نتجاهل كلامه ولكنّه سياسي محنك خبير مسؤول عمّا يقوله.
يتناول التحليل ما إذا كانت هناك بالفعل تهديدات محدقة بوجود إسرائيل هي التي دفعت نجم كسينجر لتلك التصريحات فيبدأ بالإشارة لترجيح ذلك استناداً لوجود إسرائيل في بؤرة الانقلاب التاريخي الحادث وانهيار البنية السياسية للشرق الأوسط والتي كانت متسيّدة الوضع منذ إبرام معاهدة كامب ديفيد وما أحدثه ذلك الانهيار من سحابة عملاقة من الفوضى والركام قد يتبلور منها تهديدات حقيقية للدولة العبرية.
ويساعد على بلورة تلك التهديدات في رؤية المحلل إهمال إدارة ''أوباما'' للشرق الأوسط وكذلك غموض مستقبل أوروبا وتنامي إيران كقوة إقليمية نووية محتملة وسعي تركيا لإعادة عظمة الدولة العثمانية.
غير أن التحليل يعود ليطمئن الإسرائيليين قليلاً بأنّ الصورة ليست قاتمة بهذا الشكل ''فإسرائيل تلك الدولة الغريبة عمّن حولها والمحاطة بعالم من السلطوية والتطرف الديني والطغاة المجانين لازالت تملك اقتصاداً قوياً طويل النفس وتكنولوجيا فائقة وجيشاً حديثاً ونظاماً ديمقراطياً مرناً''، حسب ما ذكر الكاتب.
ويتوقع كاتب التحليل أن تكون الأنظمة العربية المنتظرة بعد انهيار النسق السياسي الإقليمي أبعد ماتكون عن الاستقرار كما هو الحال في مصر أو لن تستطيع إقامة دولة من الأساس كما هو الوضع في سوريا وهم لا يملكون المصادر المالية ولا البشرية القادرة على مجابهة إسرائيل.
وانتقل الكاتب إلى إيران وقال إنها للغوص أكثر في مستنقع الصراع السني- الشيعي بضلوعها في أزمات سوريا والبحرين وسعيها لامتلاك القنبلة النووية ماهو إلا نوع من الابتزاز إذ أن ماتملكه إسرائيل من الأسلحة النووية كفيل بإنهاء وجود النظام الإيراني بل دولة إيران نفسها.
ويقول الكاتب إنّ تركيا ستظلّ تئنّ تحت الضربات الموجعة للأكراد الذين يمثلون لتركيا (كعب أخيل).
ويشبّه الكاتب حال إسرائيل الآن بحال مملكة داوود التاريخية التي كانت تقف بمفردها في مواجهة أعداء كثيرين إلا أنهم كانوا مشتتين وغير منظمين.
ويضيف الكاتب أن مصر الآن غارقة في الصراعات والمؤامرات الداخلية والصراع مع البدو المسلحين بينما تفصل صحاري سيناء والنقب الدولتين بشكل طبيعي، مشيرا إلى أن سوريا لم تستطع أن تكسر كرامة إسرائيل مثلما عجز ملوك آرام الدمشقيين.
وبالنسبة للفلسطينيين قال الكاتب إن لا تستطيع حماس وحزب الله لا يستطيعوا سوى توجيه بعض ضربات موجعة لإسرائيل لا تؤثر كتهديد حقيقي لبقاء إسرائيل.
ويشبّه التحليل السلطة الفلسطينية الفاسدة المتسلقة من وجهة نظره بالعمونيين إذ تحاول إضعاف تأثير إسرائيل عبر المساعدات العالمية.
ويقول التحليل إنّ إيران وتركيا أمامهم طريق طويل للعب دور الآشوريين والبابليين كقوى مؤثرة.
ويخلص التحليل من هذا إلى أنّ إسرائيل بقوة جيشها واستقرار اقتصادها تستطيع الحفاظ على أمنها باللعب على وتر تناقضات أعدائها وبالدخول في تحالفات قصيرة الأجل مع جيرانها.
كما يقول الكاتب إن روسيا هي القوة العظمى الوحيدة القادرة نظرياً على تعزيز نفوذها في المنطقة، ملفتا إلى أن مصالح الكرملين وإسرائيل يمكن أن تتلاقى على نطاق واسع على أساس قاعدة (عدو عدوّي هو صديقي) والأعداء المشتركين لإسرائيل وروسيا في المنطقة يتمثلون في تركيا والإسلام السنّي، على حد قوله.
ويرى الكاتب أن علاقة الغرب بإسرائيل تشكل تهديدا حقيقيا عليها، موضحا أن أوباما والاتحاد الأوروبي يسعون على المدى الطويل لإعادة ضبط العلاقات مع الأنظمة الجديدة في العالم العربي.
ويقول الكاتب إنّ المنطق فرض على ''أوباما'' والأوروبيين التخلص من كل العقبات التي تقف في طريق إعادة الضبط هذا وأنّ (خيانة) الغرب لمبارك الذي كان يمثل حجر الزاوية لسياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لسنوات عديدة كانت إنذار مبكر بهذا.
ويكمل: ''إذا كان التخلص من ''مبارك'' أحد متطلبات عملية إعادة ضبط العلاقات فماذا سيمنعهم من فعل نفس الشيء مع إسرائيل؟ لا شيء بالطبع''.
ويضيف الكاتب أنّ اقتصاد إسرائيل مرتبط بالاتحاد الأوروبي وشرعيتها السياسية مستمدة من العلاقات بالولايات المتحدة وإذا أغلقت تلك القنوات فستنهار إسرائيل في سنوات معدودة إذ لن تستطيع البقاء كدولة معزولة.
ويقول أيضاً إن الإسرائيليين اعتادوا نمطاً مرفهاً من الحياة والتواصل الثقافي والعلمي والتعليمي مع الغرب لن يتحملوا فقدانه كما أنّ قوتهم العسكرية تعتمد جذريّاً على أمريكا حتى أن نظامهم الصاروخي الدفاعي الحيوي بشدة لإسرائيل هو مشروع مشترك بين إسرائيل وشركة ''رايثيون'' الأمريكية.
ويختم الكاتب تحليله بالإشارة إلى أنّ براجماتية الغرب تجاه إسرائيل متجذّرة في سيكولوجيات السياسة الغربية وهو ما يصفه بالعبث والجبن ويرى مثالاً لتلك البراجماتية في تصريحات ''كيسنجر'' بشأن زوال إسرائيل خلال عشر سنوات.
فيديو قد يعجبك: